من أكثر الكوابيس فزعا.. ورعبا.. التي نستعيذ منها بالدعاء إلي الله ألا يختبرنا بتلك التجربة هو موت الأبناء في حياة أهاليهم!! إنها الفزعة الكبري.. وعندما يقتلون في سبيل ثورة كرامة وعدل.. ولا يقتص من القتلة ولا تتحقق أهداف ثورة أكلت فلذات أكبادنا هنا فإن الوجيعة والألم.. لايقدر علي تحمله أحد!! إنها الأم فقط هي من تضحي بنفسها فعليا.. من أجل أولادها.. الحياة بالنسبة لها والمستقبل والوظيفة والسعادة والتحقق.. هي أمومتها لهؤلاء الأطفال تكبرهم يوما بعد يوم سنة بعد سنة. تفاصيل حياتهم اليومية.. هي إبداعها اليومي.. تأمينهم .. تعليمهم متعة وإنجاز وتحقق. تعبهم ليس راحة.. كما يقال إنما هو التعب اللذيذ والمشقة التي تختفي عند ضحكة بريئة وحضن تذوب فيه. ربما ينسينا .. حرمان الزمن والأيام. وغياب الرجل في حياتنا وربما أيضا تعويضه عندما يكون الحاضر الغائب.. وعامل القلق والنكد. وليس منبع المودة والرحمة كما أمرنا به سبحانه وتعالي لذلك.. عندما تحرم الأم.. من حياتها وتحققها وأملها ومستقبلها وسعادتها.. وسندها وهدفها من الحياة.. فأنت تنتزع منها كل ذلك.. فتخيل حياتك.. وهي منزوعة الحب والأمل؟ قسوة مختزنة وعذاب مقيم. إذن مرة أخري تخيل معي حالها .. وابنها يقتل بيد أشقاء الوطن ولكنهم من نسل مختلف. تربي علي الأخذ والتضحية بالآخرين .. تربي علي القسوة وموت الضمير.. تربي .. علي عدم وجود الله والآخرة والحساب وإلا بالله عليكم كيف استطاع ممارسة كل هذا الإجرام؟ عندما كنت في البيت أشاهد في الأيام الأولي للثورة.. تساقط الشباب تحت وابل الرصاص أو الدهس بالمدرعات وتحت عجلات (عربة سادية) وليس طائشة تعلم ماتفعل كنت أتساءل. أي شيطان هذا استطاع أن يدخل بكل هذه القوة المتعمدة المجنونة.. في أجساد شباب في مقتبل العمر ليحرمهم من الحياة والمستقبل؟ ورغم أنه في تلك اللحظة عند ربه يرزق .. ولكنكم لا تعلمون. ولكن الأكثر رعبا عندي. هو علمي أن هناك أما مثلي لايعود لها وليدها الذي لايكبر في عينيها أبدا. ستنتظر وتنتظر ولكنه لن يعود. سوف تعاني لحظات الرعب والشك.. بأنه قد يكون أحد هؤلاء الذين رأتهم يقتلون تحت سمع وبصر عدسات الفضائيات. فقد كان ( ماسبيرو) المتواطئ يقول إن كل شيء كان علي مايرام. تخيل معي .. وقد قطعت خطوط الهواتف مما منع أن يودع أحد الشهداء أمه أباه حبيبته وصديقه الوحيد. أو أن يصبر أمه أنه كان يريد أن يكون معها في أيامها الأخيرة. يحاول أن يعوضها عن أي تضحية قامت بها من أجله آه لو يعلم أنها لن تري ما فعلته حتي لو كان أيوب كفر بصبره من كثرة صبرها .. تضحية علي الإطلاق. إنها خلقت من أجله.. ولاتريد سوي وجوده علي قيد الحياة يتنفس فتتنفس معه.. يسعد فيسعد قلبها.. تلك هي مهمتها في الحياة ألا تفهم أيها الحبيب.. لقد خلقت لأجلك هكذا هو شعوري يوم أن وقعت عيناي عليك.. ووقعت في حبك.. في التو والحال! فكيف استطاعوا أن يحرموني منك؟ إنه قتل مع سبق الإصرار والترصد.. بشخصين أنا وهو. وبعد كل ذلك .. لايحاسب القتلة!! ويحاولون تشويه الثوار وسجنهم واعتقال الثورة؟ وبعد ذلك يطلبون منا تحت دعوي الاستقرار أن ننسي أولادنا ونستكمل الحياة كيف هي الحياة بدون أولادنا.. وبدون ترطيب تلك المحنة بحدوث التغيير الذي مات من أجله أولادنا؟ ❊❊❊ لم أنس أبدا الشهداء.. وعندي أمل أنه بعد حصول الرئيس مرسي علي صلاحياته الكاملة. أن يطلق سراح سجناء الثورة.. فلقد قضي علي العذر الذي سيق لنا.. بأن العسكر لايريدون الإفراج عنهم.. خوفا من عزيمتهم وإرادتهم وشبابهم فماذا هو عذرك الآن من الذين أوصلوك وغيرك لقصر الرئاسة؟ والأهم من ذلك.. العثور علي المفقودين الذين هم جذوة عذاب أكثر من الشهداء. فعلي الأقل نعرف مصير شهدائنا ومكانتهم عند الله.. ولكن أي مقارنة بعذاب الذي لايعرف هل ابنه حي أم ميت؟ يعذب في أقبية (الأمن الخاص) بدون أمل؟ أم مدفون في صحراء (السادية السياسية) لا يستدل أحد علي قبره.. لذلك سعدت بوجود مجموعة (شباب مرة أخري وليس كهول آخر العمر). يؤسسون جمعية (هنلاقيكم) إنهم ذاكرة الثورة وإرادتها ودعمها وقفتها مع الذين تبخروا من علي وجه الأرض كرضا هلال صحفي الأهرام الذي قيل إنه تمت تصفيته وإذابته في الأحماض من وزير الداخلية السابق ورجال أمنه غير الوطني.. هل ممكن أن تطلب من أم وأب.. أن ينسيا أنهما قد أنجبا هذا الشاب وتلك المليحة ونذكر فيلم (المنسي) الأمريكي علي محاولة مسح ذاكرة أم وأب من إنجابهما لطفل وطفلة عن طريق قدرات كائنات من كواكب أخري. فعلوا المستحيل لمحوهما من الذاكرة.. استسلم الأب. أما الأم فلم تستسلم ولم تيأس فكيف تعطل قلبك من الدم .. وكيف تنسي خلايا جسدك وعقلك.. بأن هذا الرحم لم يحمل هذا الابن وهذا الحب الحقيقي لم يعصف بكيانك يوما؟ لا.. لا.. لا.. يمكن!! إذن تخيل وضع هؤلاء الأهالي.. عندما يختفي الولد والبنت.. ويقولون لك .. انسي يا عمرو. ❊❊❊ كم شاهدت كثيرا من حلقات مسلسل الهروب لبلال فضل كاتبا ومؤرخا للثورة وكريم عبدالعزيز وعبدالعزيز مخيون وكثير من الشباب.. الذي يذكرني بشباب الثورة.. ثم المتألقة دلال عبدالعزيز في دور الأم الخائفة المذعورة علي الأولاد من الثورة.. ثم بعد مقتل ابنها الجميل (أحمد) وتلفيق تهم لابنها الثاني محمود.. تقول لزوجها: كان خوفي وحبي يمنعاك أنت وأولادي من الاشتراك في الثورة واليوم بعد موت ابني أطالبك أن تنجح الثورة وتأتي لي بحق ابني حتي لايموت بلا ثمن يعني فطيس كده ممكن؟ وكان مشهد مقتل ابنها وذهولها من قتله كان مشهد حمي الله أولادها لايمكن أن يصدر إلا من أم .. أبلغت فيه فعلا قتل وليدها كان البكاء وكان الانهزام وكان القوة وكان المناجاة.. وكان الحب والعناق.. كان وداع .. من لايمكن وداعه أبدا مهما طال الزمن. آه يا حبيبي آه يا ضنايا.. قتلوك.. موتوك؟ مش حاشوفك تاني يا ضنايا!! حرموك من شبابك يا قلبي حرموك من أمك يا أملي.. وكانت الضربة القاضية.. بعد أن ودعته وقبلته.. أطلقت زغرودة مجروحة مبتسرة.. في وسط دموعها ابني عريس.. شهيد. ولن أرتاح حتي آخذ بحقه؟ فهل أخذنا بحق الشهداء فعليا؟ بمحاسبة القتلة؟ لم يحدث؟ هل أخذنا بحق الشهداء بتحقيق أهداف الثورة؟ لم يحدث؟ إذن كيف ترتاح قلوب الأمهات.. ربما هناك أمل.. بعد استقرار الأوضاع وخروج من حموا الثورة.. بالسحل والتعذيب والسجن وقتل المتظاهرين من الصورة. أن تعاد المحاكمات وتظهر الملفات وتسمع الشهادات فمن الذي شارك في محو الأدلة والذي فسر تحطيمها ونسخها .. والذي جاء إصبعه علي زر المسح بدل التسجيل خطأ يفسر لصالح المتهم وليس ضده. ربما يخاف اليوم ويتقدم بالأدلة ويطلع من القضية كشاهد ملك. ليعاقب من قتل أولادنا وقتلنا في نفس الوقت لتستريح قلوب كل الأمهات قليلا.. وأعيدوا مشهد عذاب دلال عبد العزيز وهي تحتضن جثة ابنها وتبكيه.. وتطلب بالقصاص. ربما يختشي من يريد أن يعود لحياته اليومية التافهة الخالية من أي معني وأولاده في حضنه أن يتذكروا.. أمهات الشهداء.. ويعيدوا رؤية المشهد عشرات المرات. قبل أن يقولوا عفا الله عما سلف أو أن يطلبوا من المخلد عبرة وقصاصا لمبارك سبب كل هذه الكوارث العفو الصحي. والله لو كان بيدي الأمر لأمرت بقتله ألف مرة ومرة حسابا علي القضاء علي وطن بأكمله شعبا وأرضا وكرامة ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب!! ❊❊❊ حاول.. الفن .. أن يذكرنا بما يحاولون أن ينسونا إياه أيام الثورة الجميلة. حاولوا بالتيئيس ولقد كدت أقع تحت تأثيره أنا الأخري.. تحت وطأة.. وقف الحال التي أصابتنا جميعا والانفلات الأمني.. وعدم محاسبة أي من الرموز.. السابقة الحقيقيين الذين مازالوا حتي اليوم يتقلدون أرفع المناصب أن ينسونا أجمل أيام العمر والكرامة والوحدة والتوحد بين كل أطياف شعب المحروسة. ففي مسلسل طرف ثالث.. أرونا الوجه القبيح للطرف الثالث الذي هو الأول والثاني.. الذي نعرفه جيدا هو كل المؤسسات الدولة العميقة والعريقة وذيول النظام المتغلغل في (مصالح دولة مبارك) التي وقفت ضد الثورة. من أجل مصالحها الخاصة المادية والسلطوية منها وجدنا الشباب البائس يوظف من أجل حماية هؤلاء وعندما يريدون أن ينضفوا ويبدأوا حياة .. جديدة. يحاربوا حتي يخضعوا مرة ثانية ويصيروا عبيدا قذرة.. يقتلون بها. من ظل علي تماسكه وإيمانه بالثورة وأهدافها. ياه علي انحطاط رجال مبارك وفسادهم .. وياه علي الظلم الذي وقع علي الشعب المصري وياه.. علي انحطاط من يريدون ويحاولون بكل الطرق إعادته مرة ثانية. كيف؟ وياه علي سذاجة من تصور أن 81 يوما من الهتاف. والتصفيق. تسقط نظاما تعلق في خلايا الوطن وانتشر كالسرطان. إذن كان علي الفن ببساطته وتأثيره ووصوله للقلوب قبل العقول.. أن يقول كلمته.. حتي لا ننسي وأن نتذكر.. كل الذين ضحوا وكل الذين وفروا بدمائهم أملا جديدا لمصر والمصريين. وبحق شهدائنا.. وبحق أهاليهم .. وقبل كل هؤلاء بحق عذاب الأمهات فتمسكوا بالثورة ولا تيأسوا واستمروا في الدفاع عن الثورة ولا تتركوها لقمة سائغة لأي من كان. لأي من كان عسكرا جماعة.. فلولا.. لضعف مفهوم لناس بسطاء.. عانوا في العصرين .. وضحوا بهم في العصرين.. ولكننا علي يقين أن ذاكرة الأمهات لاتنسي.