في ظل موجات الغلاء المتتالية التي تشهدها البلاد، اضطرت الفتاة المقبلة علي الزواج إلي الاستغناء عن "الشبكة" الذهبية، وبعضهن لجأ إلي الشبكة الصيني بعد تنامي أسعار الذهب بصورة كبيرة لا يقدر عليها معظم شباب اليوم، لكن يبدو أن هناك تنازلات أخري للمقبلين علي الزواج، مثل الاستغناء عن الأجهزة الكهربائية، التي ارتفعت أسعارها إلي عنان السماء، وبات سوق المستعمل هو البديل الوحيد. خلال شهر ونصف زادت أسعار الأجهزة الكهربائية، بما يقترب من ضعف قيمتها الحقيقية ومازال السوق يعاني من ارتفاع في الأسعار وركود تام في آن واحد، ومن هنا قررت "آخر ساعة" خوض جولة داخل شارع عبدالعزيز وحمام الثلاثاء المشهور ببيع مستلزمات المفروشات والأدوات المنزلية للعروسين لتستمع فيها إلي قصص وحكايات المقبلين علي الزواج ونتعرف علي أسعار الأدوات الكهربائية. بمجرد أن تطأ قدماك شوارع حمام التلات والموسكي تجد حالة من الهدوء والركود تسيطر علي المحلات، فالبضائع تملأ المحلات وتبحث عن مشترٍ، وفي المشهد الأول تجد صاحب المحل وهؤلاء الصبية الذين يعملون معه يجلسون علي أبواب المحل يتناولون الشاي والقهوة ويدخنون الشيشة بعد أن أصباهم الملل والركود فمنذ فتح المحل في الصباح وحتي إغلاقه ليلاً يعاني من قلة الزبائن. صاحب محل مفروشات في منتصف سوق الموسكي يدعي محمد عبد الدايم، قال لنا: أسعار المفروشات والأدوات المنزلية زادت للضعف بنسبة 30٪ الأمر الذي جعل الكثير من الفتيات ينفرن من تلك المحلات ويكتفين بشراء بعض الأغراض القليلة التي تكفي الحاجة وعدم شراء مفارش وأدوات مثلما جرت العادة. ويذكر عبدالدايم قائمة متوسط أسعار بعض الأغراض الأساسية في جهاز العروسة قائلاً: وصل سعر البطانية العادية من 300 إلي 650 جنيهاً والملايات من 100 إلي 180 جنيها وبرنس العروسة من 300 إلي 500 والمفرش الستان من 600 إلي 1200 وطقم الكاسات من 100 إلي 200 والصيني من 1500 إلي 3000 والأركوبال من 500 إلي 1000 و أركوبيركس من 400 إلي 800 وشنطة المعالق من 500 إلي 1300 والشاي من 300 إلي 800 وصواني من 400 إلي 600 والصواني البلاستيك من 100 إلي 200 وطقم التيفال المصري من 600 إلي 800 والتيفال المستورد من 800 إلي 1500 والتوابل من 200 إلي 300 وطقم الشربات من 250 إلي 500 والشوربة من 200 إلي 300 الألومنيوم من 600 إلي 1000 والجرانيت من 1500 إلي 2500 والقهوة من 120 إلي 200 والفاكهة من 125 إلي 200 . ويشير عزت محمد أحد التجار منذ بضعة شهور كانت العروسة تستطيع أن تجهز شقتها في المستوي المتوسط ب100 ألف جنيه أما الآن فهي تحتاج إلي 200 الف جنيه والعريس بالمثل ناهيك عن تشطيبات الشقق، وحتي الستائر كان يكفي 6000 جنيه لتجهيز ستائر الشقة، بينما الآن تقترب التكلفة من نحو 10 آلاف جنيه، كما أن المواطن أصبح يقلل في المشتريات بدرجة كبيرة فيقوم بالاستغناء عن بعض الأساسيات لأنه لا يتحمل موجات الغلاء بالإضافة إلي أن الدولار هو المحرك الرئيسي للأسعار داخل الأسواق. وعندما توجهنا إلي شارع عبدالعزيز التقينا بأحد أصحاب المحال التجارية، الذي استهل كلماته بأن الأسعار قضت علي فكرة جهاز العروسين، والأجهزة أصبحت علي كف عفريت.. كل يوم أسعارها تزيد بالضعف ولا يوجد بيع أو شراء، فعلي سبيل المثال سعر شاشة التليفزيون (الحجم المتوسط) كانت 1850 جنيها وصل سعرها الآن إلي 2100 جنيه وهناك ماركات وصل سعرها إلي 6000 جنيه كما أن جميع أنواع الخلاطات الكهربائية زاد سعرها فبعد أن كان الخلاط الصيني ب 300 جنيه وصل إلي 500 جنيه، وهناك ماركات وصل سعرها إلي 2200 جنيه، وبالتالي فإن فكرة جهاز العروس أصبحت عبئاً