كارتر: عدم التنظيم وضعف الاستعداد والتعليمات للقضاة مشاكل يمكن حلها نيويورك تايمز: فوز الإخوان جاء علي حساب الشباب الذين فجروا الثورة تعطش المصريون طويلاً للديمقراطية، لحرية التعبير، بعد أن حُجبت عنهم المشاركة السياسية وسُلبت منهم أصواتهم عنوة، فعاشوا في ظلام دامس.. عاجزين عن التقاط نسائم العدالة والمساواة بسبب الزيف والتزوير. وفي يوم 28 نوفمبر الماضي، ومع أول مرحلة في الانتخابات البرلمانية تهافت المصريون للإدلاء بأصواتهم ليرتووا بعد ظمأ دام 30 عاماً... طامحين في بناء وطن جديد بإقامة نظام ديمقراطي قائم علي التعددية الحزبية. وبإصرار وتحد وقف الناخبون صفوفا طويلة في يوم شتاء كان ملبدا بالغيوم ليؤكدوا نهاية ثقافة الانتخابات الفاسدة والتلاعب بها، وهيمنة الصوت الحر علي المشهد السياسي المصري من الآن فصاعداً دون عنف أو بلطجة. أذهل مشهد المصريين العالم بمشاركتهم في أول انتخابات برلمانية أجريت بعد ثورة 25 يناير والإطاحة بمبارك ونظامه الذي ظل حزبه مسيطرا علي مقاعد المجلس لثلاثة عقود، فهذه تعتبر المرة الأولي للمصريين أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات منذ 60 عاماً دون خوف، وهذا ما وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ببزوغ فجر جديد من الديمقراطية. وتابعت الصحف العالمية سير عملية الاقتراع التي تمهِّد الطريق لانتقال السلطة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة إلي مدنيين، ووصفت أيها بالتاريخية فإصرار الناخبين علي التصويت ومشاركتهم الجادة واصطفافهم المنمق لأميال أمام اللجان الانتخابية لساعات طويلة دون كلل أو ملل، إنما هو نابع من إرادة قوية لدي الشعب للنهوض بمصر، ودفع مسيرة التقدم والإنتاج.. فجعلوا العالم يقف منبهراً كأنهم يشاهدون احتفالية بحسب وصف شبكة سي إن إن الأمريكية. كما أشادت وسائل الإعلام بتنظيم معتصمي التحرير لأنفسهم من أجل اللإدلاء بأصواتهم دون إعاقة سير العملية الانتخابية. فيما قاطع بعض من الثوار الانتخابات حيث وصفوها بأنها ليست دستورية وجاءت علي دماء الشهداء التي سالت في الميدان، هذا الميدان الذي شهد اشتباكات علي مدار تسعة أيام أسفرت عن قتلي وجرحي، كانت بمثابة تهديد لعدم نجاح هذه الانتخابات، إلا أن النتائج كانت علي غير المتوقع، فقد شارك جميع الناخبين في هذا العرس الديمقراطي الذي مر بسلاسة لم يشهد لها مثيلا من قبل، بغض النظر عن وجود انتهاكات طفيفة، والتي لم تكن بحجم الانتهاكات الصارخة التي حدثت في العهود السابقة، فمصر ستظل تكافح لوقت من أجل التغلب علي الإرث الانتخابي البغيض لعصر مبارك، حيث يشارك أنصار المرشحين المتنافسين في تخويف الناخبين، وفي التزوير والعنف. وفي هذا السياق قال الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إنه هناك بعض الأمور التي تحتاج إلي تحسين في المرحلتين القادمتين من التصويت، فإن هناك عدم تنظيم ملحوظ وغموضاً ناجما عن ضعف الاستعداد بشكل مناسب والتعليمات للقضاة والعاملين بشأن كيفية فرز الأصوات بكفاءة وإبلاغ النتائج للجنة المشرفة علي الانتخابات، وأضاف أنهم يأملون في أن يتم اتخاذ خطوات للمساعدة في ضمان سلامة وشفافية هذه الانتخابات. تناولت صحيفة "الموندو" الإسبانية بعض الانتهاكات التي شابت العملية الانتخابية حيث عانت من عدم التنظيم سواء التأخير في إرسال أوراق الاقتراع أو عدم ختمها. وتري الصحيفة أن الانتخابات المصرية ستكون المرشد للعالم العربي كما إنها مرآة لمنطقة تمر بثورات، نظراً لكون مصر بلدا يضم أكبر عدد من السكان ويملك أكبر قوة تأثير في العالم العربي. فإذا فرضت الديمقراطية نفسها، فإن ذلك ستكون له تأثيرات حاسمة علي التطور في الدول الأخري. وأوضحت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن مشاهد الإقبال الجماهيري الكثيف علي مراكز الاقتراع أثارت آمالا1ض كبيرة في أن تكون أول خطوة حقيقية تجاه انتقال البلاد نحو الديمقراطية، وفيما اعتبرت صحيفة الجارديان البريطانية أن الفائز