خلال المناظرات التي تمت بين المرشحين تشاهد تغييرات جذرية ليس في تفكيرهم أو معتقداتهم أو حتي طموحاتهم من أجل النهوض بمصر ولكن لاحظت تغييرات طرأت علي ملامحهم وشعرهم.. ففي غمرة الترشيحات وأحكام المنع وقرارات العفو وفوضي المرحلة الانتقالية، وجد أبرز مرشحي الرئاسة من الوقت والجهد والجرأة ما مكنهم من إطلالة جديدة علي شاشات الفضائيات بدت لخبراء التجميل واختصاصيي ال"ستايل" وجموع الناخبين واضحة وضوح الشمس. فمن كان يهز رأسه ومعه وهو يعاني غدة الرقبة الشهير بالأمس القريب، والذي يؤكد دوما التزامه بتحقيق مبادئ الثورة حتي أن بعضهم أطلق عليه "ذا لُغد أوف ذا رينجز"، في إشارة إلي الفيلم الملحمي الشهير، يطل عليهم اليوم من زاوية مختلفة تقلل من حجم اللُغد وتخفي الهالات السوداء التي تميز أسفل عينيه.ومن كان يجلس علي طرف المقعد أثناء حواره مع المذيعة، بات يسند ظهره علي المسند، بل ويضع ساقاً علي ساق لزوم التأهل للمنصب الموعود. وخلال المناظرة التي حدثت كل مرشح يتحدث عن سيئات مرشح آخر بعيدا عن فكرة كيف نبني مصر فمثلا قال حمدين صباحي لمحمود سعد ببرنامج "موعد مع الرئيس" علي قناة النهار، إنه لم يقل إن شفيق في قلبه وأن كل خصومه ما عدا الصهاينة لا أكرههم، موضحاً أن من رشحوا أنفسهم من النظام القديم لم يحترموا الشعب المصري، ولم يقدروا قيمه الثورة، وسيسقطون في الانتخابات، مطالباً الناس بعدم محاكمته علي مشاعره بل موقفه السياسي. وقال إن الفريق أحمد شفيق يستحق أن يعزل سياسياً، مشدداً علي أن مصر لن تستقر إذا فاز أحد من ممثلي النظام السابق، ومن يريد للبلاد أن تستقر فلابد أن تكتمل الثورة، مضيفاً أنه يؤيد النزول للتظاهر لو فاز أحد المحسوبين علي النظام، مؤكداً "من خرجوا من باب الثورة لا يمكن السماح لهم بأن يعودوا من شباك الانتخابات، مندهشاً من ترشح شفيق للرئاسة، لأن الشعب ثار ضده. وبعيدا عن الفضائيات كانت جولات مرشحي الرئاسة علي صفحات الفيس بوك وتويتر مسخرة فقد جند كل مرشح مجموعة من الشباب لحملته الانتخابية وراح الشباب الذين يدعمون مرشحا بعينة مثل عمرو موسي أو أحمد شفيق والصباحي أو محمد مرسي يقومون بعمل جرافيك للصور فمثلا الصباحي يحتضن رجلا كبيرا في السن وهذا المشهد نفسه قام به الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتم وضع صور ناصر وأسفل منها صورة حمدين صباحي لكن هناك حرب دائرة علي الفيس بوك فعندما تعلو أسهم مرشح سرعان مايقوم مجموعة من الشباب الآخر بتشويه صور المنافس مثلما حدث مع عمرو موسي وأحمد شفيق ومحمد مرسي وقد شبهوه بحركة يديه بالرئيس الليبي معمر القذافي وكان هناك سيل من الصور لكل مرشحي الرئاسة تحوي فكرة التهكم عليهم من باب عدم تفكير الشعب في هذا المرشح لكن حمدين صباحي كان له الصور الأكثر إنسانية وإيمانا من كل المرشحين المنافسين له فمرة يصلي ومرة يجلس علي الرصيف ومرة صورة وهو في السجن أما الصور الأخري المضادة فكانت لشفيق وعمرو موسي ومحمد مرسي. ومن الفيس بوك إلي حملات مرشحي الرئاسة المحتملين الذين يطوفون محافظات وقري ونجوع مصر هذه الأيام، تحفل بالكثير من الطرائف والغرائب، فعلي غير المتوقع حشد بعض مؤيدي محمد مرسي كل طاقاتهم لتأييده، بالطرق التي يرونها سهلة وجذابة لمن ينتخبونه، وقبل أن يبدأ شعبان عبد الرحيم حملة تأييد عمرو موسي علي طريقته، من منطلق أنه أول من دعم موسي كوزير