العيد فرصة للفرحة، للخروج والتنزه في الشوارع والاحتفال مع الأهل والناس.. لكن للأسف مع انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، لم يعد العيد كما كان عيداً آمناً للبنات والعائلات، حيث أصبحت بعض الأماكن المعروفة التي تزدحم في هذه المناسبات بؤرا للتحرش والمضايقات والتعديات... لكن هذا العام انطلقت عدة حملات في محاولة لمواجهة هذه الظاهرة وتغيير هذا الواقع وعودة الأمان من جديد للشارع المصري. في الإسكندرية انطلقت علي فيس بوك حملة بعنوان "حملة ولاد البلد - عيد آمن لبنات الإسكندرية" باعتبار أن العيد القادم هو أول عيد بعد الثورة المصرية وأن مصر تمر الآن بمرحلة انتقالية علي المستوي السياسي ولابد أن يقابل هذا التغيير تحول أيضاً علي المستوي الاجتماعي، وكما تكاتف الشباب لإسقاط نظام سياسي ديكتاتوري، لابد أن يتكاتفوا أيضاً للقضاء علي المشاكل الاجتماعية التي خلفها هذا النظام ومنها ظاهرة التحرش الجنسي. الحملة التي يشارك فيها عدد كبير من الشباب السكندري ستكون نقطة انطلاق لحملات مستمرة للقضاء علي التحرش في الشوارع والميادين والمواصلات وغيرها. وتقول شاهيناز الحناوي إحدي الشابات التي أطلقت المبادرة علي شبكة فيس بوك "كل سنة نسمع عن عدد كبير من حالات التحرش والإغماء لبناتنا في العيد، أملنا أن يكون عيد هذا العام مختلفا، وقررنا أن يكون العيد نقطة انطلاقنا لأنه أول عيد بعد نقطة تحول فارقة في تاريخ مصر، ونحن نريد أن يكون هذا العيد معبراً عن أحلامنا وطموحنا أن يعود بلدنا كما كان آمنا، وأن تعود مرة أخري أخلاقيات وجدعنة الشعب المصري التي توارت بعض الشيء في الفترة الأخيرة". الحملة التي تنطلق في هذا العيد تشمل عدة مبادرات، حيث سيتم تشكيل مجموعات من الشباب المتطوع للنزول للشوارع للتحدث مع الناس ومع أصحاب المحلات في الأماكن المزدحمة ومحاولة إقناعهم بأن يكون لهم دور إيجابي في مواجهة هذه الظاهرة المؤسفة، وتقوم مجموعة أخري بعمل ستيكرات ولصقها في مداخل المحلات وفي أماكن التجمع وهناك أيضاً لوحات جرافيك يتم رسمها علي الحوائط والأسوار لدعم هذه المبادرة، وبخلاف كل ذلك سينطلق المتطوعون في المبادرة في الشوارع المزدحمة في العيد لتقديم المساعدة الممكنة والمستطاعة والتحدث مع الناس عن حق السيدات والعائلات في التعييد بأمان دون أي مضايقات لهم. وقبل النزول في العيد كانت هناك اجتماعات تعقد لتدريب المتطوعين علي كيفية المشاركة في المبادرة وأساليب التوعية المجتمعية وكيفية الرد علي مبررات وأسباب التحرش التي يرددها البعض دون أن يفهمها جيداً والتعامل مع المواقف التي قد يواجهونها سواء من الناحية - القانونية - النفسية – الدينية. وتقول إنجي غزلان صاحبة موقع "خريطة التحرش الجنسي" الداعم للمبادرة "المبادرة شبابية 100٪ نحن كشباب مساهم في هذه المبادرات لسنا جمعية أهلية مثلاً أو نملك الدعم المادي والفني الذي يسمح لنا بالقضاء علي ظاهرة التحرش في مصر، لكننا نحاول بإمكانياتنا البسيطة أن نساهم ولو بجزء بسيط في حل هذه المشكلة التي تؤرق البنات في مصر، ويكفي أن البنت في مصر تتعرض لضغوط هائلة كل يوم، وهي تفكر ماذا تلبس وأين تمشي، وماهي الشوارع الآمنة لها وكيف تتصرف إذا تعرضت لحالة تحرش أو مضايقة، لا أعتقد أن الرجل المصري يتعرض لمثل هذه الضغوط المستمرة". وتتحدث نعمة جمال صاحبة صفحة »أنا مش حسكت علي التحرش« عن المحاولات والمبادرات التي انطلقت للقضاء علي هذه الظاهرة "بجانب خريطة التحرش التي توضح الأماكن الخطرة التي تسجل فيها حالات تحرش متعددة، هناك مبادرات عديدة انطلقت كأيام التدوين ضد التحرش الجنسي التي نظمت منذ حوالي شهرين وكانت حدثاً ناجحاً جداً، حيث كانت تنشر حوالي 300 تدوينة في اليوم عن تجارب لبنات تعرضوا لهذا الموقف وعن شباب يعبرون عن رأيهم في هذه الظاهرة وعن البحث عن حلول لهذه المشكلة التي أصابت مجتمعنا" وتضيف نعمة "نحن تواصلنا أيضاً مع الجهات الأمنية لدعوتهم أن يكون هناك تواجد للداخلية في الأماكن التي تنتشر فيها التحرشات لكن للأسف كانت الاستجابة في ظل النظام السابق معدومة، ونتمني أن تتغير هذه الصورة في هذا العيد، ولكن علي العموم مشكلة التحرش لايمكن حلها بأسلوب أمني فقط، سيكون هذا الحل كالمسكن الذي لايعالج المرض، المرض موجود في المجتمع كله، ويجب أن يكون العلاج من الجذور الاجتماعية التي تسببت في ذلك" وحول انطلاق حملة ولاد البلد في الإسكندرية تقول إنجي "لم يكن الاختيار مقصوداً، ولكن الشباب في الإسكندرية كان متحمسا واستطاع أن يكون مجموعات للتطوع في هذه المبادرة، وفي الأيام والأعياد القادمة سنسعي لنقل هذه التجربة في القاهرة وفي محافظات مختلفة".