بعد ما حدث في »خان شيخون» في إدلب السورية، وسقوط العشرات ضحايا للهجوم الكيماوي، كان الهدف الأمريكي هو توجيه ضربة عسكرية موجعة ومفاجئة للنظام السوري الذي رأي ترامب ومساعدوه وأجهزة مخابراته، أنه كان وراء ما حدث.. فأبلغت واشنطنموسكو التي أبلغت بدورها دمشق، بأن هناك ضربة متوقعة علي مطار »الشعيرات» في وسط سوريا، الذي تعتقد أمريكا أنه كان المكان الذي انطلقت منه الهجمات الكيماوية.. فكانت الخسائر تعد علي أصابع اليدين بشريا ونحو 9 طائرات ميج قديمة كانت في ورشة التصليح! أما التساؤلات والرسائل فكانت عديدة، من وراء الضربة التي انطلقت من البحر للبر في تمام الساعة الثالثة واثنتين وأربعين دقيقة من فجر موسكو؟، وبعد القرار الذي اتخذه ترامب بإتمامها، قبل لقائه بالرئيس الصيني ب20 دقيقة فقط!. وعلي الأرض.. كما رصدت شبكة ال»NN الأمريكية الإخبارية، كانت هناك عدة خيارات أمام ترامب أولها هو انتظار المزيد من المشاورات حول سوريا والهجمات الكيماوية والتي كانت تدار داخل مجلس الأمن.. والثانية هي ضربة موجعة دون إعلام روسيا بذلك.. والثالثة ضربة موجعة ولكن بإعلام روسيا بها مسبقا تنفيذا لقرار بالتنسيق حول السلامة الأمنية بين روسياوأمريكا في سوريا، لمنع الاشتباك بين قواتهما هناك.. وكان القرار الذي اتخذه ترامب قبل لقائه بالرئيس الصيني في واشنطن ب20 دقيقة فقط هو الخيار الثالث بشن الهجمة علي مطار الشعيرات الذي اعتقدت واشنطن أن الهجمات الكيماوية علي أهالي خان شيخون قد انطلقت منه، ولكن بعد إعلام الدب الروسي بذلك، وهذا ما حدث.. ولكن الدب الروسي وحسب الاتفاق الاستراتيجي بينه وبين نظام بشار، سارع بإعلام النظام السوري بدوره بأن هناك ضربة أمريكية متوقعة، وهو ما أعطي له بعض الوقت لنقل الكثير من قواته وعتاده من المطار وما حوله، وتفادي الكثير من الخسائر البشرية والمادية والتي لم تسفر في النهاية إلا عن ضحايا بشرية تعد علي أصابع اليدين ونحو 9 طائرات ميج روسية قديمة. انتهت الضربة المحدودة.. بما انتهت إليه ولكن بحسب شبكة يورنيوز الأوربية الإخبارية وصحيفة واشنطن بوست الأمريكية فإنها تركت وراءها تساؤلا هاما وعدة رسائل.. أما التساؤل فهو هل ستكون الضربة تمهيدا لعدة ضربات جديدة مستمرة أم أنها كانت ضربة محددة وردا علي الهجوم الكيماوي علي خان شيخون؟ والإجابة للمستقبل في ذلك وتطورات الأوضاع فوق الأراضي.. أما الرسائل فعديدة.. أولها.. للداخل الأمريكي الذي أراد ترامب أن يبلغه أنه لا يوجد أي شهر عسل معلن أو غير معلن مع بوتين، ولا صحة عن تقارب روسي أمريكي علي حساب المصالح العليا الأمريكية وثوابتها التي تعتبر روسيا عدواً دائماً.. وأن الضربة رد علي من روجوا لفكرة اختراق المخابرات الروسية للإدارة الأمريكية وموظفيها وهو ما أدي للإطاحة بالعديد منهم مؤخرا.. كما أن الضربة أعادت ثقة ترامب لأجهزة المخابرات الأمريكية التي اتهمها قبل ذلك بالانحياز لغريمته كلينتون أو بالتجسس ضده لصالح إدارة أوباما السابقة والأهم أن ترامب أراد أن يقول للشعب الأمريكي إن يد أمريكا الطولي قد عادت وأن أمريكا هي شرطي العالم. وثانيها.. لروسيا التي أراد ترامب أن يقول لها إن أمريكا.. هنا.. في سوريا، وإنها ستتدخل متي شاءت ولن تترك الحبل علي الغارب للدب الروسي، كما ترك من قبل.. وأنها لاعب أساسي في الأزمة السورية، شاء الكرملين أم أبي! وثالثها.. للنظام السوري الذي فهم رسالة ترامب بأن أولوياته ليست في الإطاحة بنظام بشار الأسد حاليا، ولكن في محاربة داعش وحلفائها.. فاستغل الفرصة وشدد من هجماته التي كان منها الهجوم الكيماوي علي خان شيخون والمتهم بأنه كان وراءه والرسالة هنا من ترامب.. بأن أمريكا ستكون حاضرة لأي خرق لقواعد اللعبة بسوريا وإن كلفها ذلك الإطاحة ببشار الأسد نفسه.. ورابعها.. لحلفاء سوريا من إيران وحزب الله وغيرهما، بأن الضربات يمكن أن تطولهم حتي في عقر دارهم، خاصة لإيران وعقبات ملفها النووي الذي يري ترامب أن المجتمع الدولي لم يتعامل معه بالصرامة المطلوبة، وحزب الله الموالي لها وتوسعاته في كل من: سوريا والعراق ولبنان.. إضافة للمارق الذي يبدو بعيدا عن المشهد وهو كوريا الشمالية التي طورت صاروخا عابرا للقارات بطول 8 آلاف كيلومتر، وهو ما يهدد أمريكا ذاتها والتي تبعد عن كوريا الشمالية بنحو 9.5 ألف كيلومتر فقط.. ومن هنا كان حرص ترامب علي الموافقة علي الضربة قبل لقائه بالرئيس الصيني.. أقرب حلفاء بيونج يانج. وخامسها.. للمعارضة السورية بأن تستغل الفرصة من هذه الضربة وأمثالها مستقبلا، وهو ما حدث بالفعل، فقد شنت المعارضة هجوما واسعا علي الأهداف التابعة للنظام السوري تزامنا مع الضربة الصاروخية الأمريكية. وسادسها.. محادثات السلام التي تراوح مقاعدها في كل من.. جنيف السويسرية والأستانة الكازاخية، وهي رسالة بأن تسرع من الحل السياسي وبمشاركة أمريكية مؤثرة. أما آخرها.. والتي لم ينتبه إليها الكثيرون وهي لإسرائيل المستفيد الأكبر مما يحدث علي الأراضي السورية من ضرب وتهجير لنحو 10 ملايين سوري بالداخل والخارج.. ومن إضعاف سوريا التي كانت خط المواجهة الأول معها.