عرف محمد حسين جودي التربية الفنية بأنها المادة التي تهتم ببناء شخصية الفرد وتمنحه القدرة علي الاستجابة للحسن أينما وجد فهي تساهم من خلال الفن في تهذيب الغرائز والنفوس وتحقق نموا في الذوق والإحساس بالجمال وتؤدي للمهارات العالية وتغيير عادات الفرد وسلوكه.. لهذا هي الأجدر علي محاربة المشكلات البيئية. ولأن الإنسان هو المسئول الأول عن الحفاظ علي البيئة لارتباطها بتنمية المجتمعات وخاصة في العالم النامي لأن تلوث الهواء والماء والتربية إضافة للضوضاء التي لاتنقطع وتراكم النفايات والمخلفات كلها تدخل في نطاق التعدي علي البيئة وقد استتبع ذلك مشكلات سلوكية انتشرت بالمجتمع وأي محاولة لإصلاح التعدي علي البيئة باتت تستلزم وقتا وتوجيها ووعيا وجهدا مجتمعيا لوجود ضوابط ومعايير تعمل بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والتربوية والثقافية لإحياء روح المحافظة علي البيئة بين أفراد المجتمع وقد رأي الباحثان د. محمد صالح عبدالسميع ود. مروة فاروق محمود في بحثهما لمؤتمر العنف بكلية التربية الفنية بعنوان (أدوار التربية الفنية في مواجهة مظاهر العنف البيئي) أن المشكلة يجب أن تجد الاهتمام من المجتمع لأن استمرار الممارسات الخاطئة التي يقوم بها الإنسان تجاه بيئته والتي قد تصل في أحيان إلي حد العنف والتشويه ونتج عنه انخفاض مستويات التذوق الجمالي وعزوف عن التخطيط السليم وإهمال وفوضي قد تحمل في طياتها عدم تحمل المسئولية وأنانية تحدث أضرارا بيئية جسيمة وتهدف الدراسة للتعرف علي طبيعة سلوك العنف البيئي والدوافع النفسية والاجتماعية التي تكمن وراء السلوك مع دور التربية الفنية في مواجهته العنف البيئي ودورها في مواجهته ويؤكد الباحثان علي أن التربية الفنية يمكن أن تستأثر بنصيب متميز في إشباع جوانب التعلم المرجوة بحكم كونها أنشطة تعليمية وترويحية وإمكانية تقويم سلوك الأفراد بالفن.. استعرض البحث بعض النظريات التي حللت العنف ودوافعه لعوامل بيولوجية وفسيولوجية وأخري لتحليل نفسي وهي عوامل داخلية أما النظريات التي تنسب العنف لعوامل خارجية بنطرية الموارد الاجتماعية والحرمان البيئي والتهميش والضغط البيئي والإحباط والعدوان والتعلم الاجتماعي وقد أجملت دوافع العنف البيئي بعدم التخطيط وغياب الهدف القومي وقصور دور التنشئة الاجتماعية وما تتضمن من أساليب التربية والتعليم والثواب والعقاب وتدني الثقافة العامة للأفراد وانخفاض مستوي الوعي بالمسئولية الاجتماعية وعدم احترام السلطة وانهيار القيم الأخلاقية السائدة واهتزاز القدوة وقصور ممارسة الديمقراطية وزيادة القهر بعدم التكافؤ مع الضغوط البيئية. الفن والتوعية البيئية ظهر مصطلح التربية البيئية واستخدامه في السبعينات من القرن الماضي نتيجة للممارسات الخاطئة للإنسان تجاه بيئته وتعددت التعريفات وظل أقربها تعريف جامعة الينوي الأمريكية علي أنها نمط للتربية يهدف إلي اكتساب القيم وتوضيح المفاهيم التي تنشد تنمية المهارات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات التي تربط الإنسان وثقافته وبيئته الطبيعية الحيوية والتدريب علي اتخاذ القرار ووضع قانون للسلوك متعلق بنوع البيئة.. وترتكز التربية البيئية علي تكوين المعرفة البيئية