مازال الأمن مختلا.. ومازالت الداخلية مليئة بالزبانية الذين نشأوا وتبرمجوا علي الجبروت والسادية!!.. مازال أمام وزير الداخلية الذي نجح نسبيا في تفعيل الأداة الأمنية، واستعادة بعض الأمان للشارع المصري.. مازال علي الرجل الجاد أن يرتب البيت من الداخلبعث اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية برسالة تهنئة من أبناء الشرطة إلي الشعب المصري بمناسبة تآخي عيد الشرطة مع عيد الثورة في نفس تاريخ 52 يناير.. والحقيقة المؤكدة أنه قبل اندلاع الثورة منذ عام، كان هذا التاريخ قد فقد بريقه مع فقدان الشرطة لوظيفتها الأساسية في خدمة الشعب، وتفرغها لقمعه وقهره وسحقه وتعذيبه وإرهابه تحت قيادة المسجون الحالي والوزير السابق حبيب العادلي وحاشيته من اللواءات والزبانية، الذين كرسوا جهدهم جميعا لتسجيد الشعب وكتم أنفاسه ودفن إرادته!! كنت أنا مثلا من موقعي الصحفي، أراقب سلوك بعض الضباط وأمناء الشرطة فأتبين جسامة التحول الذي أصابهم بالسادية (حب تعذيب الغير) وتغاضيهم بالطبع عن هذا السلوك الممنهج الكريه أمام أصحاب الرتب الحكومية وذوي الحظوة والمكانة السيادية.. أذكر مثلا أن كنت أقود سيارتي قبل بضعة أعوام علي الطريق الدائري في أحد أيام شهر يناير، وهي الفترة التي كانت حملات الشرطة والمرور تنشط فيها بشكل ملحوظ، ولسبب معلوم ومفضوح هو جمع الإتاوات تحت مسمي المخالفات من الشعب البائس لأجل تحصيل أكبر قدر من المال لتوزيعه علي رجال الداخلية في صورة مكافآت سنوية بمناسبة عيدهم!! المهم أنني كنت أسير خلف سيارة تحمل رمز النسر، ويضع صاحبها من باب التعالي» الكاب« المكلل بنسر آخر في خلفية السيارة، وعندما استوقفتنا لجنة مراقبة السرعة الملتقطة بالرادار، قام ضابط اللجنة بتمرير سيارة الضابط و»ضرب له كمان تعظيم سلام«!! ثم أتاني مسرعا كوحش يتربص بفريسة وقالي لي: تدفعي غرامة السرعة وللا أسحب الرخص..؟ قلت له : ليه أوقفت السيارة التي أمامي وتركتها تمضي بدون أي غرامة ولا سحب رخص؟! ألم يكن مسرعا، والرادار التقط رقمه بدليل أنك استوقفته؟! رد بعصبية: ملكيش دعوة بغيرك!! قلت بحزم: لأ لي دعوة.. أنا صحفية ومن صميم عملي أن أراقب أداء الحكومة، وسوف أكتب في هذا الموضوع.. اسمك إيه؟ لم يعرني أي اهتمام والتفت إلي أفراد اللجنة قائلا: اسحب الحاجز وافتح الطريق.. خلصنا شغل!! هكذا كانت الشرطة تعمل، وأما تجاوزات مباحث أمن الدولة فهناك ملايين يملكون أهوالا وروايات مفزعة مع رجالها الأشاوس الوحشيين!! أحدهم سائس سيارات في منطقة الأزهر اسمه محمد عبدالجواد، انتهي به الحال في هذا الموقع بعد أن كان يعمل ميكانيكيا متخصصا في طراز نفيس من السيارات تابع لأحد التوكيلات العالمية.. كان محمد يدافع عن شقيقه العامل المريض بالسكر في مشادة أحد أطرافها شقيق ضابط مباحث »مفتري«! وتوعد هذا الشخص بايذاء محمد المستفز من إهانة أخيه المريض، والذي لم يتراجع عن مواجهة الظالم (المسنود) علي سلطة أخيه الضابط، فكان جزاؤه الضرب المبرح وتلفيق تهمة حيازة بانجو تم وضعه عنوة في ملابس محمد بعد إهلاكه بالتعذيب داخل مكتب الضابط!! والسؤال هو: من أين أحضروا البانجو لتأكيد التهمة؟ والإجابة البديهية: أن رجال المباحث جاهزون بكل شيء وبينهم المدمن ومروج المخدرات! ولنراجع ماحدث للشهيد خالد سعيد الذي انتقم المباحثيون منه بدس لفافة بانجو في بلعومه بعد سحقه وقتله بالضرب المبرح، وذلك بالطبع لتشويه سمعته بعد استشهاده! نعود لمأساة المواطن محمد عبدالجواد، الذي وجد نفسه مدانا علي ذمة قضية مخدرات، متلبسا بحوزته كمية بانجو لاتتوفر إلا لتاجر كبير أو لدي قطاع مكافحة المخدرات! ولأنه فقير ومعدم، لم يتمكن من توكيل محام قدير يبرئه من القضية (المحبوكة) بدقة.. أمضي محمد ثلاث سنوات سجنا انتهت قبل الثورة بعام وألصقت به صفة (سوابق)! فلم يتمكن بالطبع من استعادة وظيفته في شركة صيانة السيارات ولا العمل في أي ورشة أخري!! أصبح الشارع ملاذه ورزقه، يبحث فيه عن كرم أصحاب السيارات التي يودعونها حيث يعمل »سايس«! ولايزال محمد يتذكر اسم الضابط الجبار واسم أخيه الظالم وأسماء المخبرين الذين حطموا عظامه!! أنا أيضا أعرفهم.. أحدهم فقأ عيون الثوار في شارع محمد محمود وأمام مجلس الوزراء!!.. وآخرون قتلوا وسحلوا جثث الشهداء نحو مقلب القمامة! كما تولوا هتك أعراض البنات وتعريتهن وضرب إحداهن بحذاء غليظ في بطنها العارية! مازال الأمن مختلا.. ومازالت الداخلية مليئة بالزبانية الذين نشأوا وتبرمجوا علي الجبروت والسادية!!.. مازال أمام وزير الداخلية الذي نجح نسبيا في تفعيل الأداة الأمنية، واستعادة بعض الأمان للشارع المصري.. مازال علي الرجل الجاد أن يرتب البيت من الداخل، والبيت الذي أعنيه هو وزارة الداخلية.. فمايزال العديد من أعضائها الفاسدين ينعمون بمناصبهم، مختبئين داخل أسوارها الحصينة من المساءلة القانونية عما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب المصري طوال ثلاثين سنة نبتت لهم فيها أنياب وأظافر فأصبحوا وحوشا في قفص الرئيس السابق، يطعمهم لحم شعبه ليهنأ بعرشه الذي هوي! وياوزير الداخلية.. بأي حال عاد عيد الشرطة؟! ❊❊❊ مجلس الشعب الجديد.. برلمان سابق التجهيز!! والكابوس الذي يؤرق كل المعنيين بالوطن، هو أن يتم إحلال الحزب الوطني المنحل، بحزب الحرية والعدالة الحاكم باسم الإخوان المسلمين.. هذه الطامة القاتلة للديمقراطية هي ماحذر منها المفكر العربي الكبير عبدالرحمن الكواكبي في كتابه العبقري (طبائع الاستبداد) حين أكد أن الحكم باسم الدين هو أسوأ أنواع الاستبداد!!