علي كاهل الأسر المصرية، ونسبة البيع قلت بشكل ملحوظ فالأسعار زادت بنسبة 50٪. وداخل الأسواق تجد عيون الزبائن حائرة وملامح الحزن ترتسم علي الوجوه فتجد عروساً قررت بعد سماع أسعار الأجهزة أن تؤجل عرسها وأخري غير مرتبطة لكنها بدأت في شراء جهازها بسبب ارتفاع الأسعار يوما بعد يوم وأخري لجأت إلي شراء الأجهزة المستعملة لإتمام زفافها. تقول أمنية علي (29 سنة): سأتزوج بعد 6 أشهر ووالدي موظف بسيط وراتبه يكفي مصاريف البيت بالكاد "اللي جاي علي قد الرايح" ولي 3 شقيقات غيري، وسبق وقمت بتأجيل زواجي لمدة سنة قبل ذلك، وبعد ارتفاع أسعار الأجهزة الكهربائية لا أستطيع أن أوفر الأساسيات، لذلك قررت أن أذهب إلي سوق المستعمل حتي أخفف العبء عن أبي ويتم الزواج دون تأجيل مرة أخري. وتلتقط منها طرف الحديث سميرة سعيد التي قالت: عندي 30 سنة وغير مرتبطة ولكن عندما سمعت عن ارتفاع الأسعار خشيت عدم قدرتي في المستقبل علي تجهيز شقتي لذلك قمت بشراء الأساسيات فقط ولم أتصور أنني يوما ما سأشتري ثلاجة ب10 آلاف جنيه. توافقها الرأي أنوار حسن (24 سنة) غير مرتبطة لكنها تقول: خشيت ألا يستطيع أبي أن يوفر جهازي في المستقبل لذلك توجهنا إلي الأسواق في محاولة للتعرف علي الأسعار من أرض الواقع وعندما عرفنا بهذه الأسعار الجنونية أصابنا الذهول فمن حق الشباب عدم التفكير في الزواج لأنه أصبح خطوة جريئة وغير محسوبة في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار، كما أن المستلزمات الأساسية للعروس لا تتحمله ميزانية الأسرة متوسطة الدخل، فمنذ سنة تقريبا كانت العروس يمكن لها أن تشتري شبكة ذهب، أما الآن وبعد أن تخطي الذهب حاجز 650 جنيهاً للجرام الواحد، لذلك تكتفي العروس بدبلة ومحبس لتعلن عن خطبتها، وبدل من أن تقوم بشراء طقم أطباق صيني أصبحت تكتفي بنصف طقم. أحمد حسن شاب في الثلاثين من عمره يقول: لجأت إلي شراء المستعمل لإتمام الزواج، فبعد أن قضيت ثلاث سنوات مع خطيبتي لم يكن أمامي سوي هذا الحل لأن باقي المرتب أحاول أن أدخره للشقة بعد أن رفع صاحب العقار ثمن الشقة بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء فلم يكن أمامه حل سوي استكمال بقية العفش مستعمل. الذهاب إلي أسواق الغلابة كما يطلق عليها البعض هو الحل الوحيد وهي أسواق كثيرة ويلجأ إليها الكثير من الشباب من الطبقات البسيطة مثل سوق الإمام الشافعي بمصر القديمة والثلاثاء بالمطرية والجمعة بمنطقة عين شمس وهي مناطق تضم معروضات المستعملة. ويعلق علي ذلك فتحي الطحاوي، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بالغرفة التجارية، حيث يقول إن رفع الدعم عن المواد البترولية والطاقة خلال الفترة المقبلة سيعمل علي رفع الأسعار داخل قطاع الأدوات المنزلية وهو ما يسبب مزيدا من الركود والكساد داخل القطاع وفي الأسواق. ويضيف الطحاوي أنه بالنسبة للخطة التي تضعها الحكومة لرفع الدعم عن المواد البترولية والطاقة سوف تشهد الأسواق ارتفاعا بنسبة تتراوح ما بين 10 إلي 15٪ نظرا لخفض الدعم كما أن الدولة تفشل في وصول الدعم العيني إلي مستحقيه ولابد من رفع مستوي الدخل للمواطن وتوفير فرص عمل حتي يستطيع أن يواجه فكرة الاستغناء عن الدعم. ويشير إلي أن دعم المواد البترولية انخفض في مشروع الموزانة العامة للمالي 2017 - ليسجل 33٪ من إجمالي الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بعدما كان يسجل 64 بالمئة في العام المالي 2011 - 2012 كما وصل الدعم وفقا للبيان المالي عن 2017 -2018 الموجه إلي الكهرباء بنسبة 9٪ بإجمالي 42 بالمئة من قيمة الدعم والمنح والمزيا الاجتماعية.