حادث إطلاق نار جديد في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حادث عشوائي، اختار صاحبه افتتاح فيلم باتمان الجديد في إحدي دور العرض بمدينة أورورا بولاية كولورادو الأمريكية ليكون مسرح الأحداث. وربما اختيار هذا الفيلم تحديداً له دلالة مهمة حيث يؤكد نامي عقيدة العنف المتزايدة لدي الأمريكيين. جيمس هولمز مرتكب الحادث لايبدو عليه أنه إنسان متزن تماماً، فهو يملك أسلحة نصف آلية استخدمها في الهجوم كما أنه لم يحمل متفجرات في منزله الذي لم تستطع قوات الشرطة اقتحامه لسبب غريب جداً هو أن هولمز حول بيته إلي مصيدة، وجهز كمائن حارقة ومتفجرة لأي شخص يحاول اقتحام منزله في غيابه. مختل يتقمص شخصية الشرير ويقتل 12 شخصا في سينما أورورا الأمريكية القاتل عبأ منزله بالأفخاخ والمتفجرات لمنع الشرطة من اقتحامه مشهد الحادث يشبه إلي حد كبير مشاهد أفلام الأكشن الأمريكية، بدأ في إحدي دور العرض في حفلة بعد منتصف الليل. رجل يرتدي ملابس سوداء شبه عسكرية ويضع علي وجهه قناعاً واقياً من الغاز ويحمل عددا من الأسلحة النارية، دخل قاعة العرض من باب جانبي ثم ألقي قنبلة الغاز وأطلق النار عشوائياً علي الحضور. ومع إطلاق النار لم يستوعب عدد من الحاضرين الأمر واعتقدوا أنه فقرة معدة من المسئولين عن السينما للدعاية للفيلم قبل أن يعوا أن ما يحدث لهم هو واقع وليس سينما. ولايمكن الفصل بين هذا المشهد الواقعي والمشهد السينمائي الذي كان يدور وقتها في الفيلم حيث إن البطل الشرير أمام باتمان أيضاً يرتدي قناعاً واقياً بشكل دائم وطبقاً لشهود عيان في القاعة فإن الهجوم عليهم بدأ بالتزامن مع هجوم الشخصية الشريرة في الفيلم علي مدينة جوثام. ويبدو أن المعتدي كان علي درجة كبيرة من التأثر بأفلام الأكشن حيث إنه لم يخرج من منزله فقط بالأسلحة وقنابل الغاز بل ارتدي أيضاً سترة واقية من الرصاص وخوذة علي رأسه وملابس شبه عسكرية. مع ذلك تري تحليلات الصحف الأمريكية أن إلقاء اللوم علي أفلام العنف أو علي فيلم باتمان هو الإجابة السريعة والسهلة. تماماً كما هو الحال عند اتهام الألعاب الإلكترونية بالمسئولية عن عنف المراهقين. وأن من يقدم علي هذه الأفعال العنيفة يكون بداخله في الأساس انحراف نفسي يكون تأثير مشاهد العنف عليه تأثيرا إضافيا وليس تأثيرا أساسيا. ومع ذلك تؤيد بعض الآراء الأخري نظرية أن تسويق وترويج العنف بهذا الشكل المبالغ فيه في الولاياتالمتحدةالأمريكية له تأثيره، فمشاهد الجزء الأخير في باتمان تصور للمتفرج أنه في حياة المدينة الصاخبة لم يعد هناك مكان يشعر فيه المرء بالأمان حتي في ملعب الرياضة أو ملعب كرة القدم الأمريكية الذي كان ساحة لهجوم مسلح في الفيلم. لقد وصف الرئيس الأمريكي الحادث الذي وقع في سينما أورورا ب(الصادم) واتفق معه في هذا الوصف ميت رومني مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة في الانتخابات الأمريكية، لكن الواقع أن كلمة »صادم« ليس لها مكان من الإعراب لوصف هذا الحادث. فهو ليس الأول من نوعه ولن يكون الأخير. بل هي واحدة من سلسلة لا تنتهي من الجرائم التي هزت أركان المجتمع الأمريكي كان آخرها في أبريل في جامعة أويكوس التي مات فيها 7 طلاب في إطلاق نار عشوائي، وحادث الأريزونا الذي راح ضحيته 6 أشخاص في 2011 أو مجزرة فيرجينيا في 2007 وطبقاً لجريدة (يو إس إيه توداي) فإن هناك 10 آلاف يموتون سنوياً جراء العنف المسلح في أمريكا كما أن هناك 20 حادث إطلاق نار عشوائي تقع سنوياً هناك. وطبقاً لحملة برادي لإنهاء العنف المسلح فإن هناك 84 شخصا يموتون يومياً و200يصابون من طلقات الرصاص. وتعد الولاياتالمتحدة من الدول التي تسمح بامتلاك المدنيين للأسلحة الشخصية بشكل موسع، وهو مايسبب جدلاً واسعاً في الأوساط الاجتماعية الأمريكية، وإن كان إيمان الأمريكيين بضرورة عدم تسليح المدنيين من الواضح أنه يقل تدريجياً، حيث إن استطلاع رأي معهد جالوب عام 1990 أظهر أن 80٪ من الأمريكيين يريدون قانونا بمنع بيع الأسلحة. بينما في 2010 انخفضت هذه النسبة إلي 44٪ ومن 2009 بدأت أصوات تنادي بضرورة خفض إجراءات الحصول علي السلاح أو بقائها كما هي. لكن إذا كان امتلاك السلاح من عدمه يمثل جدلاً فإن المتفق عليه هو ضرورة منع الناس علي الأقل من امتلاك الأسلحة الآلية، وأن يكون للأسلحة الجديدة بصمة إلكترونية تسمح بتتبع صاحبه في حال حدوث أي جريمة. وقد تعددت ردود الأفعال علي الحادث الأليم حيث أعرب الممثل البريطاني كريستيان بايل الذي يقوم بدور باتمان في (دارك نايت رايزيز) عن صدمته من الحادث الذي أودي بحياة 12 شخصا. وقال الممثل (الكلمات تعجز عن التعبير عن الفظاعة التي أشعر بها. لا يمكنني أن أتصور الحزن وألم الضحايا وأهاليهم إلا أن قلبي يبكي معهم) وقطع الرئيس الأمريكي باراك أوباما جولته الانتخابية وتوجه إلي مدينة أورورا للقاء عائلات الضحايا.