سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تسريب الوثائق سرطان استشري في جسد واشنطن: إدوارد سنودن..أسقط القناع الأمريكي عن الديمقراطية والحريات
سنودن .. أفقد واشنطن سيطرتها علي العالم فأضعفها وأنهك قواها السياسية نشر الوثائق ضربة موجعة للاستخبارات الأمريكية
مأزق أوباما "ينادون بالحريات وحقوق الإنسان وينسون أنفسهم" هذا ما كشف عنه إدوارد سنودن الأمريكي البالغ من العمر 29 عاماً، والموظف السابق في وكالة الإستخبارات الأمريكيةCIA بعدما أظهر وجه واشنطن القبيح، ضارباً عرض الحائط بالتهديدات التي يتلقاها كل ثانية بالاعتقال أو القتل، متحدياً الإدارة الأمريكية وصقورها، فأزاح الستار عن وثائق توضح تجسس الولاياتالمتحدة علي مستخدمي الإنترنت حول العالم، من خلال عملية مراقبة ضخمة تقوم بها وكالة الأمن القومي الأمريكي NSA للاتصالات الهاتفية وبيانات الإنترنت من شركات كبيرة مثل جوجل وفيسبوك. معلومات سرية سربها لصحيفتي "واشنطن بوست" الأمريكية و"الجارديان" البريطانية، لتكون أكبر عمليات التسريب في التاريخ الأمريكي وفضيحة جديدة لإدارة الرئيس باراك أوباما. فهذه الوثائق، تكشف في مجملها سعي الإدارة الأمريكية لتأمين نفوذها في أنحاء العالم وإحكام قبضتها عليه، بل إنها أسقطت ادعاءات واشنطن بأنها دولة تحترم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. فبعض المعلومات المثيرة، التي نشرها سندون بشأن استخدام وكالة الأمن القومي برنامجا للتجسس علي بيانات الاتصالات الهاتفية والإنترنت، والتي أثارت استياء واشنطن؛ تعيش الولاياتالمتحدة حالة انقسام حيث يري الكثير من المتابعين للشئون السياسية أن التسريبات الأخيرة تكشف نفاق وغطرسة واشنطن، والكيل بمكيالين في سياستها، فكيف لدولة تنادي بالحريات وحقوق الإنسان وهي تنتهك حرية مواطنيها، وتقمع وتقهر العالم بأسره من خلال تنصتها علي خصوصية الآخرين. وبرغم ذلك إلا أن الدرس المهم فيما يبدو حتي الآن هو سهولة سرقة كميات هائلة من المعلومات وصعوبة الحفاظ علي الأسرار. ووفقاً للصحف العالمية، أنه لم يسبق في التاريخ أن فقدت قوة عظمي مثل هذا الكم الهائل من المعلومات الحساسة، والبيانات التي يمكن أن تضر بمصالحها الأمنية والسياسية والاستراتيجية. فلم يسبق أن اهتزت ثقة حلفاء الولاياتالمتحدة بها بمثل هذا القدر من السوء. والآن، ظهرت الصورة علي حقيقتها دون تزييف أو تجميل أو تلاعب وانكشف وجه واشنطن الحقيقي، مثلما انكشفت آراؤها من خلال تسريبات ويكليكس نحو العديد من البلدان وقادتها. فقد أتت الوثائق الجديدة التي كشفها سنودن بمثابة ضربة موجعة للدفاع الوطني، والمخابرات الأمريكية. يشار إلي أن سنودن، فني سابق بوكالة الاستخبارات الأمريكية، يعمل موظفاً في شركة "بووز آلين هاملتون"، وهي شركة استشارية تقدم خدماتها للحكومة الأمريكية في مجالات الدفاع والاستخبارات وغير ذلك، مما منحه وصولا لمستندات وكالة الأمن القومي التي قام بنشرها. وكان قد قدم معلومات لصحيفتي الجارديان البريطانية وواشنطن بوست الأمريكية، وهو في هونج كونج، التي فر إليها في 20 مايو الماضي، أن وكالة الأمن القومي الأمريكي كانت تطلع علي كميات كبيرة من بيانات الإنترنت والحصول علي كافة المعلومات، مثل البريد الإلكتروني وغرف المحادثة والصور، بالإضافة إلي حفظ سجل الاتصالات لمستخدمي الانترنت في أي مكان في العالم عبر وكالة الأمن القومي الأمريكي، مما يتيح لمحللي الاستخبارات الأمريكية مراقبة وملاحقة أهداف يتصورون أنها إرهابية. وتستخرج هذه البيانات الرقمية مباشرة من خوادم شركات الإنترنت كشركة مايكروسوفت وياهو وجوجل وفيس بوك وآبل، بموجب برنامج حكومي يعرف باسم "برزم" PRIMS. وهناك برنامج ثان متعلق برصد بيانات الاتصالات الهاتفية التي تقوم به وكالة الأمن القومي من مزود الخدمة "فيرايزون" verizon. فيما نفت هذه الشركات قيامها بمنح الحكومة الأمريكية بوابة خلفية ضمن مخدّماتها تسمح بالاطلاع علي معلومات المستخدمين. وصرح سنودن للصحيفة أنه يعلم بأن ما فعله سبب له المعاناة، لكنه قال بأن خوفه الوحيد هو من أي ضرر قد يصيب عائلته، حيث يعمل بعض أفرادها حالياً كموظفين في الحكومة