في الأفلام المصرية الشرطة تأتي في نهاية الفيلم وفي شارع 62 يوليو أيضا، فبعد معركة عنيفة استخدمت فيها أعيرة نارية وزجاجات مولوتوف مساء الأربعاء الماضي، ظهر رجال الداخلية.. السبب كما يرويه أصحاب المحلات المحطمة هو إصرار بلطجية علي فرض إتاوة رفض تقديمها لهم البائعون ليحتدم الصراع ويشتعل الموقف. تسببت الاشتباكات التي استخدم فيها خرطوش وأسلحة بيضاء بجانب الحجارة تعطيل المرور لأكثر من ساعتين وإغلاق المحال القريبة من المنطقة فضلا عن الذعر الذي أصاب المارة، أما محطة مترو جمال عبد الناصر فقد أوصدت الأبواب الموازية لمكان الحدث خوفا من تعرض الركاب للاعتداء،. وبإطلاق أعيرة نارية في الهواء تمكنت قوة من قسم شرطة بولاق من السيطرة علي الاشتباكات. إتلاف عدد من واجهات المحلات والأكشاك بالمنطقة، فضلا عن إصابة أفراد بالرصاص الخرطوش والأسلحة البيضاء وتحطم السيارات كان نتيجة الأحداث التي تجددت مرة أخري ظهيرة الخميس لتضطر الداخلية إلي وضع قوات الأمن بشكل مستمر في الشارع. آخر ساعة ذهبت إلي موقع الأحداث وتفقدت الأضرار الناتجة وحاورت أهالي المنطقة الذين كشفوا عن مفاجأة مدوية. يخبرنا رمضان إبراهيم – تاجر- أن البلطجية أتوا من رملة بولاق وهجموا علي المحلات وقاموا بإتلاف محتوياتها بعد أن رفض الباعة الانصياع لهم وإعطاءهم إتاوة، بينما يؤكد أحمد ربيع أن البلطجية استخدموا الرصاص الحي ومكنهم اختفاء الشرطة من ممارسة إرهابهم وبث الذعر في نفوس أهالي المنطقة. الصمت سيد الموقف وتعطيل الحال هو ما أصاب شارع الشيخ علي الذي ظل فيه التجار يتفقدون التلفيات التي أصابت محلاتهم. يصطحبنا سيد جلال –دوكو سيارات- معه إلي الورشة لنري السيارات التي تحطمت نوافذها، ويتهم بشكل مباشر شخصية ذات نفوذ كبير كانت تنتمي في السابق لفلول الحزب الوطني المنحل بأنه السبب فيما حدث له بعد تضامنه مع رجل أعمال مشهور رغب في تأجير أرض بمثلث ماسبيرو فرفض الأهالي وقاموا بطرده من المنطقة. قال جلال إن المسألة التي يتم تصويرها علي أساس فرض إتاوات هي في الحقيقة إحداث فتنة بين أهالي المنطقة لتعطيل مصالحهم وإجبارهم علي تأجير أراضيهم لرجل الأعمال وهو ما جعل صاحب النفوذ يقوم بالانتقام منهم وترويعهم حتي يخضعوا للأمر . نفس الكلام نسمعه من جمال عامر مصطفي الذي أصيب في رأسه وعينه من الخرطوش، عامر الذي يحمل كارنيه رابطة شباب وأهالي مثلث ماسبيرو والذي يتهم بدوره نفس الشخصية بتدبير وقيعة بين الناس لمحاباة رجل الأعمال الشهير، ويضيف بأنه استأجر بلطجية من ميت عقبة لهذا الغرض. تكرار اسم الشخصية الكبيرة علي الألسنة كان الشيء اللافت الذي اتفق عليه غالبية الموجودين مثل حسين أنور عبد القادر الذي تعرضت ورشته للهجوم وفرحات محمد موسي الحلاق الذي قال إن البلطجية أتوا من العدوية وأنهم مجموعة من المسجلين خطر ويتلقون