تمتلك مصر والهند حضارتين من أقدم الحضارات في العالم كما قامت بينهما اتصالات قوية عبر التاريخ وقد تمتعت الدولتان بعلاقات وثيقة متميزة علي مدي سنوات طويلة ممتدة وعام 1955 أثناء عصر ناصر نهرو وقعت الدولتان معاهدة صداقة وكان ميلاد حركة عدم الانحياز أحد ثمارها. ومنذ ثمانينات القرن العشرين توطدت العلاقات بين الدولتين علي كافة المستويات الرسمية وغير الرسمية كما تدعمت علاقات التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية وتشترك كل من مصر والهند في الاحتفال خلال شهر يناير بذكري هامة لدي كل منهما ففي يوم 25 يناير تحل الذكري الأولي لثورة الشعب المصري العظيمة والتي تعد بمثابة نقطة تحول لمصرنا الحبيبة نحو إرساء دعائم الديمقراطية وتأسيس دولة القانون التي تحترم الحقوق والحريات لأبناء الشعب المصري. من ناحية أخري فإن يوم 26 من يناير يعد من أهم التواريخ المحفورة في ذاكرة الهند لأنه عيد الاستقلال وقد أكد السفير الهندي لدي مصر »أرسواميناثان« اعتزاز بلاده بالثورة المصرية ورغبة حكومة نيودلهي في استمرار العلاقات المصرية الهندية بشكل أكثر قوة وتميزا. استقبلت مصر علي مدي العام الماضي عددا من كبار المسئولين في الحكومة الهندية في إطار رغبة الدولتين في دعم التعاون المشترك والتشاور السياسي في كافة المجالات.. ومن المنتظر أن ترأس (أجاثا سانجما) وزيرة الدولة الهندية للتنمية الريفية وفدا للمشاركة في الدورة العامة السابعة عشرة لمؤتمر المنظمة الأفروآسيوية للتنمية الريفية والذي سيعقد في القاهرة خلال الفترة من 31 يناير الجاري حتي 2 فبراير المقبل ومن المقرر أن يقوم نائب وزير خارجية الهندي بزيارة مصر خلال شهر فبراير 2012 لعقد المحادثات مع المسئولين بوزارة الخارجية وجامعة الدول العربية. اهتمام خاص بالسوق المصري تعد مصر أحد أهم شركاء الهند في مجال التجارة في قارة أفريقيا وقد تم تطبيق اتفاقية التجارة الثنائية بين الهند ومصر منذ مارس 1978 واعتمدت علي مبدأ الدولة الأولي بالرعاية وقد زادت نسبة التبادل التجاري بين الدولتين بصورة كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث كانت الهند علي حد تصريحات السفير الهندي بالقاهرة علي قائمة الدول الخمسة الأولي المستوردة للمنتجات المصرية وخلال العام المالي 2009 2010 أصبح الميزان التجاري في صالح مصر بقيمة 163 مليون دولار. وفيما يتعلق بقطاع الاستثمارات فلقد بدأ العمل باتفاقية حماية الاستثمارات الثنائية بين الهند ومصر في نوفمبر من عام 2000 ويولي المستثمرون الهنود اهتماما خاصا للسوق المصري حيث لم تتأثر الاستثمارات الهندية بالمخاوف التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011. ومن الجدير بالذكر فهناك مايقرب من خمسين شركة هندية تعمل بمصر 25 شركة منها عبارة عن مشروعات مشتركة و7 شركات هندية تابعة أما باقي الشركات الهندية فتعمل في مصر من خلال مكاتب التمثيل التابعة لها وتقوم بتنفيذ مشروعات مختلفة لصالح الحكومة المصرية والمؤسسات الحكومية وتعمل الشركات الهندية في كافة المجالات تقريبا من منسوجات وملابس وطاقة وكيماويات وتكنولوجيا المعلومات والسلع الاستهلاكية.. وعلي هذا الأساس فإن إجمالي قيمة