التوحد والعزلة والخلل النفسي، ليست فقط هي الأمراض التي قد يسببها إدمان الألعاب الإلكترونية، فمع زيادة التطور التكنولوجي أصبحت الألعاب الإلكترونية أكثر خطورة، وباتت تؤدي إلي الموت والانتحار.. مؤخرًا انتشرت لعبة "الحوت الأزرق" بين الأطفال والمراهقين وتسببت في انتحار أكثر من حالة في أكثر من بلد عربي وأوربي، وعلي شاكلتها الكثير من الألعاب ك"مريم"، و"جنية النار" و"الشيطان الحزين"، وغيرها من الألعاب التي تهدد الأطفال والمراهقين وتزهق أرواحهم دون محاسبة أو رقابة. ضج العالم خلال الأيام القليلة الماضية بمجموعة من الحوادث التي تشتمل علي كلمة انتحار، حيث انتحر طفلان من الجزائر بعد المداومة علي لعبة الحوت الأزرق كما تسببت اللعبة في انتحار طفلة بمنزلها في أوكرانيا وتوفيت علي الفور، وقبلها انتحرت الطفلة أنجلينا دافيدوفا 12 عاما بروسيا، كما انتحرت الطفلة خلود سرحان بالسعودية وتوفيت بسبب نفس اللعبة، مما يشكل خطر كبيرا علي الأطفال والمراهقين معظمهم من سن 12 إلي 16 عاما.. الحوت الأزرق لم تكن اللعبة الأولي من نوعها التي يدمن عليها الشباب فمن قبلها كانت لعبة بوكيمون غو وهي لعبة تضع أهدافا إلكترونية " بوكيمانات " لاصطيادها والسعي وراءها والتي شكلت خطرا كبيرا علي حياة الكثيرين وكان لها آثار سلبية علي حياة الأفراد وتسببت في حوادث سير نتيجة لانشغال المشاة والسائقين بها، واهتمام الشباب بها بالشوارع والأماكن العامة فتعرضت حياتهم للخطر ووصلت ببعض منهم إلي حد الموت. لعبة "الحوت الأزرق" هي تطبيق إلكتروني يحمل علي الهواتف الذكية، وبعد أن يقوم المستخدم بتسجيل الدخول تبدأ اللعبة في طلب مهمات معينة للقيام بها كرسم الحوت علي الذراع بآلة حادة وإرسال الصورة للمسئول باللعبة، كما أنها تحاول السيطرة علي الحالة النفسية للمراهق فتحتوي علي موسيقي تضع الإنسان في حالة نفسية سيئة، ويستمر الطفل أو المراهق في التعايش مع الطريق الذي تضعه له اللعبة وتنفيذ أوامرها حتي يصل لليوم الخمسين فيطلب منه الانتحار بالطعن بالسكين أو بالقفز من النافذة، حتي أنه لم يستطع أحد الانسحاب من اللعبة لأنه يتم تهديده بالمعلومات التي أعطاهم إياها، ومن نفس فصيلة الحوت الأزرق نجد لعبة مريم، والشيطان الحزين. باختلاف الألعاب الإلكترونية وحجم خطورتها يمارسها جميع الأطفال حتي وإن كانت تسبب لهم مشكلات اجتماعية أو نفسية أو تصل بهم إلي حد الموت والانتحار، تقول انتصار أحمد: لديّ ثلاثة أطفال بمراحل عمرية مختلفة التطبيقات والألعاب الإلكترونية أصبحت محور حياة الأطفال والشباب، وللأسف يقضون عليها معظم أوقاتهم ويدمنون عليها حتي أنها تشتت من تركيزهم طوال الوقت، كما تجعلهم في عزلة عن الآخرين كل واحد منهم في غرفته أمام شاشة الكمبيوتر أو المحمول مما يخلق لديهم لا مبالاة بالدراسة أو باقي أفراد العائلة، كل هذه سلبيات كنا نحاول التعامل معها لتجاوز المشكلة، ولكن عندما يصل الأمر إلي الموت فلابد من التصدي للظاهرة، وفرض رقابة علي الألعاب والتطبيقات الإلكترونية وتحديد عمر مستخدميها.. توافقها الرأي هويدا عامر في أن الألعاب الإلكترونية أصبحت إدمانا وهوسا بالنسبة للشباب، نحن نحاول بشتي الطرق أن يكون هناك رقابة من جانبنا علي محتواها للاطمئنان علي أنها لا تنطوي علي أي محتوي غير أخلاقي، ولكن هناك بعض التطبيقات التي نجد صعوبة في التعامل معها لأننا ليس لدينا الثقافة التكنولوجية مثل الشباب لذلك لابد أن يكون هناك رقابة رسمية علي مثل هذه الألعاب والتطبيقات علي محتواها وفكرتها وأهدافها وما تقدمه للأطفال والمراهقين وما قد تشكله من خطر عليهم لسرعة التعامل إذا ما ثبت أنها تمثل خطرا علي حياتهم.. ويقول إبراهيم بدري إن أجهزة المحمول التي لا تفارق