رغم وجود قانون رادع وعقوبات تصل للحبس وغرامة مالية علي الإعلانات المضللة، إلا أن هذا القانون لم ينفذ علي المخالفين، ولم يطبق علي أرض الواقع، وهو ما أدي لانتشار هذه الإعلانات الوهمية، وأصبحت خارج السيطرة. صحة النواب: المواطن مطالب بالإبلاغ عن الإعلانات المضللة لتطبيق القانون حماية المستهلك: نراقبها ونتصدي لمروجيها.. والقانون الجديد يواجه الغش التجاري خبراء: معظمها يأتي من الدول النامية الواقع، يؤكد أننا نعيش في فوضي عارمة لما تطالعنا به الفضائيات ليل نهار من إعلانات عن منتجات طبية سواء كانت أعشابا أو أدوية وعقاقير، فضلاً عن بعض الخدمات الصحية التي تعبث بعقول المواطنين أملاً في الشفاء العاجل، حيث تخاطب هذه الخدمات الصحية مواطنين يعانون أمراضاً مزمنة؛ كالسمنة والسكر والعظام والأعصاب؛ وغيرها من الأمراض، ووفقاً لجهاز حماية المستهلك يوجد 35 قناة تبث إعلانات مضللة داخل مصر من سلوفينيا، وأن هذه المنتجات غير مصرح بتداولها من الجهات المسؤولة في مصر لأنها منتجات تضر بالصحة كأدوية التخسيس فضلاً عما تسببه هذه الإعلانات الوهمية من ضرر للاقتصاد القومي، وهو ما كشف عنه مؤخراً خبراء بأن حجم الإعلانات المضللة في مصر يبلغ 8 مليارات دولار. وعرف القانون الإعلان بأنه نشر أي معلومات أو بيانات عن منتج صحي أو خدمة صحية عبر أي وسيلة مرئية أو مسموعة أو مقروءة سواء تعلق بالترويج أو الدعاية للمنتج أو الخدمة الصحية بطريقة مباشرة ويحظر الإعلان بأي وسيلة عن أي منتج صحي أو خدمة صحية بغير الحصول علي ترخيص بذلك من اللجنة العليا المختصة التي تشكل برئاسة وزير الصحة أو من ينوب عنه وتختص بمطالعة ومراجعة مضمون ومحتوي الإعلان وتتأكد من استيفاء المنتج الصحي أو الخدمة الصحية المعلن عنها لإجراء الترخيص والتداول المنصوص عليها في القوانين والقرارات والاشتراطات والإجراءات المطلوبة وعدم مخالفة الإعلان للنظام والآداب العامة، حيث تصدر اللجنة قراراتها بأغلبية برفض الإعلان ويسدد طالب الإعلان رسماً لا يتجاوز قيمته عشرة آلاف جنيه عن كل إعلان تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون فئات الرسم ومواعيد سداده وإجراءاته. وحدد القانون عقوبة كل من يعلن أو يسمح بالإعلان عن أي منتج صحي أو خدمة صحية بغير ترخيص بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تقل عن مائة ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين وتكون عقوبة السجن وغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه إذا ترتب علي استخدام المنتج أو الخدمة العلمية المعلن عنها الوفاة أو الإصابة بعاهة مستديمة. اللافت للنظر، أن حجم الإعلانات المضللة علي مستوي العالم يبلغ 800 مليار دولار وفقاً لإحصائية صدرت 2016 بما يوازي 8٪ من حجم التجارة الدولية بحسب فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، المستشار السابق لصندوق النقد الدولي، والذي كشف أن حجم الإعلانات المضللة في العالم العربي تصل ل60 مليار دولار وأن نصيب مصر منها يبلغ 8 مليارات دولار، مشيرا إلي أن معظم الإعلانات المضللة من الدول النامية. يقول الدكتور أيمن أبو العلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، بأن المادة 18 من الدستور تلزم الحكومة بالسيطرة علي كل وسائل الدعاية، كما تتيح نفس المادة للمواطنين الحق في الصحة قبل الرعاية الصحية، لافتا إلي أن الهدف من وراء القانون كم الخداع والتدليس والتضليل الذي انتشر في الفترة الأخيرة في الإعلان عن منتجات وخدمات صحية خاصة في القنوات الفضائية أو أي وسيلة إعلامية بشكل عام، موضحاً بأن التشريعات التي كانت موجودة من قبل كانت غير رادعة ومن هنا كان إصدار القانون الجديد ضرورة حتمية لما لهذه الإعلانات من آثار سلبية وسيئة علي صحة المواطن. يضيف أن القانون لا يسمح بأي إعلان إلا