علي مدي الأسابيع الماضية شهد الدولار تراجعا ملحوظا في السوق المصرفية المصرية، ليستقر في ختام تعاملات الخميس الماضي، وبداية الأسبوع الحالي تحت حاجز 16 جنيها حيث بلغ سعر الشراء 15.70جنيه والبيع 15.75جنيه وسط توقعات أن يشهد الدولار مزيدا من الانخفاض في الفترة القادمة، في ضوء المؤشرات الإيجابية لأداء الاقتصاد المصري، والزيادة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وعزوف المستوردين عن الاستيراد ترقبا لمزيد من الانخفاض، إلي جانب تأجيل المستثمرين الأجانب تحويل أرباحهم انتظارا لارتفاع قيمة الجنيه تعظيما لمكاسبهم. أكد طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري أن التطورات التي يشهدها سوق الصرف وارتفاع الجنيه أمام الدولار يؤكد أن القرارات الاقتصادية التي تم اتخاذها منذ نوفمبر 2016 حققت أهدافها، وبدأت تؤتي ثمارها، مشيرا إلي أن قرار تعويم الجنيه جاء في إطار حزمة من القرارات الاقتصادية وبرنامج شامل للإصلاح الاقتصادي وعلاج الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري، مؤكدا أن مشكلة الدولار أصبحت من الماضي وأن الاقتصاد المصري علي الطريق الصحيح ويتعافي، وحاليا يتم تداول الدولار داخل القطاع المصرفي الذي يعلن الأسعار الحقيقية للدولار الذي يتم تداوله وفقا لآلية العرض والطلب دون تدخل من البنك المركزي.. وقال إن سعر صرف الدولار وعقدته وأثرها علي التضخم أشياء أصبحت من الماضي، ولن يكون لسعر الصرف أثر علي التضخم.. وقال إن البنك المركزي استهدف زيادة الاحتياطي بالبنك المركزي ليصل حاليا إلي 26.2مليار دولار وهذا هدفه تحقيق الاستقرار في سوق الصرف. وأضاف عامر أن النقد الأجنبي يتم تداوله داخل البنوك، لافتا إلي أن هناك تدفقات دولارية علي البنوك من داخل مصر بلغت نحو 13.5مليار دولار وهذا رقم كبير يؤكد نجاح قرار التعويم، خاصة أن سعر الصرف بعد التعويم كان مغريا إلي جانب سعر الفائدة المرتفعة التي قدمتها البنوك العامة والتي بلغت 20٪ و16٪.. وقد حاز الاقتصاد المصري ثقة المستثمرين من خلال التدفقات للاستثمار في أدوات الدين المحلي كما ظهرت الثقة التي يتمتع بها الاقتصاد المصري في الأسواق الدولية في الطرح الأخير للسندات الدولارية بقيمة 4مليارات دولار التي لاقت إقبالا كبيرا من المستثمرين الأجانب وتم تغطيتها بأكثر من 3 مرات، وحصلت مصر علي 4 مليارات دولار، بما يعكس ثقة الأسواق والمستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري وقدرته علي النمو والوفاء بالتزاماته.. خاصة أن جزءا من السندات طويلة الأجل يمتد لنحو ثلاثين عاما. وعلي صعيد آخر، تزايد الاهتمام بالاقتصاد المصري بعد الاتفاق المهم مع صندوق النقد الدولي، وبعد موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في اجتماعه في نوفمبر 2016 علي قرض لمصر بقيمة 12مليار دولار علي ثلاث سنوات، وذكر صندوق النقد في بيان له أن موافقته جاءت لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته السلطات المصرية الذي يهدف إلي وضع عجز الموازنة والدين العام علي مسار تنازلي وإعطاء دفعة للنمو مع توفير الحماية لمحدودي الدخل.. وعقب ذلك رفعت وكالة ستاندرد آندبورز من التصنيف السيادي لمصر من سلبي إلي مستقر. ومن ناحية أخري، أشادت الوكالات الدولية وبنوك الاستثمار العالمية بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها الحكومة المصرية حيث أكدت صحيفة ذا ناشيونال