في مهرجان »كان» بفرنسا 1975 وجدت بجواري النجم »آلان ديلون» فسألني عن سر رفضي مشاركته أحد أفلامه، وكانت ستضعني في دور السنيد رغم فرصتها الكبيرة للسينما العالمية، فضحكت وهمست له لن يقبل جمهوري إلا البطولة المطلقة وقلت له بالبلدي »هوه أنت عندك فيلم قعد في السينمات سنة ونص» فاستغرب ورد : »مفيش فيلم بيقعد في السينما سنة ونص»، فضحكت ساخراً وقلت فيلمي أنا »خللي بالك من زوزو» قعد في السينما سنة ونص، فمن حقي أن أرفض أن أكون سنيداً حتي ولو كان للوصول للعالمية، لأن جمهوري هيزعل مني.. وكمان سعاد حسني غنت لي يا واد يا تقيل.. نظر لي لحظات وقال سعاد حسني.. إذن عندك حق. وأغلق حسين فهمي رنين مكالمات موبايله »واد تقيل بقي» ليتفرغ لحواره لآخر ساعة.. حيث نلتقيه بمنطقة الحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر تحديداً بالحوض الثالث الذي اختلسنا له ساعة من تصوير مسلسله الجديد »السر» الذي يقدم فيه العديد من الأسرار في 60 حلقة فكان مدخلنا لحوار اكتفينا فيه ب10 أسرار من حياته. • شاغبته بمقولة شكسبير.. لا تحزن إذا نقل أحدهم سرك للآخرين، ولم يحتفظ به، فأنت نفسك لم تستطع أن تحفظ سرك بداخلك.... وقال أحد الحكماء العرب... إذا أخبرت أحداً سراً، فقد أهديته سهما قد يرميك به يوما.. استغرقته ضحكة مميزة وصوت جهوري، باسماً »ولا يهمني».
الواد التقيل لا تعنيه كلمة فنان قدر أن يسبقها الإنسان العاشق الحالم الباحث دائماً عن الحب، وأن تعامله بشكل طبيعي دون تكلف مع كل البشر تعد من أهم أسرار وأسباب وصوله للنجومية وحالة العشق له من الصغير قبل الكبير.. ولفت انتباهي كدمات أسفل عينه لمحها في عيني وقبل أن أسأله نظر ضاحكاً »ده راكور الشخصية اللي بقدمها في المسلسل، ودي آثار ضرب بودي جاردات الفنان أشرف عبد الغفور اللي بيقوم بشخصية رجل أعمال في المسلسل وله سطوة ونفوذ. - طب نبدأ الأسرار - يلا يا سيدي السر الأول أب وجد رد سجون مسلسل »السر» اللي إحنا فيه دلوقتي أنت خلاص كشفته هوعمل درامي مليء بالإثارة والغموض والأكشن، خليط من الدراما التشويقية والكوميدي والتراجيدي. وهذه التوليفة هي التي شجعتني للعمل، إضافة إلي الشخصيات المختلفة والمتنوعة الموجودة به مثل القدير أشرف عبد الغفور والفنان أحمد حلاوة والفنان نضال الشافعي والمطربة مايا نصري والمؤلف حسام موسي والمخرج العبقري محمد حمدي.. وفي السر أجسد شخصية نديم والد نضال حيث يقعان في العديد من المشاكل والتي نشاهدها من الحلقة الأولي وطوال 60 حلقة للمسلسل.. وكنت أول المتعاقدين وتحمست لأقصي درجة للعمل واعتذرت عن أعمال أخري للتفرغ له لإخراج كل طاقتي من أجل الصراع الدائر طوال الأحداث، والتي تأخذنا إلي مناطق تجعل المشاهد في حالة ترقب ينتظر ماذا سيدور في المشهد التالي، وتمر الشخصية بأحداث لم أعشها مع أي دور من قبل. وبرضه ده سر من أسرار المسلسل حيث تبدأ الأحداث بخروجي أنا ونضال من السجن وهو ما يضع الجميع في حيرة