برعاية ملك المغرب محمد السادس انعقد المؤتمر الدولي السنوي للكتاب السياحيين في "مراكش" تحت عنوان "السياحة والثقافة.. أية علاقة وأي مستقبل"، وحضره 300 شخصية إعلامية وسياحية من 30 دولة، وافتتحه محمد ساجد وزير السياحة، ومحمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال. علي مدي ثلاثة أيام ناقش المؤتمر وسائل النهوض بالسياحة حول العالم، والعقبات التي تعترض قاطرة التنمية، ورصدوا أخطر التحديات التي تعترضها وأهمها التغيرات المناخية، والهجرة غير الشرعية، والإرهاب. وكان حضور الوفد المصري طاغيًا ومؤثرًا، واستحوذ علي اهتمام الحاضرين وبخاصة علي طرح اقتراح بضرورة قيام النجم المصري العالمي محمد صلاح بالترويج للسياحة. جاء اختيار المدينة الحمراء "مراكش" مكانا لانعقاد هذا الملتقي الدولي السنوي، كونها من أقدم المدن العتيقة منذ عام 1985، وتحتضن العديد من المعالم السياحية، ومقصدًا رئيسيًا لكل من يريد زيارة المملكة المغربية. في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أكد محمد ساجد وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، أن قطاع السياحة مجال يقرب بين الحضارات والشعوب، ويساعد علي مواجهة تحديات الإرهاب والتغيرات المناخية، ويشكل من جهة ثانية رافعة اقتصادية توفر فرص العمل في الدول السياحية. وأضاف أن عمق رؤية وزارة السياحة لتطوير هذا القطاع بالمغرب هو تنمية الصناعة الثقافية كموروث مادي ولا مادي.. إلي جانب تحديث البنية التحتية وتعزيزها، لكونها رافعة للاقتصاد، معبرا عن اعتزاز الحكومة والمغاربة بثقافة الانفتاح والتسامح والحوار بين الحضارات والأديان، وأنهم حريصون علي حماية هذا الرأسمال التراثي والمحافظة عليه.. وقال للحاضرين من القارات الأوروبية والإفريقية والأمريكية إنهم سيكتشفون تقاليدنا العريقة والبسيطة والحبلي بقيم احترام الاختلاف الديني والجغرافي والثقافي وكذا بحسن الضيافة. التراث الثقافي ثم جاءت كلمة محمد الأعرج وزير الثقافة والاتصال "الإعلام"، وجاء فيها: لابد من التأكيد علي أهمية احتضان مراكش، المدينة التاريخية والسياحية، لهذه التظاهرة، بما يعنيه ذلك من حرص علي ربط الفكر بالواقع، والوعي بالممارسة، وأساس التخطيط بالتشخيص الميداني. لطالما كانت العلاقة بين الثقافة والسياحة علي المستويات الوطنية والدولية، موضوع لقاءات ودراسات وأبحاث وكذا مخططات وبرامج وسياسات، لذلك فإن رصيد الأدبيات والمقاربات في هذا المجال يتسم بالوفرة والغني والتنوع بتنوع المنطلقات وزوايا النظر، إن قطاع الثقافة يدرك تمام الإدراك أهمية الاستثمار في التراث الثقافي المادي وغير المادي، ليس فقط في أبعاده الحضارية والثقافية، بل أيضاً في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل السياحة محركها الأساسي، لقد كان التراث الثقافي منذ بدايات القرن الماضي، في صلب السياسات المغربية، وقد أسفر هذا الاشتغال المبكر علي التراث عن إنجازات في مجال جرد التراث الثقافي وتسجيله وحفظه وترميمه وتثمينه كعنصر أساس في المنظومة التنموية وهذا ما أسفر عن بلوغ مستويات دولية من العناية بالتراث، نستحضر منها تسجيل المدينة العتيقة لمراكش التي تحتضن المؤتمر، في لائحة التراث العالمي لليونسكو منذ سنة 1985.. وتوالت هذه الجهود إلي يومنا هذا من خلال الارتقاء بالتدبير الثقافي إلي مصاف الاستراتيجيات، فوزارة الثقافة والاتصال قطعت أشواطًا