د. سعد الكتاتنى في إطار الصدام المتكرر للبرلمان مع سلطات الدولة شهد مجلس الشعب في ختام جلساته الأسبوع الماضي هجوما كبيرا عليه وذلك بعد عدد من القرارات والاقتراحات التي خرجت عنه وتصدت لها القوي السياسية بتصريحات واعتراضات نارية وتصدرت معركة المحكمة الدستورية الصدام وذلك بعد موافقة لجنة الاقتراحات والشكاوي بالمجلس علي مشروع قانون إعادة هيكلة المحكمة مرة أخري والذي أثار غضب القضاة ووصفوه بالانحراف التشريعي وانتهاك صارخ للقانون ومذبحة جديدة للقضاء. وتدخل غير مقبول في اختصاصات السلطة القضائية من السلطة التشريعية، والإخلال بمبدأ الفصل بين السلطات. والأمر الثاني هو تعليق مجلس الشعب جلساته حتي يتفرغ النواب إلي مساندة مرشحهم في انتخابات الرئاسة هذا الأمر أثار غضب العديد من النواب خاصة من حزب النور السلفي- القوة الثانية تحت القبة- هذا بالإضافة الي عدم الحديث عن الجمعية التأسيسية من قبل رئيس المجلس قبل رفع الجلسات مما اعتبره البعض تجاهل تمام من المجلس وتحدث البعض عن نية حزب الحرية والعدالة تأجيل الحديث عن جمعية الدستور بعد معرفة من الرئيس؟! واتهم حزب النور أيضا أن جماعة الإخوان المسلمين هم سبب تأخر وضع معايير اختيار الجمعية التأسيسية . وكانت لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب وافقت الأسبوع الماضي علي اقتراح بمشروع قانون مقدم من النائب حسن أبو العزم بشأن المحكمة الدستورية العليا وإعادة تشكيل هيئتها .ورفض المستشار عمرالشريف مساعد وزير العدل لشئون التشريع الاقتراح خاصة مع اقتراب وضع دستور جديد للبلاد من الممكن أن تكون فيه رؤية جديدة بشأن المحكمة الدستورية العليا والقضاء ككل. وقال الشريف إن أفضل قضاة في مصر هم الذين تتشكل منهم هيئة المحكمة الدستورية العليا خاصة أنه يتم اختيارهم بدقة وبحسب الكفاءة، مبديا اعتراضه علي تغيير أعضاء هيئة المحكمة مع صعوبة تنفيذ ذلك في الفترة الراهنة. عدد من المحللين السياسيين ونواب مجلس الشعب كشف "لآخر ساعة" عن خلفيات وكواليس وأسرار هذه المصادمات ويري د. ثروت بدوي، أستاذ القانون الدستوري، أن العلاقة بين السلطات في الفترة الحالية مرتبكة، وذلك لغياب دستور يحدد اختصاصات كل سلطة، والعلاقات بينهم، لافتا إلي أن ذلك سبب رئيسي وراء الفوضي التي تعيشها البلاد في الفترة الحالية، وهو ما أدي إلي محاولة مجلس الشعب سن قوانين مخالفة لكافة المبادئ الدستورية والقانونية والمنطقية.وأضاف بدوي أن الخروج من هذه الأزمة يكون من خلال إعداد دستور جديد، يحقق أهداف ثورة 25 يناير، وسيادة القانون والفصل بين السلطات. ومن جانبه، أكد الدكتور رأفت فوده، رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أنه لا توجد أزمة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، فكل منهما يؤدي عمله، لافتا إلي أن هناك إعلانا دستوريا، ينظم عمل المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، والذي يمنحها الحق في الفصل في دستورية القوانين واللوائح بصورة لاحقة مع الأخذ في الاعتبار نص المادة 28 من الإعلان الدستوري، الذي خول المحكمة الدستورية العليا رقابة سابقة علي قانون الانتخابات الرئاسية، موضحا أن أصل هذا النص موجود في المادة 76 من الدستور السابق، وأن للمحكمة الدستورية اختصاصات أخري نص عليها قانونها في المادة 26ولذلك فهي تباشر عملها بصورة طبيعية ومستقلة. وأشار فودة إلي أن تداول اسم المحكمة الدستورية العليا علي الساحة السياسية يرجع إلي رغبة حزب الحرية والعدالة في الانقضاض علي كل مظاهر السلطة، لافتا إلي أنه استخدم البرلمان كأداة لتحقيق أغراضها. موضحا أن الأحزاب السياسية الدينية أصدرت عددا من القوانين التي تمكنها من السيطرة علي السلطة، دون الأخذ في الاعتبار ضمانات صناعة التشريع الواردة في الدستور، موضحا أن هذه القوانين مثلت اعتداء صارخا علي أحكام الدستور، وأن الجهة الوحيدة المكلفة بحماية الدستور هي المحكمة الدستورية العليا.