أوامرهم من صاحب السيادة.. أحداث شارع 26 يوليو لم تكن أقل حدة وعنفا من اشتباكات شهدت أيضا استخدام أسلحة نارية ومولوتوف بين أصحاب المحلات التجارية وبعض الباعة الجائلين بشارعي معروف وطلعت حرب بالقرب من مول طلعت حرب الموجود في منتصف الشارع , مما أدي إلي إغلاق الشارع بالكامل. والسبب كما أشار شهود عيان شجار وقع بين الباعة الجائلين وأصحاب المحلات التجارية بشارع طلعت حرب ومعروف وشامبليون, ويتكرر نفس سيناريو شارع 26 يوليو لتتجدد الاشتباكات مرة أخري ويعاد فيها استخدام الأسلحة النارية والبيضاء و قنابل المولوتوف والخرطوش. وقد حاول رجال نقطة شرطة التحرير التدخل لوقف الاشتباكات ولكنهم فشلوا ومنعهم أهالي المنطقة من التدخل خوفا من تفاقم الأوضاع لتستمر المعركة لأكثر من ساعة ونصف متواصلة دون انقطاع مما أدي إلي وقوع إصابات. الاشتباكات في شوارع القاهرة تجد ما يشبهها في بقية المحافظات لنعد إلي الحديث مرة أخري عن الانفلات الأمني الذي لم يجد حتي الآن من يردعه. ويفرض الموقف سؤالا حول عودة رجال الشرطة إلي الشارع دون فاعلية ووضعهم في خلفية المشهد كديكور باهت. وكأن اللواء محسن مراد، مساعد أول وزير الداخلية لأمن القاهرة، كان بحاجه إلي مثل هذه الحادثة ليقود حملة مكبرة ، لتكثيف التواجد الأمني وإعادة الانضباط المروري وإزالة كافة الإشغالات والتعديات والمخالفات بميادين وشوارع العاصمة، وهي الحملة التي تمت بمشاركة كافة الأجهزة بالمديرية بمنطقة شارع 26 يوليو وميدان الإسعاف، وأسفرت عن وجود عدة مخالفات في مجال المرور ومنها "5 مخالفات سير عكس الاتجاه، 7 طمس لوحات، 16 تعطيل حركة المرور، 11 ملصقات ومعلقات، 45 تكبيل بالكلابش، 98 وقوف في الممنوع، 142 مخالفات متنوعة، وتم حجز سيارتين، 86 مخالفات نموذج 125، 32 مخالفة نموذج 125 للدراجات بخارية و 45 سحب تراخيص دراجات بخارية. فيما تم ضبط 7 هاربين من أحكام جنائية، 9 هاربين من أحكام حبس، و8 متهمين في قضايا مخدرات، وآخر في قضية تموين، 5 سلاح أبيض وضبط مراقب هارب وإحضار اثنين آخرين.. أما في مجال المرافق فقد تم تنفيذ 42 إزالة إدارية و2 إشغال طريق و31 إدارة بدون ترخيص وضبط 41 بائعا جائلا. وفي الوقت الذي يشعر فيه المواطن بالخطر علي حياته، ووضع روحه علي كفه كلما سار في الشوارع فضلا عن التهديد الذي يلاحق مكان رزقه يجد مبارك حماية لا مثيل لها وهو ما لا يستطيع أحد تفسيره حتي هذه اللحظة. بارك الشعب المصري الخطوات التي اتخذها اللواء محمد إبراهيم عقب توليه المسئولية خلفا للواء منصور العيسوي بعد أن شهدوا نشاطا ملحوظا لرجال الداخلية في تعقب الجناة وهو الأمر الذي كنا نظن أنه سيستمر ليعود الهدوء إلي الشارع المصري. لنفاجأ بعدها بحرب عصابات وسرقات بنوك والاعتداء علي المحلات بطرق منظمة يستخدم أصحابها المدربون الأسلحة باقتدار.