لدي الأفراد بما تتضمنه من معلومات وحقائق تساعد علي الارتقاء بسلوك الأفراد نحو البيئة.. وتناشد التربية البيئية تعديل السلوك البيئي وتأصيل القيم والمباديء الجمالية لدي الأفراد وهو ما يتفق مع أهداف التربية الفنية التي تركز علي تزويد النشء بالحس الجمالي وتنمية الإدراك وتكوين الشخصية الناقدة القادرة علي التمييز بين القبح والجمال ومالذلك من انعكاس علي بنائه الفكري والقيمي وسلوكه تجاه البيئة المحيطة وهي تدريب للأفراد علي ممارسة العمليات الإبداعية من خلال الفن مما ينمي ثقافتهم البصرية النوعية فينعكس آثارها علي سلوكهم تبعا لما يتغير فيه من جوانب وجدانية فيصبحوا متذوقين للجمال رافضين لجميع مظاهر القبح وإدراك الجمال جاء نتيجة لتغيير السلوك ويصبح الفرد أكثر فاعلية فالتربية الفنية تعد أيضا ميدانا تعليميا تربويا وتثقيفيا مؤثرا في الارتقاء بالوعي البيئي لشمولها علي برامج وأنشطة تساعد علي ربط أفراد المجتمع بالبيئة الجمالية وتكوين رؤية شاملة لديهم تجاه تفاعلهم مع عناصرها وإيجاد دافع للمشاركة في حل المشكلات بحلول جمالية إبداعية. التذوق الجمالي يري الباحثان أن دمج مفاهيم التربية البيئية بمقررات التربية الفنية والتفاعل الإيجابي مع عناصرها كالأنشطة القائمة علي تنسيق وتجميل البيئة المدرسية والمجال البيئي المحيط مما يحفز الطلاب نحو الاهتمام بالبيئة واستشهادا بما كتبه الدكتور محمود البسيوني عن التذوق الفني الذي ينعكس بمزيد من التكيف الجمالي للبيئة المحيطة فالمعلومات والمهارات التي يكتسبها الفرد خلال دراسة الفن يجب أن يكون لها صدي في تحسين مستوي بيئتهم والارتقاء بها جماليا ويتحقق ذلك بالزيارات الميدانية للحدائق والأماكن الأثرية والمزارات التراثية وتنطيم ندوات علي هامش تلك الزيارات لعرض مجموعة من أعمال الفنانين التشكيلية التي استلهمت موضوعاتها من تلك المصادر الجمالية الفنية.. إضافة لتكون جماعات طلابية تعمل تحت إشراف المربي بالفن لتزويد زملائهم بمعلومات ومفاهيم مختلفة عن البيئة وتوعيتهم جماليا للمحافظة عليها من خلال تصميم المجلات الحائطية والكتيبات والملصقات التي تتضمن معلومات ومفاهيم للتوعية بمظاهر التلوث البيئي كأحد أدوار المدرسة في المشاركة المجتمعية مع تنظيم المسابقات الفنية لتصميم الملصقات أو عمل جداريات تجميلية للمدرسة أو المدينة ونوهت الدراسة لإمكانية إنشاء وحدة ذات طابع خاص وعقد شراكة بين الكلية ومؤسسات المجتمع المدني التي تهتم بالتوعية البيئية كجمعيات المحافظة علي البيئة بتقديم الدعم الفني لتنفيذ المشروعات التجميلية بالأحياء ووضع معايير فنية لتجميل الميادين وخطط للمحافظة علي وحدة الطراز المعماري والطابع اللوني للأحياء وترشيد استخدام الوسائل الدعائية والإعلانية وتوظيفها بما لايخل بجماليات البيئة تنسيقا مع كليات الفنون.. وإقامة دورات لتوظيف خامات البيئة وإعادة تدوير مستهلكاتها في تنفيذ أعمال فنية جمالية ووظيفية تتميز بجودة التقنية.. وإدراج مقرر التذوق الجمالي ضمن البرامج الدراسية لمؤسسات التعليم العالي كمقرر أساسي لتنمية الإحساس بالجمال لدي طلاب الجامعات علي اختلاف تخصصاتهم مما ينعكس أثره فيما بعد علي انتشار الوعي الجمالي داخل مؤسسات المجتمع المختلفة.