نظمت جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين »توميا« والجمعية المصرية لتنمية الأعمال »ابدأ« السبت الماضي مؤتمرا اقتصاديا يعرض تجربة صعود الاقتصاد التركي، ويتم خلاله تبادل الخبرات بين مستثمرين من مصر وتركيا، وذلك تحت رعاية السفير التركي بالقاهرة حسين عوني بوطصالي. زكي اكنجي رئيس مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين أكد أن تركيا ترغب في رفع حجم التبادل التجاري مع مصر إلي 10 مليارات دولار، وزيادة استثماراتها إلي 5 مليارات دولار، خلال 5 سنوات مشيرا إلي أن المؤتمر يأتي في إطار قيام كبار المسئولين الأتراك وفي مقدمتهم الرئيس التركي (عبد الله غول) ورئيس وزراء تركيا (رجب طيب أردوغان) بتشجيع المستثمرين الأتراك علي الاستثمار في مصر. وأضاف إن عرض تجربة الاقتصاد التركي في مصر هدفه هو أن يستفيد المصريون منها للنهوض بالاقتصاد المصري ومعرفة كيفية صعود اقتصاد تركيا لاختيار ما يناسب مصر للنهوض باقتصادها ليناسب ما تستحقه مصر من مكانة. وأشار أكنجي إلي أن تركيا لم تعد دولة مدينة، وإنما هي الآن دائنة لدول العالم ب 32 مليار ليرة تركية أي ما يعادل 17.7 مليار دولار. أوضح أكنجي أنه خلال فترة العشر سنوات السابقة نجحت تركيا في الوصول بمتوسط نسبة النمو إلي 5.2٪ واحتلت تركيا المركز 16 من الدول الاقتصادية الكبري في العالم. وأضاف أن مقارنة بعض المؤشرات الاقتصادية التركية عامي 2002 و2011 تؤكد حجم النجاح الذي حققته تركيا في عشر سنوات، حيث كانت نسبة التضخم 29.7 نقطة وأصبح 6.1 وحجم الصادرات التركية الذي كان 36 مليار دولار أصبح 135 مليار دولار. وأضاف إن تركيا جذبت خلال السنوات العشر الأخيرة 122 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة مقابل 14.8 مليار دولار بين 1980 و2003 في إشارة الي فترة ما قبل تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا. وقال إنه كان في تركيا 5 آلاف و600 شركة برأس مال أجنبي عام 2002 في حين يبلغ عدد هذه الشركات حاليا 32 ألف شركة. ومن جانبه قال حسن مالك، رئيس الجمعية المصرية لتنمية الأعمال"ابدأ"، إن التجربة التركية هي الأقرب للاقتصاد المصري وحققت معدلات نمو مرتفعة للغاية وصلت لنسبة 8.5 ٪ عام 2011 كما كانت ضمن العشر الأوائل في العالم بالنسبة لجذب السياحة ب30 مليون سائح بدخل يقترب من 30 مليار دولار مقارنة بتسعة ملايين سائح عام 1998 وأشار إلي أن الرئيس المصري محمد مرسي يثمن دور القطاع الخاص، معتبرا أنه بعث برسالة لتأكيد ذلك خلال استقباله الأسبوع الماضي عددا من رجال الأعمال المصريين. ودعا مالك رجال الأعمال الأتراك إلي زيادة معدلات استثماراتهم في مصر والسعي لتحويل الدراسات الموجودة عن المشروعات الكيماوية والنسيج والزجاج إلي واقع عملي، مشيرا إلي أن الجمعية المصرية لتنمية الأعمال ستعقد مؤتمرا اقتصاديا عالميا كل عام لدعم الاقتصاد المصري وسوف تبدأ هذا العام مع دول الأسيان. ومن جانبه وجه السفير التركي حسين عوني عدة نصائح للمصريين مؤكدا أنه حتي يشعر المواطنون بالتقدم ونتائج الثورة وتخرج مصر من أزماتها الاقتصادية والسياسية. وقال أن مصر ليست دولة فقيرة ولكن هناك حالة من الشعور بغياب الوحدة الوطنية بين المصريين. وأضاف السفير التركي أنه لا يجب أن يشعر المصريون بخيبة أمل في مستقبل مصر لأنها دولة مهمة وشركاؤها في العالم إقليميا ودوليا لن يتركوها وكل عملية تحول في العالم لها مراحلها المختلفة والمرحلة الحالية مؤلمة لمصر وستتخطاها بأبنائها للوصول إلي الديمقراطية الحقيقية. وأكد عوني أهمية ألا تؤثر الخلافات السياسية في مصر علي مستقبل مصر وضرورة