يد الأطفال والشباب بل وربما بعض الكبار يتعاملون معها بمهارة ليس لها مثيل، ومع انتشارها، وكثرة أنواعها أصبح ليس لدينا القدرة علي المراقبة أو عدم السماح بها، رغم ما تنشره من سلبيات كثيرة ومخاطر وصلت إلي حد الموت لألعاب ظهرت مؤخرا كلعبة البوكيمون والحوت الأزرق. من جانبه يوضح هاشم البحيري أستاذ علم النفس أن الشباب الذين يدمنون علي الألعاب الإلكترونية قريبا ما يشعرون بالإضطرابات السلوكية والعقلية والنفسية، كما أنها تعوق تقدمهم الذهني لأنها تشتت من تركيزهم وتشعرهم بالأرق المستمر، وتعزلهم عن الأسرة والمجتمع، فهم لديهم عالم افتراضي خاص بهم بعيدا عن العالم الواقعي، وفي حقيقة الأمر يوجد أولياء أمور يتابعون أولادهم عن كثب وبمثابرة وعين فاحصة ومنهم من يترك لهم مساحة كبيرة من الحرية وفي الحالتين الخطر قائم، لأن التطور التكنولوجي أصبح من الصعب مواكبته والشباب يقضون ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر والمحمول لذلك فهم يعلمون خفايا كثيرة أما أولياء الأمور فليس لديهم الوقت الكافي للتواصل مع التطور التكنولوجي لذلك لابد أن يكون هناك رقابة مشددة علي ما يقدم للشباب. يتابع، أن هناك ألعابا تشكل شخصية الطفل وتضعف منها، وألعابا أخري تنمي سلوك العنف والعدوانية لديهم وحدوث اضطرابات بالكلام خاصة لمن هم في سن صغيرة، كما أنها تحدث نوعا من التوحد لعدم قدرة الطفل علي التواصل مع الآخرين أو قدرته علي إدارة حوار، هذا بالإضافة إلي الأضرار الجسدية فالإضاءة العالية الخارجة من الحاسوب تؤثر علي حواس الطفل السمعية والبصرية.. تري حنان بدران استشاري العلاقات الأسرية أنه في ظل التطور التكنولوجي الحادث وانتشار الألعاب الإلكترونية من الصعب أن نمنع الأطفال من استخدام الهواتف المحمول أو ممارسة الألعاب الإلكترونية أمام شاشة الكمبيوتر، ولكن يمكن أن نحد منها بوضع وقت محدد خلال اليوم لممارستها مع الإشراف المستمر من الوالدين علي الألعاب ونوعها ومحتواها وهدفها، والحديث مع الطفل وإيجاد لغة حوار وتفاهم معه لسهولة التواصل وتقارب وجهات النظر، حتي يستطيع الوالدان توصيل المعلومة للطفل ووجه الاعتراض أو القبول لممارسة أحد الألعاب.. تضيف أن الألعاب الإلكترونية يجب ألا تأخذ حيزا كبيرا عند الأطفال والشباب لأنها تقتل بداخلهم مواهب كثيرة، حيث يمكن استبدال الألعاب الإلكترونية بممارسة الرياضة أو القراءة أو للخروج في نزهة مع الأهل والاصدقاء. ويوضح محمد عبد الفتاح رئيس الجمعية المصرية للتنمية التكنولوجية أن بعض التطبيقات أو الألعاب الإلكترونية تمثل خطرا علي حياة البشر وخصوصيتهم، لذلك لابد من التحقق والتتبع للتطبيقات التي يتم تنزيلها علي الهواتف المحمولة لأن هناك ألعابا بعد تحميلها علي جهاز المحمول يمكن تتبع الشخص صوتا وصورة والتجسس عليه بمنتهي السهولة من خلال كاميرا الجهاز، ولعبة مثل الحوت الأزرق تتمتع بسهولة أكثر في جمع المعلومات وتشكيل أفكار وشخصية روادها من خلال الأسئلة التي تطرح عليهم والعالم الافتراضي الذي تقحمهم به.. تابع، أن هناك تطبيقات تتيح معرفة ميول الأشخاص وطريقة تفكيرهم والأماكن التي يترددون عليها كلعبة البوكيمون الشهيرة والتي يجري وراءها الأشخاص بمنازلهم وأماكن عملهم والكاميرا كانت ترصد وتصور كل ذلك، مشيراً إلي أنه يمكن معرفة جميع بيانات الهاتف واستخدامها في تهديد الأشخاص، لافتا إلي أن ألعاب مثل مريم، الحوت الأزرق والشيطان الحزين وجنية النار يشكلون خطرا كبيرا علي مستخدميهم خاصة أن التطبيقات يستخدمها جميع المراحل العمرية تفريبا لكن مثل هذه الألعاب يقبل عليها الأطفال والشباب وتقوم جميع الألعاب بجمع بيانات الطفل من اسمه وعنوان سكنه ومدرسته مما يشكل خطرا كبيرا عليهم.