العلماء اختلفوا علي زيارة مفتي مصر إلي القدس وهي تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، فقد أعلن الدكتور يوسف القرضاوي علي موقعه الإلكتروني بأنه أصدر فتوي من مدة بعيدة تحذر من زيارة القدس لأن السفر لدولة العدو الصيهوني يعد حراما شرعا مشددا علي مقاطعة المسلم عدوه اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وذلك منعا لكسر الحاجز النفسي بين الدولتين وعدم السماح بالتطبيع مع العدو، فزيارة المسلمين للقدس تعد تهديدا لمجتمعاتنا العربية والإسلامية حيث تنشر الفساد والرذيلة والإباحية التي ربوا عليها وأتقنوا صناعتها وإدارة فنونها لهذا كان سد الذرائع إلي هذا الفساد المتوقع فريضة يوجبها الدين وضرورة يحتمها الواقع.. معربا عن أسفه لقيام الشيخ علي جمعة بانتهاك تلك الفتوي والذهاب للمسجد الأقصي بالقدسالمحتلة.. مؤكدا أن قضية تحريم زيارة القدس وهي تحت الاحتلال الصهيوني محل اتفاق وطني إسلامي مسيحي. لكن الدكتور علي جمعة أوجز الزيارة بقوله إنه ماكان يستطيع رفض دعوة ملك الأردن لزيارة القدس بالطريقة الميسرة التي قدمت له مؤكدا أن الزيارة كانت شخصية وغير رسمية ولم تمثل دار الإفتاء أو الأزهر موضحا بأنه أدي الصلاة في المسجد الأقصي ولم يكن علم إسرائيل مرفوعا فوقه ولم تختم السلطات الإسرائيلية جواز سفري ولم يكن هناك أي وجود للإسرائيليين فيه. وظيفة دينية ويؤكد الدكتور عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن المفتي قرر الزيارة تقديرا شخصيا بعيدا عن الرؤية التي كان يجب الالتزام بها وهو يعتلي وظيفة دينية، كان يجب العمل بمقتضاها من حيث الامتناع عن الذهاب إلي المسجد الأقصي طالما كان تحت العلم والاحتلال الإسرائيلي، موضحا بأن الزيارة لاتتعلق بغرض شرعي وأنه ليس جائزا أن يذهب المسلم أو المسيحي أو العربي عامة إلي القدس دون هدف المقاومة والجهاد لتخليص المسجد الأسير من أيدي الاحتلال. ورفض الدكتور بيومي التعليق علي الدعوات التي تطالب المفتي بتقديم استقالته أو عزله من منصبه. ويري المفكر الإسلامي طارق البشري: أن الزيارة أحدثت آثارا ضارة جدا بالجماعة الإسلامية والجماعة الوطنية فلا يجوز أبدا حتي لو كانت هذه الزيارة بصفة شخصية فهذا خطأ كبير ومخالف لموقف الجماعة الرافض لزيارة القدس وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي، فزيارة المفتي أمر لا يغتفر ولا يمكنه الفصل بين الموقف الرسمي والموقف الشخصي في هذا الشأن ولايمكنه التجاهل بأنه مفتي مصر. مرفوضة تماما ويقول القيادي بجماعة الإخوان المسلمين د. حمدي حسن إن زيارة المفتي حتي لو تمت بصفة شخصية فهذا لا يجوز . فلا يجوز لعالم مسلم أن يأتي بمثل هذا التصرف، فالكل يدعو إلي عدم الاعتراف بإسرائيل والتطبيع مع هذا الاحتلال فالزيارة مرفوضة بكل المقاييس والشارع المصري يرفضها. ويري د. حسن أن الزيارة مقصودة وهناك فاتورة مدفوعة مقدما لها من الأمريكان وإسرائيل بشكل مباشر لكي يوجه الرأي العام في مصر إلي مشكلة أخري بعيدا عن الدستور. أما الداعية الإسلامي د. صفوت حجازي فيقول إن زيارة المفتي للقدس وهي تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي تعد مخالفة لأمر النبي الكريم ([) لافتا إلي أن المفتي دنس قدميه بزيارة القدس وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي. ويضيف إنه مصدوم من زيارة د. علي جمعة للقدس مطالبا بعزله من منصبه وكان علي المجلس العسكري ألا يقوم بالتجديد له بعد قيام الثورة. أولي القبلتين وبينما رفض البعض زيارة المفتي للقدس وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي اتفق آخرون باعتبار أن الدكتور علي جمعة لم يرتكب إثما ولا ذنبا بحسب الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الأسبق قائلا: إن بيت المقدس من المساجد التي يشد إليها الرحال وهو أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والنبي([) بيّن أن من لم يستطع زيارته فليهد إليه بيتا. ولقد قامت الدنيا ولم تقعد بسبب زيارة المفتي إلي بيت المقدس وكأن الدكتور علي جمعة صدر الغاز إلي إسرائيل وكأنه جعل مصر سوقا للمنتجات الإسرائيلية، فكان من الأولي والأجدر بمن أثاروا الضجة حول زيارة المفتي إلي بيت المقدس ياليتهم قاموا بقوة رجل واحد ودعوا إلي تحرير بيت المقدس من دنس الدانسين الذي ظل محتلا منذ عام 1948 وحتي اليوم وبيت المقدس يصرخ ولامغيث. ونحن لانملك إلا أن نشجب ونستنكر فقط.. فبدلا من ذلك ندعو المسلمين في شتي بقاع الدنيا لنصرة بيت المقدس.. وليعلم الجميع أن القدس ليس لفلسطين وحدها وإنما للأمة العربية والإسلامية. ويضيف: المسجد الأقصي من المساجد التي قال عنها النبي ([) لاتشد الرجال إلا إلي ثلاثة ومنها المسجد الأقصي.. وزيارة الدكتور علي جمعة كانت إلي بيت المقدس بشخصه لا بمنصبه ولا بزيارة رسمية ومن حقه أن يزور هذه الأماكن ومن وجهة نظري أن المفتي لم يخطيء وعلي علمائنا الأجلاء وقادتنا أن يدعوا العرب جميعا والمسلمين لنصرة ببيت المقدس الذي دنسه الصهاينة بنعالهم وعلي العرب والمسلمين أن يهبوا ويقوموا لنصرة إخوانهم في فلسطين ومد يد العون لهم ونسأل الله أن يرزقنا زيارة بيت المقدس. ويشير إلي أنه حرام علي المسلمين أن يتركوا بيت المقدس أكثر من 60 عاما وهو يئن تحت أقدام الصهاينة متسائلا: أليس هذا تخاذل المسلمين عن تطهير بيت المقدس؟ ألم يعلموا أن الجهاد يصبح فرض عين إذا احتل العدو شبرا من أرض قوم وها هو العدو قد احتل أولي القبلتين وثالث الحرمّين. وبيّن الشيخ عبدالحميد الأطرش أن زيارة القدس ليست حراما شرعا كما تردد فلا أقول علي شيء حرام إلا ما ورد فيه نص حيث جاء في قوله تعالي »ولا تقولوا لما تصف ألستنكم الكذب هذا حرام وهذا حلال لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لايفلحون«. ويؤكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار المفتي أن مصر تعيش فترة انتقالية حرجة وحراكا سياسيا وايديولوجيا علي الساحة وطبيعي أن هذا الحراك يؤدي إلي اختلاف وجهات النظر مشيرا إلي أن هذا من طبيعة المرحلة التي نعيش فيها. ويطالب مستشار المفتي بأن يتسم هذا الحراك ويحاط بسياج من أدب الاختلاف الذي تعملناه من سيدنا محمد([) . فنحن لانحجر علي أي رأي أو أي فكر ونحترم الآراء بحيث لا يخرج عن أدب الحوار بين العلماء. الملفت للنظر أن الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية ليس الوحيد الذي قام بزيارة القدس فقد سبقه الداعية اليمني الحبيب علي الجفري والأمير هاشم بن الحسين وهناك شخصيات عربية دينية ستقوم بزيارة القدس علي غرار الزيارة التي قام بها مفتي مصر.