ووصف فودة البرلمان بأن بضاعته لا تباع ولا تشتري لاصطدامها بدولة القانون، موضحا أن البرلمان رأي أن المحكمة الدستورية العليا حالت دون تحقيق أهدافهم، وأنها العقبة الوحيدة أمام تحقيق أغراضه وأنها الحصن الحصين لحقوق وحريات المواطنين إلي جانب مجلس الدولة. فيما أشار عصام الإسلامبولي، المحامي بالنقض، إلي أن المحكمة الدستورية العليا تباشر الرقابة اللاحقة علي القوانين باستثناء قانون الانتخابات الرئاسية ، والذي يتطلب عرضه علي المحكمة الدستورية العليا، موضحا أن مشكلة هذا القانون تتمثل في التعديلات التي تمت علي قانون الرئاسة، والتي تمت الموافقة عليها من قبل المحكمة الدستورية العليا. وأوضح الإسلامبولي أن هناك محاولة من البرلمان في تعديل قانون المحكمة الدستورية العليا، لمحاولة حماية نفسه من عدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب الذي جرت علي أساسه الانتخابات البرلمانية، موضحا أنه مشروع قانون معيب للغاية واعتداء علي مبدأ الفصل بين السلطات، ووصفه بأنه وسيلة لمحاوله الهروب من كابوس حل البرلمان، مؤكدا رفض المجلس العسكري التصديق علي ذلك القانون في حال إقراره وقال المستشار ماهر البحيري، النائب الأول لرئيس المحكمة الدستورية العليا، ردا علي ما أثاره بعض أعضاء البرلمان بأن الحديث حول إعادة تشكيل المحكمة الدستورية يدخل في نطاق السلطة التشريعية مردود عليه، حيث إنه ليس من اختصاص البرلمان إعادة تشكيل المحكمة الدستورية. وأضاف البحيري أن اختصاص السلطة التشريعية ينحصر في طريقة تنظيم تشكيل المحكمة، كما حدث بموجب المرسوم بقانون رقم 48 لسنة 2011الذي جعل تعيين رئيس المحكمة بترشيح وموافقة الجمعية العمومية بعد أن كانت سلطة مطلقة لرئيس الجمهورية. وبالنسبة للجمعية التأسيسية وتعليق جلسات البرلمان يري الدكتور وحيد عبد المجيد، عضو مجلس الشعب، إن تعليق جلسات البرلمان لحين الانتهاء من المرحلة الأولي من انتخابات رئاسة الجمهورية المقرر لها يومي 23 و24 مايو الجاري، ليس له علاقة أو تأثير علي أعمال الجمعية التأسيسية للدستور، خاصة أن الأحزاب والقوي السياسية هي التي تجري المفاوضات بشأنها، مشيرا إلي أن دور البرلمان سيبدأ عندما يتم دعوة مجلسي الشعب والشوري بعد أن يتم الاتفاق علي المعايير من قبل الأحزاب والقوي السياسية. وأشار عبد المجيد إلي أن هناك اجتماعات تجري الآن بين كافة الأحزاب والقوي السياسية بخصوص تشكيل تأسيسية الدستور، وكذلك إصدار إعلان دستوري مكمل بالتوازي معها. وأوضح أن هناك شبه اتفاق نهائي بين القوي السياسية علي تشكيل تأسيسية الدستور، وأن نسبة تمثيل الأحزاب ستكون منحصرة ما بين 35-40 ٪ من الجمعية إلا أنه لم يتم الاتفاق حتي الآن علي طريقة صدور هذه المعايير إن كانت ستعلنها الأحزاب بصفتها الحزبية أو البرلمانية أو قانون صادر من مجلس الشعب أو وثيقة.وأكد طارق سباق، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، أن تعليق مجلس الشعب لجلساته حتي 25 مايو، سيؤثر بالطبع علي تأسيسية الدستور ويطيل من فترة وضع الدستور مشيرا إلي أن الدستور سيتم وضعه بعد الانتخابات الرئاسية مباشرة. وردا علي سؤال خاص بموقف البرلمان وهل يصب في مصلحة الإخوان ومرشحهم حتي يضعوا الدستور، لو تمكن مرسي من الفوز بانتخابات الرئاسة، أشار سباق يتمني ألا يفوز مرسي بالانتخابات قائلا "إن شاء الله مرسي مش هييجي رئيس لمصر" ومن جانبه نفي الفريق سامي عنان رئيس