هامة في صيانة التراث الثقافي من خلال مخططها التنفيذي 2017 - 2021، الذي تشكل فيه المحافظة علي التراث الثقافي وتنميته المحور الرئيسي، استلهاما لمضامين الدستور، الذي شدد علي ضرورة حماية التراث للمملكة. صناعة السياحة أما التيجاني حداد (رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والكتاب السياحيين ووزير السياحة الأسبق في تونس)، فقد أوضح أن الصناعة السياحية مهددة بعوامل عدة، منها التغيرات المناخية والهجرة غير الشرعية والإرهاب الذي لا هوية له، وطالب دول العالم بأن تتعاون من أجل التصدي لهذا الثالوث الخطير، لأن السياحة سبيل لزرع الحوار والتواصل بين الأفراد والأمم، وبين الأديان والثقافات، منبها الدول التي تحذر مواطنيها من الذهاب إلي دول بعينها، خوفا من الحركات الإرهابية، أنها تقع في خطأ كبير لأنها تشجع هذه التيارات المتطرفة علي الاعتزاز بعملها الإجرامي، مما يطيل عمرها. الاقتصاد الوطني وأشار التهامي محب رئيس مجلس مدينة مراكش إلي مخططات التنمية المختلفة لمواجهة عدة تحديات منها: توفير فرص العمل، والتنمية المستدامة، معتمدا علي استثمار كل ما تزخر به أقاليم المنطقة من مآثر ومبانٍ تاريخية وتراث حضاري، وشق الطرق في عمق الجبال لربط مجالات قروية تزخر بمؤهلات طبيعية، من أجل تحقيق مردودية وإنتاجية قوية تعود بالنفع علي كل سكان مراكش، وعلي الاقتصاد الوطني. تشويه الآثار ورصد الكاتب المصري الكبير صلاح عطية (نائب رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين) في إحدي حلقات البحث الساخنة السلوكيات المتدنية في التعامل مع الآثار والتي يقترفها (للأسف الشديد) عدد من السياح، من تشويه للآثار بالكتابة عليها أو الإساءة إليها بالخدش وربما بالكسر، وشرح كيفية تفادي هذه السلوكيات السلبية لبعض السائحين، فالأمر جد خطير وصعب بمنح هذه "العينة" تأشيرات دخول، كما أن معظم التأشيرات الآن أصبحت "إلكترونية" وتمنحها بعض الدول السياحية في المطارات، والحل الوحيد لهذه المشكلة هو نشر ثقافة التوعية للتعامل الصحيح مع الآثار منذ الصغر بالسلوكيات الإيجابية، وإدخال السلوك السياحي إلي مقررات التعليم في كل البلاد، مع الاهتمام بتشديد الحراسات وتكثيفها علي المعالم السياحية. تميز المؤتمر بلقاءات العمل، والمناقشات الساخنة، وبالأفكار الجيدة، واستمع الوفد المصري باهتمام بالغ إلي خبير السياحة هشام إدريس، عندما طالب وزارة السياحة المصرية باستثمار الشعبية العالمية للاعب المصري الدولي محمد صلاح للترويج للمقاصد السياحية المصرية ودعوة الأجانب لزيارة بلادنا لأنه يتمتع بجماهيرية عريضة من عشاق الساحرة المستديرة، وأن الجنسيات الأوروبية إضافة طبعا إلي العربية أكثر عشقا لمحمد صلاح بكونه لاعبا في صفوف "ليفربول" الإنجليزي، مؤكدا بحكم خبرته أن الألمان والإنجليز أعلي الجنسيات لزيارة دول البحر المتوسط وعلي رأسها مصر، وبالتالي سيكون محمد صلاح أفضل سفير سياحي لمصر. حرصت حكومة المغرب علي تنظيم زيارات ورحلات للصحفيين والإعلاميين المشاركين، شملت عدداً من المتاحف والمنتجعات للتعرف علي الوجهات السياحية بالمغرب، وزيارات خاصة إلي فاس، ومكناس، والدار البيضاء، كما أنشأت منصات حضارية للتعرف علي فنون الشعوب المختلفة، فاستقدمت المغني العالمي الإسباني »ميكيل كارسا بريرا، وفرقة.. فال دياكراساس.. التي قدمت عرضاً رائعاً ولوحات فنية راقصة من تراث صقلية الإيطالية.