للخارجية، ثم كأمين عام لجامعة الدول العربية، ثم تأييده كمرشح محتمل للرئاسة، بالأغاني التي يكتبها إسلام خليل، بدأت حملة محمد مرسي بالأناشيد والتوشيحات، ويبدو أن حملات دعم مرشح الإخوان والسلفيين ستجد تأييدًا من بعض المطربين وعلي رأسهم شعبان عبد الرحيم، الذي أعلن أنه سيدعم عمرو موسي ويدعم الإخوان أيضًا، وكتب له الشاعر إسلام خليل أغنية بالفعل تقول كلماتها: "يا مهاجم الإخوان.. حتروح من ربك فين ملقوش في الورد عيب.. قالوا أحمر الخدين، لو قلنا تضحيات محدش أدهم.. من سجن لاعتقالات ومصادرة لحقهم، وإييييييه في ناس ويخونوهم.. وخلاص ما فيش أمل نسيت يا شعب مصر.. يوم موقعة الجمل وإييييييييه.. إخوان ومناضلين.. ييجي من 08 سنة ولا عشان مسلمين.. يبقي أهاجمهم أنا وإيييييييه. بيقولوا منظمين.. والخبرة عندهم.. لو فيكم حد فالح، كان يعمل زيهم كان يعمل زيهم.. وإييييييه " أما مرشح الرئاسة حمدين صباحي، فبطريقة غير مباشرة، تغني دائمًا ابنته المطربة سلمي صباحي أغنية علي الحجار وهي للشاعر عبد الرحمن الأبنودي "ضحكة المساجين" الشهيرة التي ترمز بها لوالدها، ومن فيلم "دكان شحاتة " للمخرج خالد يوسف، قام بعض مؤيدي صباحي بتجميع مقاطع من تصريحاته في برلمان النظام السابق، التي هاجم فيها المادة 67 و77 والتي عدلت الترشيح وهاجم فيها الحكومة آنذاك، ووضعها علي اليوتيوب لدعم صباحي تحت عنوان الأغنية "مين يهمه"، ثم أغنية أخري مهداة إليه من الحملة الشعبية لدعمه بعنوان "ضمير الوطن" كلمات كرم البغدادي وغناء علي حبيب، وهي أول أغنية تمجد نضال حمدين منذ أيام كان طالبًا ومواجهته للرئيس السادات وحتي مواقفه في البرلمان المصري السابق، المدهش أن لهذه الأغنيات التي تعددت شعراء ومطربين ومخرجين يقومون بتجميع لقطات للمرشح من مواقف بطولية سابقة، وعمل مونتاج ومكساج لها ورفعها علي اليوتيوب لدعم المرشح . عموما التعليقات التي تركها القراء علي صور المرشحين تصلح لتكون كتابا في الكوميديا السوداء التي تكشف مدي الحالة التي وصلنا إليها فهناك من يري أن المصريين "لسعوا" و"ضربوا" ويجب الكشف علي قواهم العقلية . أما التعليق الذي لم أنسه فهو يقول "ماكنتش اعرف أن العباسية كبيرة أوي كده "ويبدو أنه التعليق الأخير هو الصحيح في كل ما سبق ويبدو أن مصر بعد الثورة أصبحت عباسية كبيرة وأصبحنا نحن فيها مجاذيب.. لقد أصبح حالنا فعلا أشبه بالجنون. لكن في النهاية تبقي النكتة التي تجد صداها في مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر وغيرهما، وكانت الجسر الموصل بين أبناء الشعب المصري في الخارج والداخل، إلي أن تحولت فيما بعد إلي سخط كبير من فئة الشباب بشكل خاص.. ومن هذه النكت التي خرجت خصيصا عن مرشحي الرئاسة وحملاتهم: من كتر استيكارات المرشح (....) في الشارع، واحد بيسأل واحد تاني، علي عنوان فقاله تمشي علي طول مع البوسترات دي وتلف يمين وتسيب أول بوستر والتاني هتلاقي العنوان. شعار مرشح آخر (سأسعي بكل قوتي لضم الخمور إلي السلع التموينية). بينما كتب أحد المصريين في تويتر "أنا عاوز رئيس مراته مبتشتغلش علشان منجبش سيرتها". وفي تغريدة أخري "واحد بيقول لحبيبته بحبك بعدد بوسترات أبوإسماعيل اللي في الشارع". أما العاشق الثاني، فقال لحبيبته "بحبك بعدد المرات اللي البسطاويسي انسحب فيها من الانتخابات ورجع تاني". وآخر قال »إنتي عندي أغلي من سيجارة عمرو موسي«.