أن يتم المزج بين جميع الاتجاهات يكون هدفه المصلحة الوطنية وألا ينفصل حزب أو اتجاه بالقيادة السياسية حتي يشعر جميع الأطراف بأنهم موجودون. وأوضح عوني أن الديموقراطية لا تنشأ بين عشية وضحاها ولكن عبر سنوات وأجيال وخير دليل ما حدث في تركيا في الثمانينيات بسبب رغبة الشباب في التحرر من الأنظمة الشمولية حيث كان يموت كل يوم بمعدل 25 تركيا. وأوضح أن علاقات البلدين مر عليها في العهود السابقة أوهام ورؤي خاطئة مليئة بالشك ولكن في السنوات الخمس الماضية تصدت الحكومات والشعبان لعدم الثقة مؤكدًا أنه عندما تصبح علاقات البلدين جيدة فان جنوب المتوسط كله يصبح أكثر سلامًا واستقرارًا. وأضاف أن العالم كله سيكسب من الشراكة المصرية التركية، وقال للشعب المصري لا تندموا علي ما لم تحققوه لكن انطلقوا في طريقكم في إطار الديمقراطية والتسامح وقبول الآخر لأن العالم يحتاج مصر القوية التي تساعد في استقرار السلام والرخاء. وحدد عوني لكي تخرج مصر من عثرتها الاقتصادية حاليا عدة نقاط منها التركيز في مجال السياحة لأنه قاطرة التنمية في مصر ولن تستطيع مصر مضاعفة عدد الحاويات التي تمر بقناة السويس التي تمثل 17 ٪ من حجم التجارة العالمية تمر في القناة وتراجعت بنسبة 1 ٪ نتيجة للإضرابات والأحداث الأخيرة. وشدد علي أهمية استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر ولكن هذا لن يتأتي إلا بعودة الهدوء والاستقرار والبعد عن العنف الدائر في الميادين مع السير في إجراء المصالحات مع رموز النظام السابق واسترداد الأموال. ومن جانبه قال الدكتور محسن قار عميد كلية السياحة بجامعة نجم الدين أربكان بمحافظة قوينا التركية إن الاقتصاد التركي في فترة التسعينات كان يمر بظروف مشابهة للاقتصاد المصري حاليا مشيرا الي أن تركيا شهدت منذ عام 1986 الي 1999 نموا وصل إلي 5٪ فقط وكان معدل التضخم كبيرا كما أن المصادر الداخلية للاستثمار لم تكن موجودة وارتفعت نسبة العجز في الموازنة العامة وهو ما أدي إلي ارتفاع سعرالفائدة. وأضاف: إلي أن جاء عام 2001 وحدثت أزمة اقتصادية عنيفة في تركيا في ذلك الوقت وكانت الدولة في ذلك الوقت تلجأ إلي الاقتراض من القطاع الخاص ومن بعدها تم وضع إطار جديد للسياسات الاقتصادية وتبنت الدولة في ذلك الوقت برنامجا اقتصاديا وضعه صندوق النقد الدولي وقدم دعما ماليا للاقتصاد التركي وأدي ذلك الي إصلاح هيكلي وواكب ذلك مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية الخاصة بالتأمين الاجتماعي أما من ناحية التفاعل مع العالم الخارجي أصبحت تركيا طرفا فاعلا إقليميا ودوليا. وتابع: واتبعت الحكومة سياسة تسهيل الاستثمار الأجنبي المباشر فأصبح المستثمر يستطيع خلال 6 أيام أن يقيم مشروعا له في تركيا . وأشار إلي أن أهم ماساعد هذا النمو هو الاستقرار السياسي فتركيا في الفترة من 1989 إلي 2002 تم تغيير 12 حكومة أي أنه كان كل عام تقريبا حكومة جديدة إلا أنه منذ عام 2002 وحتي الآن هناك حكومة واحدة مستقرة . وأوضح أن تركيا لن تقف عند هذا الحد ولكنها تبحث خلال الفترة المقبلة إمكانية تصنيع التكنولوجيا وزيادة الاهتمام بالبحث العلمي وتوجيه الدعم المالي له بالإضافة إلي إدخال إصلاحات جوهرية علي التعليم . ونوه إلي اقتراح بأن يتم تخفيض ميزانية القوات المسلحة وضخ الفائض في الاقتصاد المصري حتي يتعافي ولكن بما لا يضر بمصلحة الأمن القومي لمصر ودعا عوني المصريين إلي التسامح فيما بينهم بهدف خدمة الصالح العام وأوضح شمشك، أن العديد من المؤشرات الأخري، تؤكد أن أسس الاقتصاد الكلي في تركيا مستقرة جدا، كما أن الاقتصاد التركي بات من أقوي اقتصادات أوروبا.