القصة ليست "صاروخاً باليستياً تم إطلاقه من اليمن" ليتم اعتراضه قبل أن يسقط في العاصمة السعودية الرياض! لكن القصة هي حقيقة التوغل الإيراني في اليمن الذي لم يعد سعيداً، وتهديده ليس لوجود اليمن فقط، بل لدول الجوار كلها تحت شعارات مثل "الموت لأمريكا" أو المد الشيعي أو حتي مجرد وضع موطئ لقدم في منطقة تعج بالصراعات والحروب، والقصة لم تبدأ اليوم بل بدأت منذ سنوات ليست بالقليلة وبأطماع إيرانية شيعية أرادت أن تجعل من اليمن ساحة صراع إيراني.. عربي وربما دولي. والسؤال: هل هناك وجود إيراني فعلاً في اليمن؟ والإجابة.. إن كل الشواهد كما يقول تقرير للتليفزيون الألماني DW، وتؤكد أن إيران تدعم الحوثيين في شمال اليمن والانفصاليين في جنوبه، وأن شعارات الموت لإسرائيل والموت لأمريكا، وهي شعارات مازالت تتردد في ساحات ومساجد وحسينيات إيران منذ قيام الثورة الإيرانية 1979، أصبحت تسمع وبوضوح في ميادين ومساجد وتجمعات في مدن يمنية مثل: صعدة في الشمال، وفي صيحات الجنود الحوثيين عند قتالهم مع الجيش اليمني أو حتي مع قوات التحالف العربي، وهو الأمر الذي دعا الرئيس اليمني عبدربه منصور إلي إطلاق صيحته الشهيرة منذ نحو 3 أعوام، بأن تكف إيران عن دعمها للانفصاليين سواء في الشمال أو الجنوب، وبخاصة بعد أن تصاعدت أعداد السفن الإيرانية التي تم ضبطها وهي تحمل سلاحا، في طريقها لدعم الحوثيين. أضف لذلك.. التأييد الإعلامي الإيراني المعلن للانفصاليين الحوثيين في اليمن، عن طريق السماح لفضائيات تابعة لهم بالبث إما من داخل إيران، أو من لبنان، وهذه الفضائيات تشرف عليها جهات إيرانية.. ومن يتابع وسائل الإعلام الإيرانية، ومنها الناطقة بالعربية مثل قناة "العالم" الإخبارية، أو الموالية لها في لبنان مثل قناة "المنار"، يرصد الخطاب الإيراني للحرب اليمنية، مع التركيز علي ما يجري في الشمال، والتأييد الواضح للحوثيين ودعم مشروعهم الانفصالي في البلاد، وعلي اعتبار أنهم جزء من الطائفة الزيدية إحدي فرق الشيعة. أضف لذلك.. تصريح خرج مؤخراً من العاصمة الإيرانيةطهران، علي لسان علي أكبر ولاياتي رئيس مركز الدراسات التابع لمصلحة تشخيص النظام، ومستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، ويشغل أيضاً منصب الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية في إيران، والذي قال فيه "إن انتصار الحوثيين في اليمن بات أمراً واقعاً، بعد أن اعترفت به إيران رسمياً، وأن إيران تدعم النضال العادل لأنصار الله في اليمن" وهي تصريحات تؤكد الدعم الإيراني للحوثيين، ولأطماعهم في إيجاد موطئ قدم لهم بالمنطقة، وعلي طريق حليفهم الحوثي الذي جاء من خلفية دينية وعقائدية شيعية، وله هويته الاثني عشرية الشيعية والمرتبطة بإيران.. وهو له أهدافه بتحقيق أطماع إيران والشيعة، بالحد من النفوذ العربي السني في اليمن، أو مواجهة أمريكا التي يصفها الحوثيون ب"الشيطان الأعظم" وهو نفس وصف الإيرانيين لها، أو تأكيد مقولة الإيرانيين بأن الأمن القومي الإيراني يبدأ من باب المندب لما له من أهمية ملاحية ودولية عسكرية. ومن هنا.. كما تقول شبكة الBB» البريطانية، فإن إيران تحرص علي أن تكون دائما في قلب المشهد اليمني بكل تفاصيله، وأن تكون جزءاً أصيلاً منه، وعلي أن تكون ورقة الحوثيين في اليمن إحدي أوراقها التفاوضية في أي نزاعات أو تسويات بالمنطقة بداية من الملف السوري ومرورا باللبناني وانتهاء بالعراقي. لذلك كله.. دعا ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، إلي توجيه اتهامات واضحة لإيران بدعمها عسكريا للحوثيين، وبمدهم بالصواريخ الباليستية، مؤكدا أن ذلك يعد عدوانا عسكريا مباشرا من جانب إيران، وقد يرقي لاعتباره عملا من أعمال الحرب ضد المملكة العربية السعودية.. وفي المقابل لم تقدم إيران أي دلائل علي عدم تورطها في مد الحوثيين بالصواريخ التي كادت تطول الرياض، واكتفي المندوب الإيراني الدائم بالأمم المتحدة، بتوجيه رسالتين للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي، بإدانة تصريحات ولي العهد السعودي بن سلمان. ولكن الشواهد.. كما رصدت شبكة »NN الإخبارية الأمريكية.. تؤكد إمداد إيران للحوثيين بالصواريخ الإيرانية الصنع، والتي تم توجيه بعضها للأراضي السعودية، ومنها: أنه تم رصد نقل الصواريخ في سفن صغيرة لميناء الحديدة اليمني، ثم نقلها براً لمدينة صعدة بالشمال، وهناك يقوم الخبراء الإيرانيونواللبنانيون التابعون لحزب الله، بتجميعها وهي صواريخ تعتمد علي تكنولوجيا بسيطة تعرف ب"الماء السائل" وهي تكنولوجيا تملكها إيران، وبالذات لصواريخ تطلق عليها أسماء مثل: "بركان" أو "زلزال" أو "قيام" وقد أيدت أمريكا ذلك الادعاء علي لسان مندوبة أمريكا الدائمة بالأمم المتحدة، واتهمت بالتحديد الحرس الثوري الإيراني بذلك. وهناك تأكيدات بأن تلك النوعية من الصواريخ المتوسطة المدي، والقادرة علي إصابة أهدافها بدقة أكبر، لم تكن موجودة في اليمن من قبل، والتي كانت تمتلك صواريخ من طراز سكود الروسية، وهي تقليدية ولا تصيب أهدافها بدقة، وهي صواريخ كانت موجودة بالفعل في ترسانة علي صالح الرئيس اليمني السابق ومنذ عقود. وهناك تأكيدات أخري بأن هذه النوعية من الصواريخ التي طورتها إيران، تأتي وبمساعدة من رجال الحرس الثوري الإيراني، من قاعدة عسكرية بحرية إيرانية، أمام السواحل الأريترية، وهي التي تمكن إيران من نقلها وبسهولة للساحل اليمني المقابل. كل تلك الشواهد والأسباب.. تؤكد الوجود الإيراني باليمن، وسعيها الدؤوب في توسيع الهلال الشيعي الذي سيجمع علي حد زعمها الشيعة في إيران وسوريا والعراق واليمن ولبنان.