إذا كنا نشتكي هذه الأيام من هروب الاستثمارات الأجنبية بسبب الأحداث التي تمر بها البلاد ..وتأثيرها القوي علي الاقتصاد المصري .. فإن الواقع يحتم والحقائق تؤكد أن الاستثمارات الوطنية أصبحت أهم وأجدي من التفكير في كيفية جذب الاستثمارات الأجنبية في الوقت الحالي ..فالموارد والإمكانيات والقدرات أصبحت تستحق الاهتمام والدعم والمساندة أكثر من أي وقت مضي وتسخيرها لصالح الاقتصاد الوطني.. وإذا كنا أطلقنا هذه الأيام حملة (اشتري المنتج المصري ) تشجيعا لصناعة بلدنا.. فالأولي أيضا أن نطلق بجانب هذه الحملة مبادرة أخري يكون شعارها (استثمر في مصر يا ابن بلدي)..وهي المبادرة التي ينادي بها المهندس علي سالم رجل الأعمال وصاحب أحد مصانع المنتجات المعدنية..بعد الحملة التي نادي بها كل فئات المجتمع وهي (اشتري المنتج المصري) تشجيعا لصناعة بلدنا وفي الوقت نفسه ترشيدا للنفقات بدلا من شراء المنتج المستورد غالي الثمن وذي الصناعة الرديئة كما نري في المنتجات الآسيوية وخير شاهد علي ذلك المنتجات الصينية التي نستوردها. خاصة أنه كان من المفروض بعد سقوط النظام وأركانه ،أن يأتي البناء وكان من المفروض أيضا أن يأتي الاهتمام بالاستثمارات الوطنية وجذب رؤوس الأموال الوطنية و الاهتمام بقطاع الصناعة، فتقرير الهيئة العامة للتصنيع يؤكد أن الاستثمارات الصناعية الكلية لعامي 2011-2012 تبلغ حوالي 30.6 مليار جنيه أي بنحو 13٪ من الاستثمارات الكلية ، ويخص القطاع الخاص منها نحو 15.8 مليار جنيه من الاستثمارات الصناعية غير البترولية بنسبة 71٪من إجمالي هذه الاستثمارات، والباقي يمثل استثمارات عامة موزعة بين الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والشركات العامة. وبالنظر إلي حجم هذه الاستثمارات نجدها أقل من المطلوب خاصة أن مصر في هذه المرحلة في حاجة إلي المزيد من الاستثمارات الصناعية ، كذلك علي الهيئة العامة للاستثمار ان تقوم بتوفير البيانات والمعلومات عن الشركات لمساعدة المستثمر الجديد لمعرفة ظروف السوق واتخاذ القرار المناسب بناء علي هذه البيانات ، مع ضرورة الاستفادة من الدراسات والأبحاث لجذب المزيد من الاستثمارات الخبراء الاقتصاديون طالبوا بضرورة تشجيع الاستثمارات الوطنية الجديدة أولا قبل التركيز علي كيفية جذب المستثمر الأجنبي من الخارج، حيث إن الموارد والإمكانيات والقدرات الموجودة داخل مصر تستحق الاهتمام والدعم والمساندة لتحقيق تنمية حقيقية للاقتصاد الوطني.. أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية يري أن طموحات ما بعد ثورة 25 يناير سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية تتطلب مزيدا من العمل والإنتاج وتضافر جهود رجال الفكر والعلم والمستثمرين ورجال الأعمال لوضع رؤية مستقبلية للاقتصاد المصري لرفع مستوي معيشة المواطن والقضاء علي البطالة وتشجيع الاستثمارات الجديدة. خاصة أن هناك هواجس ومخاوف كثيرة تنتاب العاملين في كل القطاعات عن مستقبل الاقتصاد المصري، مشيرا إلي قلق شركاء مصر في الخارج من وضع الاستثمار والتنمية في مصر، وهو ما يتطلب التعاون من الجميع لتخطي هذه المرحلة الصعبة وخلق مناخ جيد للاستقرار الذي يعد أهم شروط الاستثمار في أي دولة في العالم. في حين أكد جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات أن الاقتصاد المصري يتعرض لخطر شديد ويشهد تراجعا حادا في الإنتاج ، فضلا عن حالة الخوف والارتباك التي تصيب الحكومة والمصارف وجميع المصالح، كما أن جذب الاستثمارات الجديدة سواء المحلية أو الأجنبية يساوي"صفر" في الوقت الحالي.. وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة وضع خطط تنموية طويلة الأجل تبث روح الطمأنينة لدي المستثمر لتوفير فرص العمل ودفع عجلة التنمية إلي الأمام. الاستثمارات الأجنبية تعتبر "أكذوبة"هكذا يري وليد توفيق الأمين العام للشعبة العامة للسيارات باتحاد الغرف التجارية ، فالأموال التي يستثمرها الأجانب في مصر هي قروض من البنوك المصرية، لذلك فالأحق بها هو المستثمر الوطني، وهو ما يتطلب من جميع الجهات وبخاصة المصارف والبنوك مساعدة المستثمر المصري وتقديم كافة التسهيلات له قبل الحديث عن الاستثمارات الأجنبية. لذا نطالب بضرورة مساعدة المصانع المتعثرة وإنهاء مشاكلها قبل التفكير في بناء مصانع جديدة، خاصة أن هذه المصانع تتعرض لمشكلات كبري وتفتقر إلي التمويل المناسب ولا تستطيع شراء الخامات، ولا القيام بدفع رواتب العاملين، لذلك فلابد من عمل دراسة لهذه المصانع والعمل علي إنهاء مشاكلها لأنها المنظومة الموجودة بالفعل وتعمل لصالح الاقتصاد المصري. وحتي يأتي المستثمر الأجنبي إلي مصر فلابد أولا من تواجد المستثمر الوطني واستغلال كافة القدرات المحلية.. هكذا يري- الدكتور أحمد كمالي رئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، مشيرا إلي الدور الهام للهيئة العامة للاستثمار في هذا المجال حيث يجب أن تقوم بتوفير البيانات والمعلومات عن الشركات لمساعدة المستثمر الجديد لمعرفة ظروف السوق واتخاذ قراراته بناء علي هذه المعلومات، مؤكدا ضرورة الاستفادة من الدراسات والأبحاث التي أعدتها بيوت الخبرة العالمية لجذب مزيد من الاستثمارات. كما طالب كمالي بوجود تشريعات موحدة للاستثمار ، وسرعة التقاضي لإنهاء أي مشكلة كبري تواجه المستثمرين، الذين يلجأون إلي حل مشكلاتهم بالطرق الودية لصعوبة حلها عن طريق إجراءات التقاضي.