عن طريق لجنة متخصصة من وزارة الصحة وأن العقوبة قد تصل إلي الغرامة 200 ألف جنيه و5 سنوات كحبس، لافتا إلي أن اللجنة المتخصصة والتي من مهامها الرد وتحديد صلاحية المنتج في مدة لا تتعدي 15 يوما ولا تزيد الرسوم علي 10 آلاف جنيه وفقاً لنوع المنتج وتقل كلما قل السعر أو الاستهلاك أو أي اعتبارات أخري، مطالباً المجتمع بالمساعدة عن طريق الإبلاغ عن أي تجاوزات حتي يتيح تطبيق القانون ومحاربة فوضي هذه الإعلانات الوهمية والمضللة. يوضح وكيل لجنة الصحة بالبرلمان أن تشكيل اللجنة أصبح أمراً ضرورياً وعدم السماح لأي إعلان عن أي خدمة طبية أو أي مستحضر طبي، إلا بعد الحصول علي تصريح منها في أي وسيلة إعلامية سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة أو وسائط التواصل الاجتماعي وفقا للقانون. ويري الدكتور محمد العماري، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، أن المشكلة ليست في القانون لكنها في التنفيذ، فالقانون موجود لكن تنفيذه هو الأهم، فالقوانين خلقت لكي تطبق وليست حبيسة الأدراج، موضحاً أن القانون تأخر كثيراً وعلي المجتمع المدني أن يساهم في تنفيذ هذا القانون والإبلاغ الفوري عن أي تجاوزات إضافة إلي ضرورة أن يطبق القانون علي الجميع. بينما يري الدكتور حسام عيسي أستاذ القانون الخاص بحقوق عين شمس، أن جميع دول العالم تمنع الإعلان عن أي أدوية للجمهور بطريقة مباشرة، وأن الأدوية المصرح بالإعلان عنها لا تحتوي علي أي آثار جانبية أو لها تأثير علي صحة المواطنين كالفيتامينات وغيرها من الأدوية التي ليست لها أي ضرر علي صحة الإنسان ويسمح بصرفها بدون روشتة، لافتا إلي أن الإعلان في مصر لا يخضع لأي ضوابط فشراء الأدوية بدون اللجوء للطبيب قد سهل عملية الترويج لها للمستهلك بشكل مباشر، وذلك بسبب قلة التكلفة علي المنتج ولا يوجد ما يمنع شراءه، حيث يلاحظ أن الصيدليات تبيع الأدوية بدون روشتة، موضحاً أنه في حالة التزامنا بعدم الصرف إلا بوجود روشتة من الطبيب لكن في نفس الوقت سيكون له تأثير علي البسطاء، ولذلك أن الشيء الذي يقلقني هو أن القانون لا يؤتي ثماره لأن المريض يبحث عن الدواء بأي طريقة وليس فقط من خلال وسائل الإعلان. أما الدكتور راضي عبدالمعطي رئيس جهاز حماية المستهلك، فيؤكد أن الجهاز يراقب هذه الإعلانات الوهمية ويتصدي للمروجين لها والتعامل معهم وفقاً للقانون، لافتا إلي أنه قد تم تحويل الكثير من القنوات الفضائية إلي النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية معها بشأن ترويجها لمنتجات وهمية تضر بصحة المواطنين، ويوضح أن قانون حماية المستهلك الجديد الذي وافق عليه مجلس النواب خلال العام الحالي أكثر صرامة وحزما في مواجهة الغش التجاري والإعلانات المضللة، حيث يتعامل بحسم وبكل قوة مع من يهدد الصحة العامة ويعرض صحة المواطن للخطر، لافتا إلي أن الإعلان الوهمي يستغل قلة التكلفة في تكرار الإعلان بشكل مباشر وغير منطقي يخدع به الكثير من المواطنين، وبرغم ما تم من إغلاق للكثير من المراكز وبعض القنوات لكن الغريب في الأمر قيام قنوات تبث علي أقمار أخري من خارج مصر، مطالباً المواطنين في كل محافظات مصر بالتواصل مع جهاز حماية المستهلك في الاستفسار عن أي معلومة تتعلق بالصحة العامة، فنحن كجهاز نتلقي الشكاوي علي مدار اليوم من خلال البريد الإلكتروني وأيضاً عن طريق واتساب، ونهيب بالمواطنين بعدم التسرع في شراء أي منتج تقوم القنوات الفضائية بالترويج له إلا بعد الاستفسار عنه ومعرفة إن كان منتجاً حقيقياً أو وهمياً، موضحاً أن للجهاز دوراً مهماً في حماية المواطنين من عمليات النصب والخداع والتي يقوم بها بعض التجار والمروجين للسلع المغشوشة، وأنه خلال المرحلة المقبلة سيقوم الجهاز بإصدار دليل لحماية المستهلك ويوزع علي المواطنين لتوعيتهم بحقوقهم وتوضيح ثقافة الاستهلاك.