احتفل الصوفية ومحبو آل البيت منذ أيام بمولد السيدة زينب رضي الله عنها. والسيدة زينب بنت الإمام علي بن أبي طالب، وبنت السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله ([)، وشقيقة الحسن والحسين.. ولدت في شهر شعبان سنة 6 ه بعد مولد الحسين بسنتين، وتزوجت عبدالله بن جعفر الطيار في عهد عمر ابن الخطاب بالمدينة. وكانت السيدة زينب بجانب ورعها وتقواها صاحبة قلب شجاع، وعقل راجح، وقد شاهدت معركة كربلاء التي استشهد فيها الإمام الحسين وآل بيت الرسول الكريم[ وواجهت يزيد بن معاوية بكل شجاعة بعد أن سيقت إلي بيته وجادلها وحاول أن يبرر ما حدث للإمام الحسين بكربلاء، وواجهته بأنه حاكم جائر يقهر الناس بسلطانه. لقد شاهدت السيدة زينب مصرع أخيها الحسين، وشاهدت مصرع آل بيتها بيد قتلة لا تعرف الرحمة إلي قلوبهم سبيلا.. يقاتلون آل البيت، ولم تردعهم كلمات الإمام الحسين وهو يصيح فيهم: »أعلي قتلي تجتمعون.. إني لأرجو الله أن يكرمني بهوانكم، ثم ينتقم لي من حيث لاتشعرون«. لقد بكت السيدة العظيمة أخاها أحر البكاء، وظل هذا اليوم.. يوم كربلاء عالقا في ذهنها طوال حياتها. وأذكر أنني قرأت في بدايات الشباب كتاب الأستاذ خالد محمد خالد (أبناء الرسول في كربلاء).. وتوقفت طويلا عند (الحسين في يومه العظيم).. ووجدت عيني مملوءة بالدموع، وأنا أقرأ هذه اللوحة التي رسمها المؤلف لهذا اليوم الحزين. كان النهار قد لفظ آخر أنفاسه، ومالت الشمس للغروب، مخلفة وراءها شفقا عجيبا في حمرته الزاهية ووهجه المتألق، وقد امتد علي طول الأفق، وكأنه بساط وضع ومهد لتعرج عليه إلي جنان الله أرواح الشهداء، وعلي غير عادة الطقس والمناخ في ذلك الحين وفي تلك الأرض دوت طلقات قوية صادعة كأصوات الرعود، ولقد حسبها المجرمون نذيرا لهم ولكن لا.. فهم أهون علي الله من ذلك. إنما هي السماء كانت تطلق مدافعها تحية .. تحية إجلال للمهمة التي أنجزها الشهداء، وتحية استقبال للأرواح التي كانت قد بدأت رحلة خلدها إلي حيث تتلقي من يمين الرحمن ما أعده لها مثوبة ونعيما وعطاء. ومعروف أن السيدة زينب دخلت مصر سنة 61ه، وتوفيت بها في 15 من رجب سنة 62ه. وصدق الإمام الشافعي حين قال في حب آل البيت: يا آل بيت رسول الله حبكم.. فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الفخر أنكمو.. من لم يصل عليكم لا صلاة له.