كل ليلة يلهث الملايين خلف الفضائيات التي تبث برامج ريم ماجد ويسري فودة وعمرو الليثي وإبراهيم عيسي ووائل الإبراشي وهاله سرحان وعماد أديب وغيرهم ممن يشغلون الفضاء بحوارات ومناقشات وجدل يقابله فضائيات أخري دينية تناقش المشهد السياسي من خلال منظور مختلف، والمواطن الذي يتلقي هذا السيل من المناقشات والتفسيرات والتحليلات المتعارضة والمتضاربة والمتناقضة، حائر بين التصديق والتكذيب والتأييد والرفض، بينما يلجأ البعض إلي الطريق الأسهل، ويضع وسائل الإعلام كلها في سلة واحدة، ورغم أنها غير مسئولة عن صناعة الأحداث، إلأ أنها متهمة دائما بالثرثرة وإشعال الحرائق وتعطيل الإنتاج، وشغل الناس بالجدل اليومي وإشاعة الفوضي السياسية، آخر ساعة وضعت القضية أمام بعض المهتمين بالشأن الإعلامي. في البداية يقول الدكتور رضا عكاشة أستاذ الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا برامج "التوك شو" سواء كانت الرياضية أو السياسية من أكثر آليات الإعلام في زرع الاحتقان بين الأفراد والجماعات والدول والشعوب أيضا، والإعلام قوة ناعمة تحول في الفترة الأخيرة إلي حالة من التوحش والخشونة التي تساوي وربما تفوق الآليات العسكرية الفتاكة برامج التوك شو تعد من أخطر مظاهر هذا التوحش. في الواقع السياسي المصري أصبحت هذه البرامج وسيلة للتعبير عن نفوذ رأس المال السياسي بشكل صارخ و"حالة الغل"التي عششت في رؤؤس بعض السياسيين هذا بالإضافة إلي "حالة الزعامة" التي صار يمارسها بعض الإعلاميين في هذه البرامج. فما بين رأس المال وبعض الساسة وبعض الإعلاميين زادت مساحة الاحتقان في الشارع المصري بشكل رهيب خاصة أن هذا المثلث استغل حالة الحرية وإن شئت فقل الفوضي السياسية التي وجدنا أنفسنا فيها خاصة بعد أن تساقطت بعض رموز الطغيان التي كانت تضبط حالة الأداء الإعلامي في الوقت السابق. ويختلف الكاتب الصحفي محمد الشبه"رئيس تحرير نهضة مصر" ورئيس تحرير برنامج 90 دقيقة الذي يقدمه الإعلامي عمرو الليثي علي قناة المحور عن برامج التوك شو مع د.عكاشة ويؤكد أنه ليس من المطلوب أن تكون هذه البرامج صوتها منخفض وليست مؤثرة بل يجب أن تكون عكس ذلك، وعموما نحن في سنة أولي حرية ويجب أن نتعلم من الأخطاء التي نقع فيها وأنا أري أن الإعلام يجب ألا يكون له سقف أو حدود للحرية ولا خطوط حمراء يجب ألا يتعداها وينبغي ألا نحمل الإعلام كل كوارث النظام السياسي فالإعلام له دور حقيقي وهام في رصد وتحليل الواقع والمشاركة في إيجاد الحلول. ويؤكد د.أحمد علي عثمان أستاذ علم نفس مقارنة الأديان علي أن معظم برامج التوك شو لاتتعامل مع الحدث بأمانة بل تقوم بتضخيمه وهذا فيه إثم كبير فإن هذه البرامج تسعي للإثارة وتحقيق الفرقعة الإعلامية وهذا بالتالي يؤدي إلي زيادة الشحن والضغط النفسي عند المشاهد فأنا أري أن مايحدث في هذه البرامج مجرد "مكلمة" للاستهلاك المحلي فقط وتضييع الوقت سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قال: (إذا أراد الله بقوم خيرا قل فيهم الجدل وكثر فيهم العمل). أما د. ثريا عبدالجواد أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية تري أنه كان يجب تطهير جهاز الإعلام من كل المناصرين والمؤيدين للنظام القديم ويعتبر الإعلام إلي الآن معقل بعض عناصر الثورة المضادة وبالتالي كون الإعلام ليس مستقلا وكونه يخضع لمنظومة وثقافة النظام البائد ففي مناقشة بعض القضايا بالتاكيد له مصلحة ألا يعرض الحقيقة وألا يكون اداءة لاستنارة الراي العام وبالتالي في بعض القضايا التي كانت تستلزم الحشد الجماهيري في أوقات الثورة وكانت تستلزم العرض بأمانة وحيادية في هذه المرحلة الحرجة والدقيقة.