ساركوزى يستخدم شعار أدى لخسارة الرئيس الأسبق من أين أتي ساركوزي بكلماته ؟ ومن أي ماض استوحي شعاره؟ وما هو جديد أفكاره لخمس سنوات مقبلة؟ تلك كانت الأسئلة التي طرحها الفرنسيون، عقب إعلان رئيسهم نيكولا ساركوزي، المنتهية ولايته الرئاسية الأولي رسميا في 15 أبريل القادم، الترشح لفترة رئاسية ثانية.."ساركو" كما يطلق عليه المقربون منه، قال إنه سيترشح من أجل فرنسا قوية، وللحفاظ علي مكتسبات أخلاقية، ولأنه لا يمكن أن يخذل الشعب الذي منحه ثقته وأنه سيضحي بخمس سنوات أخري من عمره في الإليزيه، بالرغم من أن ذلك علي حساب صحته وسعادة أسرته التي تعاني كثيرا بسبب مهامه الجسيمة كرئيس للجمهورية، ولكن هل كان ساركوزي مقنعا ومبشرا فيما قاله وروج له؟ حقيقة الأمر أن الكثيرين اعتبروا شعار ساركوزي"من أجل فرنسا قوية"، نذير شؤم عليه وعلي اليمين الفرنسي عموما، إذ إن هذا الشعار هو نفسه الذي استخدمه الرئيس الأسبق " فاليري جيسكار ديستان"، عام 1981، عقب انتهاء فترته الأولي التي بدأت عام 1974 (الفترة الرئاسية كانت 7سنوات من 1958حتي 2002)، وكان المتحدي في ذلك الوقت، هو المرشح الاشتراكي "فرانسوا ميتران"، الذي تمكن من الفوز علي "ديستان"، ليصبح اليساري الأول والأوحد الذي حكم فرنسا"(حكم فترتين من 1981-1995)، علي مر تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، الممتد من عام 1958 وحتي الآن، إضافة لذلك فقد كانت لهجة ساركوزي في الحديث غير مقنعة لمن تابعه، وبدا عليه الاهتزاز وافتقاد الثقة، والخوف من "فرانسوا أولاند" مرشح الحزب الاشتراكي PS ، و الذي يعد الأبرز والأقدر علي خوض غمار الاستحقاق الرئاسي أمام ساركوزي، الذي ما إن ورد ذكر "أولاند"أمامه، حتي نعته بأنه"رجل يكذب آناء الليل وأطراف النهار"، دون أن يطرح نقدا موضوعيا ضد منافسه المتقدم عليه في أغلب استطلاعات الرأي حتي الآن. ساركوزي قال في مقابلة تلفزيونية لقناةTF1 ، إنه كان من الممكن أن يتخلص من مشقة عمل صعب وأن يحرر أسرته من ضغوطات حياة السياسة والأضواء، ولكنه في النهاية اختار الترشح لفترة ثانية خوفا من ألا يجني الفرنسيون ثمار خطوات الإصلاح الاقتصادي الذي بدأه عام 2007، محذرا من أن ترك الساحة للاشتراكيين يعني العودة للوراء باعتبار أن ما أصلحه هو تصحيح لما ارتكبه "فرانسوا ميتران" من أخطاء علي مدي أربعة عشر عاما، وأضاف "ساركوزي" أنه وإن كان قد ارتكب بعض الأخطاء، علي مدي السنوات الخمس الماضية، إلا أنه يفتخر بأنه كان "صادقا مخلصا لم يدخر جهدا في تقديم أفضل ما لديه"، وهو ما سخر منه معارضوه، بالتذكير بوعده الذي قطعه علي نفسه بفترة رئاسية واحدة، والعمل علي رفع القدرة الشرائية عند الفرنسيين وهو ما لم يحدث، والتعهد بعدم إرسال جنود فرنسيين إلي أفغانستان، وهو ما لم يف به. من الأشياء الأخري التي استوحاها ساركوزي من الماضي في إعلان ترشحه لفترة ثانية، والتي اعتبرها المراقبون نذير شؤم آخر عليه، قوله إنه سيلجأ فيما بعد للاستفتاء الشعبي علي أي مقترح جديد، لا سيما لوكان الأمر يتعلق بإصلاحات اقتصادية وحلول لمواجهة البطالة، علما بأن الرئيس الراحل "شارل ديجول"، مؤسس الجمهورية الخامسة، اضطر للاستقالة عام 1968 إثر رفض شعبي في استفتاء علي مجموعة من الإصلاحات التي تم طرحها في ذلك الوقت. رد "فرانسوا أولاند"، علي إعلان ساركوزي كان في غاية التهكم والسخرية، حينما علق، وسط جمع من أنصاره، علي ذلك الترشح لفترة ثانية، بالقول:"يا له من خبر، يا له من شعور، يا له من تحول خطير في الأحداث، هل سمعتم عن ذلك أيها السادة: إن الرئيس المرشح أصبح مرشح رئيس"، وذلك في سخرية مما ظل ساركوزي يرفض، لفترة طويلة، الإجابة عليه بشكل واضح عن ترشحه للرئاسة من عدمه. الباحث في علم الاجتماع السياسي "ستيفان روزيس"، أكد لصحيفة لوموند الفرنسية اليومية، أن إعلان ساركوزي الترشح، كان يحتوي علي تناقضات غريبة فهو تارة يريد الظهور في صورة قائد الأمة وحاميها من المخاطر وقبطان سفينة في قلب العاصفة، وتارة أخري يبدو وكأنه الجنرال الكورسيكي المغامر نابليون بونابرت، وذلك في تمرده علي النقابات ومؤسسات المجتمع المدني وهو ما بدا واضحا في حديثه عن اللجوء للاستفتاءات الشعبية، كي لا يكون هناك وسيط بين الشعب والسلطة العليا، ويضيف الباحث الفرنسي "خطاب ساركوزي أغفل شيئا في غاية الأهمية في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، وهو أن أفكار اليسار تجد قبولا أكبر وانتشارا أوسع عند الجمهور، بينما هو ظل محافظا علي نبرة يمينية كلاسيكية، قد لا تفيده كثيرا في الأيام المقبلة"