الاستثمارات الهندية في مصر تبلغ حوالي 2.5 مليار دولار أمريكي وتتطلع الهند لأن تصل في المستقبل القريب إلي 3 مليارات دولار أمريكي. وتوفر الشركات الاستثمارية الهندية العاملة علي أرض مصر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لحوالي 35 ألف مصري. وفي الجهة المقابلة فإن الاستثمارات المصرية في الهند تبلغ قيمتها حوالي 30 مليون دولار أمريكي. الشبكة الإلكترونية الأفريقية وفي إطار الجهود المتواصلة لدعم العلاقات مع القارة الأفريقية أطلقت الهند مشروع الشبكة الإلكترونية الأفريقية، وهو مشروع طموح تم خلاله إنشاء شبكة من الألياف البصرية توفر خدمات الاتصال عن طريق الأقمار الصناعية وخدمات العلاج والتعليم عن بعد لكافة دول الاتحاد الأفريقي البالغ عددها 53 دولة. وفي إطار هذا المشروع تم تشغيل مركز التعليم عن بعد منذ يوليو 2009 بجامعة الإسكندرية وقد قام بالفعل 15 طالبا مصريا بالالتحاق بدراسات الماجستير في إدارة الأعمال بينما التحق 45 آخرون للحصول علي درجة الماجستير في تكنولوجيا المعلومات في إطار مذكرات التفاهم المبرمة بين جامعة الإسكندرية واثنتين من الجامعات الهندية ومن بينهما جامعة أنديرا غاندي الوطنية المفتوحة. وفي إطار هذا المشروع أيضا تم تشغيل مركز العلاج عن بعد من نوفمبر 2009 وذلك بمركز التنمية وصحة المرأة بالإسكندرية.. وتستعد جامعة الإسكندرية قريبا لأن تصبح مركزا إقليميا لتقديم خدمات التعليم عن بعد والعلاج عن بعد لمنطقة شمال أفريقيا كلها وبعد الانتهاء من الاستعدادات الجارية سيتم ربط جامعات دول شمال أفريقيا بجامعة الإسكندرية التي سوف تبث المحاضرات لهذه الجامعات. علاقات متنوعة برنامج التعاون الفني والاقتصادي الهندي هو برنامج للتعاون والشراكة تقوم الهند من خلاله بتقديم خبراتها الفنية للدول النامية الصديقة وقد أصبح هذا البرنامج عنصرا هاما في علاقات الهند الاقتصادية مع مصر وفي إطار هذا البرنامج تم اختيار أكثر من 120 مسئولا مصريا هذا العام لتلقي التدريب في عدد من المعاهد التعليمية والفنية والمهنية بالهند في مختلف المجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والزراعة والقطاع المالي والمصرفي والتنمية الريفية والموارد المائية وغيرها. وفي إطار العلاقات الثقافية بين الهند ومصر أنشئ مركز »مولانا آزاد« الثقافي الهندي بالقاهرة عام 1992 وهو أول مركز ثقافي هندي في المنطقة العربية بهدف دعم التعاون الثقافي بين البلدين كما يعد مسئولا عن تنفيذ برنامج التبادل الثقافي وقد شهدت العلاقات الثقافية بين مصر والهند خلال عام 2011 مزيدا من النمو.. وهو العام الذي شهد بدء الاحتفال بالذكري المائة والخمسين لميلاد طاغور حيث تم تنظيم العديد من الندوات الثقافية بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية للاحتفال بهذه المناسبة. ومن المتوقع أن تزداد علاقات التعاون والروابط بين مصر والهند قوة خلال السنوات القادمة مع استكمال مسيرة الثورة المصرية الهادفة إلي تحقيق المزيد من النجاح باستكمال عوامل البناء والاستقرار ومن ثم الانفتاح علي كافة دول العالم ومن بينها الدول التي تشكل أركانا راسخة في السياسة الخارجية المصرية وعلي رأسها الهند.