الأكبر والحقيقي من بدء الانتخابات البرلمانية المصرية بعد فترة طويلة من الشد والجذب هي مصر نفسها، مشيرة إلي أن أهم أهداف ثورة يناير هو بناء نظام ديمقراطي حر يسمح للجميع بالتعبير عن رأيه بحرية دون خوف أو توجيه من أحد. كما بدا تهافت المصريين علي لجان التصويت وكأنه تعبير من الشعب المصري عن ثقته في قدرة المجلس العسكري علي تأمين العملية الانتخابية في جميع مراكز التصويت في ربوع مصر. ورأت مجلة "التايم" الأمريكية، بجانب كون الانتخابات اختباراً للديمقراطية التي لا تزال متعثرة في البلاد، إلا أنها أيضاً اختبار للمجلس العسكري الذي يواجه احتجاجات. وتعجبت التايمز الأمريكية علي انتهاء المرحلة الأولي من الانتخابات في هدوء دون وقوع أحداث شغب أو عنف رغم الانفلات الأمني الذي ساد الشارع المصري قبيل الانتخابات وتوقفه فجأة غير متوقعة، فتحت عنوان "المفاجأة في مصر.. الهدوء يسود الانتخابات" قالت تايمز إن نجاح المرحلة الأولي للانتخابات فاجأ حتي الناخبين المصريين أنفسهم. وأرجعت الصحيفة الفضل في هذا الهدوء الأمني إلي خطة الجيش والشرطة في تأمين عملية الانتخابات حتي يمر التصويت بسلام. وأوضحت المجلة أن ارتفاع نسبة التصويت في هذه الانتخابات أمر في مصلحة المجلس العسكري، لأنه يضفي مزيداً من الشرعية علي الانتخابات، وعلي عملية التحول الديمقراطي، ويدل علي قبول الخطة التي وضعها الجيش . واعتبرت المجلة أن نتائج الاختبار الديمقراطي الذي خاضه الناخب المصري اظهر قوة التيارات السياسية المتعددة في مصر علي نحو يمكن أن يغير بشكل كبير من معايير الصراع السياسي في فترة ما بعد مبارك خلال الأشهر المقبلة. وعن تحقيق الإسلاميين وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين نتائج جيدة في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية، وأجمعت الصحف الغربية علي أن هذه الانتخابات أتاحت فرصة كبيرة للإخوان المسلمين لم يحصلوا عليها منذ عام 1954 ومن المتوقع أنه سيحظي ب35٪ من المقاعد، معتبرة أن هذه اللحظة فريدة للجماعة لصنع تاريخهم، فكل الأنظار باتت الآن تتجه لحزب الحرية والعدالة كما حدث في تونس بانتصار الإسلاميين في الانتخابات التونسية. وأوضحت الصحف أن هذا الانتصار جاء علي حساب الأحزاب الليبرالية والناشطين الشباب الذين فجروا الثورة، وهو ما يؤكد مخاوفهم بأنهم لن يكونوا قادرين علي التنافس مع الإسلاميين الذين خرجوا من سنوات مبارك منظمين، بعكس الأحزاب العلمانية التي خرجت مقسمة وعاجزة عن المنافسة مع الإسلاميين. فالإخوان من أكثر الأحزاب تنظيماً في تلك الانتخابات، وعلي الرغم من أن أغلبية الشعب المصري قال إنه يرغب في أن تصبح السلطة مدنية، إلا أنه من الواضح أن الإسلاميين لهم سيطرة كبيرة علي أغلبية الأصوات. وأشارت صحيفة التايمز إلي أنه رغم أن التصويت جاء في ثلث محافظات مصر، وشملت بعض الدوائر الانتخابية المناطق الأكثر تحررا في البلاد فإن النتائج جاءت لصالح الإسلاميين، مما يوحي بأن الموجة الإسلامية من المرجح أن تزداد قوة بينما يتحرك التصويت في المناطق الريفية الأكثر تحفظا في الفترة المقبلة. ووفقاً للصحيفة فإن نسبة تأثير ما يقدمه الأحزاب للتأثير في الأصوات منخفضة جدًا، وذلك لعدم خوف المصريين الذين يدلون بأصواتهم، وأصبح العديد منهم يعرفون جيدًا ما يفعلونه. وحسب ما جاء في تقرير نشرته الصحيفة، فإن الأحداث الأخيرة التي جرت في ميدان التحرير والتي أسفرت عن مقتل 42 شخصاً ساعدت عدداً كبيراً من الناخبين في تغيير رأيهم لقوي سياسية معينة. وفي ظل هذه المؤشرات هل سينجح بالفعل التحول في مصر من الديكتاتورية إلي الديمقراطية، فهذا مازال غامضا. كما أنه غير واضح متي سيتم تقليص امتيازات المجلس العسكري مع إعلانه أن الغالبية البرلمانية التي ستفرزها الانتخابات الحالية لن يحق لها تشكيل الحكومة القادمة؟ كما أنه غير واضح إلي أي مدي سيتمكن الإخوان المسلمون أو إسلاميون راديكاليون من السلطة، وإلي أي مدي سترعي الحكومة القادمة حقوق الأقباط؟.