الأمريكية. وأضاف سنودن بأن الحكومة الأمريكية قد منحت نفسها قوة ليست من حقها، حيث لا توجد رقابة عامة علي أفعالها، قال أنه فعل ما فعله مدفوعاً بواجبه المدني. وحذر سنودن من أن مدي نطاق برنامج المراقبة الذي تقوم به السلطات الأمريكية سيظهر حتي لو تم إسكاته في النهاية، فقادة الولاياتالمتحدة لن يستطيعوا إخفاء الحقيقة باعتقاله أو قتله. فيما أكد علي أن المزيد من المعلومات سيتم الكشف عنها قريباً ولن يمنع إلقاء القبض عليه أو موته نشر مثل هذه المعلومات. وادعي سنودن أنه لم يكشف عن وثائق بشأن العمليات الأمريكية التي تخص الأهداف العسكرية المشروعة، حيث قال إنه ركز بدلا من ذلك علي العمليات التي تستهدف البنية التحتية المدنية ألا وهي الجامعات والمستشفيات والشركات الخاصة. ووصف هذه العمليات المشينة بشكل سافر والتي تمثل انتهاكا للخصوصية، تعد خطأ أيا كان الهدف. فلم يعلن الكونجرس الحرب علي تلك الدول؟ التي يعد أغلبها حلفاء لكن وبدون أخذ تصريح عام، تدير وكالة الأمن القومي الأمريكية شبكة واسعة من عمليات المراقبة ضدهم، تؤثر علي ملايين الأشخاص الأبرياء. وحول رد الفعل في واشنطن علي ما قام به سنودن، وصفه نائب الرئيس الأمريكي السابق ديك تشيني، بالخائن، فيما ذكره سنودن بأنه الرجل الذي أجاز خطط التنصت دون ترخيص كنوع من التمهيد لصراع راح ضحيته أكثر من 4 آلاف أمريكي وأصاب نحو 32 ألف شخص آخرين، كما أسفرعن مقتل أكثر من 100 ألف عراقي. واعتبر سنودن أن وصف تشيني له بالخائن هو أكبر شرف يمكن أن يمنح لمواطن أمريكي. وقد خرج الرئيس أوباما بتصريحات ذكر فيها أن الولاياتالمتحدة قامت بهذا الفعل من أجل حماية أرواح المواطنين الأمريكيين لكن المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان قالت إن اللجوء إلي هذه المراقبات لم يمنع ارتكاب حوادث إرهابية آخرها حادث بوسطن في الولاياتالمتحدة. وأضاف أوباما قائلاً: إن برامج مراقبة الاتصالات من جانب الاستخبارات الأمريكية حظيت بموافقة الكونجرس، مؤكدا لشعبه أن لا أحد يتصنت علي مكالماتهم. فيما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه بشأن معلومات تجسس علي اتصالات الأوروبيين، وأنه سيطلب معلومات عن هذه القضية من السلطات الأمريكية. ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست"، وجه القضاء الأمريكي تهمة التجسس لسنودن، إضافة إلي تهم أخري، كسرقة واستخدام ممتلكات حكومية خلافاً للقانون، ونقل معلومات تتعلق بالدفاع الوطني، والنقل المتعمد لمعلومات مخابرات سرية لشخص غير مسموح له بالاطلاع عليها وذلك حسب الاتهام الجنائي الذي يعود تاريخه إلي 14 من الشهر الجاري. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إن مذكرة توقيف صدرت بحق سنودن، الذي بدأ بتسريب تفاصيل عن برامج أمريكية واسعة لرصد المكالمات الهاتفية ومراقبة اتصالات الإنترنت. وتوجد بين الولاياتالمتحدة وهونج كونج معاهدة تبادل المطلوبين، لكن يمكن لبكين استخدام الفيتو ضد تسليم سنودن. وفي هونج كونج، لزمت السلطات الصمت، بشأن مصير سنودن قبل طلب متوقع من الولاياتالمتحدة بتسليمه لمواجهة اتهامات بالتجسس. فيما أعلن الآيسلندي أولافور سيجورفينسون رئيس شركة داتاسل أحد شركاء ويكيليكس، أن طائرة خاصة باتت جاهزة لنقل ادوارد سنودن من هونج كونج إلي آيسلندا. وكان مؤسس ويكيليكس جوليان آسانج صرح أنه كان علي اتصال مع ممثلين عن سنودن للتباحث في طلب اللجوء المحتمل لدي السلطات في آيسلندا. وقالت آيسلندا إنها أجرت محادثات رسمية مع وسيط من قبل سنودن حول إمكان تقدمه بطلب لجوء سياسي، إلا أنه يتعين عليه أن يكون علي أراض آيسلندية. وكان سنودن أعرب عن اهتمامه باللجوء إلي آيسلندا قائلا، إنها تدافع عن حرية الإنترنت. إلا أن مراقبين يرون أن تحالف يمين الوسط الحاكم حاليا في آيسلندا قد يفضل عدم إثارة غضب الولاياتالمتحدة، مقارنة بالحكومة اليسارية السابقة. وصرحت وزيرة داخلية آيسلندا هانا كريستيانسدوتر أن الحكومة لا تشعر بأنها ملزمة بالقرار الصادر في 2010 عن البرلمان، والذي يسعي إلي جعل البلاد ملاذاً آمناً لكل الملاحقين سياسياً من كل أنحاء العالم بسبب الإنترنت.