شديدة بسبب البداية الغريبة، وفي السياق الدرامي نتعرض للضرب وخطف حفيدتي من قبل رجل أعمال معروف. السر الثاني الإخراج حلم حياتي أبقي مخرج، واشتغلت مساعد مخرج للراحل يوسف شاهين في فيلم »الاختيار» 1971، فعالم الخيال يستهويني والسينما خيال، وكان لدي رغبة شديدة أن أعيش خلف الكاميرا وأحرك الفنانين بخيالي وإبداعي، ودرست الإخراج في معهد السينما بالقاهرة 1963، وسافرت لأمريكا لدراسة الإخراج وأخرجت مجموعة إعلانات وبرامج وعندما عدت لمصر فإذا المنتج رمسيس نجيب يقول لي »الناس عايزاك ممثل مش عايزاك مخرج وأنت نجحت في التمثيل فسيبك من موضع الإخراج ده، وقد كان. السر الثالث الزمن هذا البرنامج التليفزيوني لإحدي الفضائيات تطبيق لفكرة تطاردتني منذ الصغر عن الزمن فقررت أن يحمل نفس الاسم، فالزمن جعلني في تساؤل طوال الوقت.. فما هو وضعه، هل هو المتحرك، والأفراد ثابتون، أم يتحركون داخله، وهو الثابت، وكيف كانت حياة من سبقونا فيه، مثل الفراعنة، وكيف وصلنا لهذا الحال. وفكرة البرنامج فلسفية قد يجدها البعض غريبة لكنني استمتعت بها لأبعد الحدود، لأنها منحتني الفرصة للقيام بجولة داخل البلاد العربية، واستعراض الوضع التي كانت فيه، وما أصبحت عليه دون خوف من الاضطرابات الحاصلة فيها، إيمانًا منا جميعا بضرورة زيارتها لتصوير أوضاعها الحالية، ومقارنتها بما كانت عليه قبل سنوات. السر الرابع الزمن »مجاش» علي حسين فهمي بضحكته المعهودة وثقة شديدة وبعد أن وضع يده علي رأسة لتتخلل أصابعه خصلات شعره الأمامية قال.. أنا واخد الزمن لصالحي بحاول أستفيد منه و»مش بقاومه» لازم نصاحبه وبكل تأكيد أنا عارف إني هخسر في الآخر للوصول إلي النهاية المحتومة ولسة حاسس إني شباب ومقبل علي الحياة وبعيش كل لحظة سعيدة. السر الخامس ابن البشوات المتمرد عملي بالفن كان صادماً للعائلة فوالدي هو محمود باشا فهمي الذي عمل سكرتيرًا لمجلس الشوري، وجدي الكبير هو محمود باشا فهمي، رئيس مجلس شوري القوانين، ورئيس مجلس الشيوخ في عهد الخديو عباس، وجدي من والدي هو محمد باشا فهمي وكان عضوًا في مجلس الشيوخ، وأحد مؤسسي حزب الأحرار الدستوريين، فكانوا مستغربين من هذا القرار إلا والدي ووالدتي لأنهما كانا ليبرالييين في تفكيرهما. وجدي الكبير هو الذي أنشأ حلوان واشتري جميع الأراضي الموجودة بها، وقسم شرطة حلوان أحد ممتلكات عائلتي، وتم مصادرته بعد عام 1952، وكذلك قصر المنستيرلي بالمنيل كان ملكا لجدتي والدة أبي السيدة أمينة هانم المنستيرلي. السر السادس الهروب من العالمية كان لازم أهرب منها لأنها كانت ستضعني في دور السنيد، والحكاية بدأت بثلاثة أفلام دفعة واحدة، الفيلم الأول »أمريكاني» و لظروف خاصة بالجهة المنتجة لم يتم تنفيذه والثاني »فرنساوي» بطولة »جون بول ماندو» وكان من المقرر تصويره في منطقة أحراش مليئة بالحيوانات والأفاعي وبصراحة شديدة خفت فرفضت وقلت »بلاها العالمية اللي ممكن تموتني»، أما الفيلم الثالث فكان