الأركان، نائب رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة ما أذيع من أن المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة قد أمهل القوي السياسية والحزبية مدة يومين للانتهاء من تشكيل الجمعية التأسيسية. هذا ما أكد عليه الفريق عنان في تصريح له "إن ذلك لم يحدث جملة وتفصيلا"، مؤكدا أن رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي لم يجتمع بالأحزاب والقوي السياسية منذ الاجتماع الأخير الذي حدث منذ عدة أسابيع. وأكد عنان أن قضية تشكيل الجمعية التأسيسية أصبحت الآن في ملعب مجلس الشعب منذ اتفاق الأحزاب والقوي السياسية بحضور المشير طنطاوي علي المعايير الأساسية وطريقة انتخاب الجمعية. وأضاف أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة كان قد عقد عدة اجتماعات مع الأحزاب والقوي السياسية خلال الشهرين الماضيين جري خلالها التباحث حول كافة وجهات النظر، ولم يسع المجلس إلي التدخل بأي شكل من الأشكال، وكان الهدف من هذه الاجتماعات هو التوصل إلي صيغة اتفاق بين الأحزاب والقوي السياسية علي المبادئ التي تحكم انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية في ضوء الحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري في وقت سابق. ودافع النائب أشرف بدر الدين وكيل لجنة الخطة والموازنة حرية وعدالة- عن البرلمان واصفا أن هذه الاتهامات ظالمة واصفا الاتهامات الموجهة لحزب الحرية والعدالة بتعطيل تشكيل الجمعية التأسيسية لحين معرفة من الرئيس القادم باطلة وتعتبر إهانة للشعب المصري وأن جماعة الاخوان المسلمين لن تنفرد بوضع الدستور فالشعب من حقه الموافقة ومن حقه أيضا الرفض وأشار الي أن المجلس لم يتجاهل الجمعية التأسيسية لكن المشكلة تكمن في حدوث التوافق بين القوي السياسية وأن المفاوضات مازالت مستمرة للانتهاء من وضع المعايير وبالنسبة لمشروع القانون الذي وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوي في المجلس فحزب الحرية والعدالة بريء منه وليس معني أن توافق لجنة الاقتراحات والشكاوي علي مشروع قانون فيكون هناك قانون مشيرا إلي أن هناك دورة تشريعية يمر بها القانون أي أن اصدار القوانين غير مقتصر علي الاقتراحات والشكاوي فقط.. وأوضح بدر الدين أن لجنة الاقتراحات والشكاوي وافقت علي 137 مشروع قانون 10٪ منها هو الذي سيخرج الي النور فليس شرطا أن المجلس سيوافق علي 137 مشروع قانون بأكملها. وأكد بدر الدين أن هناك حمله تشويه تستهدف إنجازات المجلس نظرا للأداء المتميز الذي استطاع أن ينجزه منذ بدايته إلي الآن موضحا أن المجلس أنجز 24 مشروع قانون يصب أغلبها في أهداف ثورة يناير مشيرا إلي أن المجلس الحالي عقد عددا كبيرا من الجلسات في وقت قليل لم تحدث في تاريخه وعن اتهام المجلس بتعليق جلساته لمدة أسبوع بسبب انتخابات الرئاسة نفي أشرف بدر الدين ذلك مؤكدا أن اللائحة الداخلية للمجلس تنص أن البرلمان يعقد جلساته أسبوعا وأسبوعا ومن الطبيعي مع وجود انتخابات رئاسة الجمهورية أن يأخذ المجلس إجازة. أما نادر بكار المتحدث الإعلامي باسم حزب النور "السلفي" الشريك الثاني في أغلبية البرلمان، فأكد علي رفض حزبه لتعطيل أعمال البرلمان، بسبب انخراط نواب مجلس الشعب في أعمال الدعاية الانتخابية في الانتخابات الرئاسية. وشدد أن حزب النور يرفض بشكل قاطع قرار تعليق جلسات مجلس الشعب قبل الانتخابات الرئاسية، مضيفا: "نحن نري أن انتخابات الرئاسة لابد أن تتم بمعزل عن مجلس الشعب، ونعتقد أن استمرار جلسات المجلس أثناء إجراء الانتخابات الرئاسية سيمثل ضمانة ضد أي محاولة لتزوير الانتخابات، نظرا لأنه السلطة الوحيدة القادرة علي التصدي لأي محاولة لتزوير الانتخابات".