لازم أرفضه وبالثلث، لأنه كان سيضعني في مكانة غير التي كنت فيها في ذلك الوقت، علي الرغم من أن بطل الفيلم هو »آلان ديلون» والطريف أنه قالبني في أحد المهرجانات وسألني كما قلت لك، وأكملت من حقي أن أرفض أن أكون سنيداً حتي ولو كان للوصول للعالمية، لأن جمهوري هيزعل مني. السر السابع نجيب الريحاني وليلي مراد بعد النجومية وفي إحدي المرات قابلت بالصدفة الفنانة ليلي مراد، وحيتني فقلت لها بلهفة: (أنا دخلت السينما عشان انتي فيها) فقد كانت هي ونجيب الريحاني سبب دخولي مجال التمثيل، فقد اعتادت أسرتي الذهاب إلي المسرح والأوبرا كل يوم خميس، وحرصت علي مشاهدة الأعمال المسرحية للفنان نجيب الريحاني، ومن أهمها في ذلك الوقت »كشكش بيه» و»حكم قراقوش» وعشقي زاد عندما كنت أشاهد الفنان أنور وجدي والفنانة ليلي مراد في الأفلام، فقررت أن أدخل هذا العالم. السر الثامن رصاصة إحسان عبد القدوس فيلم الرصاصة لاتزال في جيبي للكاتب إحسان عبدالقدوس، كان يتحدث عن هزيمة 67 ومن المسئول عنها، وبه العديد من المعاني في ذهن عبدالقدوس، وكانت البطولة قائمة فقط علي شخصية »محمد أفندي» المجند التي قدمها الفنان القدير محمود ياسين، ولكن رمسيس نجيب المنتج قرر أن يوجد لي دوراً وشخصية الضابط بعد أن اشتري الرواية التي لم يكن فيها من الأساس شخصية الضابط، لأن الرواية لم يكن الهدف منها إظهار الحرب، ولكن المنتج أضاف لها حرب الاستنزاف والعبور بموافقة الكاتب. السر التاسع المرأة يعجبني فيها ذكاؤها وثقافتها، وكل امرأة جميلة عليها أن تبحث عن سر هذا الجمال والقبح في الشخصية وليس الشكل لأننا لسنا مسؤولين عن شكلنا لكن مسؤولين عن تفكيرنا، فهي كائن جميل »وماقدرش أعيش من غيره» فالحب نقطة ضعفي، لكن علاقاتي العاطفية دائماً ما تنتهي بمشاكل، لأنني أبحث عن العاطفة الجياشة، وللأسف »مش بلاقيها» لأني عاطفي وحساس جداً وأنجرح بسرعة، »وبدي عطف» بدون مقابل وإن لم أجد عطفاً في المقابل أبعد، ومشكلتي دائما مع المرأة »الكدب اللي بيخليني معنديش ثقة فيها» ومفيش داعي أصلا للكدب. السر العاشر مهرجان القاهرة حاولت أعمل مهرجان يليق باسم مصر، وأن اختلق بعض الأشياء لتساعد علي نجاحه لأن ميزانية وزارة الثقافة للمهرجان آنذاك 200 ألف جنية فقط، فلجأت إلي أصدقائي من رجال الأعمال ليدعموني، ووصلت الميزانية إلي 3 ملايين جنيه، واختلقت كذبة لطيفة لصالح المهرجان عندما حصلت علي خمس سيارات ليموزين من إحدي الشركات كراعٍ للمهرجان، وحتي أظهر للضيوف الأجانب أن هذه الشركات مهتمة بالمهرجان والضيوف كتبت علي السيارة الأولي رقم خمسة والثانية رقم تسعة والثالثة رقم 12 مما لفت انتباه الجميع وأعطاهم انطباعاً أن إدارة المهرجان تملك أسطولا من السيارات كرعاة.
وشاغبته وهو يلملم حاجياته ليلحق بتصوير مسلسله إيه رأيك في مقولة شكسبير »إذا أردت حفظ سرك عن العدو فلا تبح به للصديق» فأطلق ضحكته المميزة وقال لو كان لمجلة آخر ساعة ماعنديش أي مانع.