في تقرير حديث أن قرار التعويم كان إجراء محوريا وفاصلا في إحداث التغيير الاقتصادي المستهدف، ورغم انخفاض الجنيه مقابل الدولار إلي أدني مستوياته ليصل في أواخر ديسمبر إلي 19.64جنيه إلا أن الوقت الحالي أثبت صحة الإجراءات حيث بدأت ملامح التعافي تظهر في أداء الجنيه مقابل الدولار بعد الوصول إلي مستويات ال16جنيها وسط توقعات بمزيد من ارتفاع الجنيه مقابل الدولار.. وفي بيان للبنك المركزي حول التقرير الجديد الذي أصدرته بي دبليو سي الشرق الأوسط حول الأداء الاقتصادي والإصلاح الذي تمضي عليه مصر بعنوان تعويم الجنيه: إصلاحات اقتصادية وبداية جديدة.. الذي أشارت فيه إلي التأثيرات المتعددة التي يشهدها الاقتصاد المصري نتيجة لقرار البنك المركزي المصري بتعويم الجنيه المصري في نوفمبر الماضي، واصفة القرار بأنه خطوة علي الطريق الصحيح من أجل الوصول إلي اقتصاد حر ودفع عجلة النمو الاقتصادي. وأشار تقرير بي دبليو سي إلي أن هذه الخطوة سيكون لها مردود إيجابي علي الاقتصاد المصري علي المدي الطويل في مجال الاستثمارات الأجنبية والمحلية وما يصاحب ذلك من تعزيز قدرة مصر التنافسية. وفي هذا الإطار أكد ماجد عز الدين الشريك المسئول عن بي دبليو سي وقائد إدارة الصفقات في مصر أن الإصلاحات الاقتصادية الحالية وخصوصا مسودة قانون الاستثمار وتعويم الجنيه المصري تشير إلي بداية عهد جديد في مصر.. هذا هو الوقت المناسب للشركات العاملة في مصر كي تتوسع في أعمالها وللشركات الأجنبية كي تبدأ استثماراتها في مصر. وأضاف أنه يمكن الآن للبضائع محلية الصنع أن تحل محل الواردات، وذلك عن طريق تقديم منتجات عالية الجودة والتنافسية للأسواق المحلية والأجنبية مع الاستفادة من الاتفاقيات التجارية المتنوعة القائمة بالفعل، ونحن نشعر بالتفاؤل تجاه آفاق الاقتصاد المصري علي المدي الطويل، ونأمل أن يساعد هذا التقرير في تسليط الضوء علي الآثار الإيجابية للخطوات المتواصلة التي تتخذها الحكومة المصرية من أجل تحرير الاقتصاد المصري. في حين قالت مي أيوب: الشريك في إدارة الصفقات في بي دبليو سي مصر والشرق الأوسط: »نجحت مصر اليوم في العودة من جديد إلي قائمة الأسواق الاستثمارية الواعدة، وذلك بفضل إجراءات تعويم سعر العملة التي أعلنتها مؤخرا، بالإضافة إلي مجموعة الإصلاحات الاقتصادية، وما تتمتع به مصر من موقع استراتيجي وقوي ديموغرافية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط». فيما أكدت وكالة بلومبرج الأمريكية أن قرار التعويم الذي اتخذه البنك المركزي المصري كان له تأثير كبير في الأسواق الدولية، حيث عاد المستثمرون الأجانب مجددا إلي أسواق الدين المصرية وخاصة أذون الخزانة، وتابع التقرير: أن البنك المركزي المصري قرر في 3 نوفمبر 2016 تحرير سعرف الصرف وهبط الجنيه بشكل حاد بعد ذلك ليصل إلي نحو 19جنيها قبل أن يبدأ في أواخر يناير في استعادة بعض عافيته ليسجل نحو 16.60جنيه للدولار في بعض البنوك ثم واصل انخفاضه تحت مستوي 16جنيها، وارتفع احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلي 26.3مليار دولار في نهاية يناير بعد أن كان 24.2مليار دولار في نهاية ديسمبر. وعلي صعيد آخر، تولي الحكومة المصرية أهمية كبيرة لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وأكدت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي أننا نسعي لجذب استثمارات جديدة وإنجاز قانون الاستثمار الجديد.. وقالت خلال زيارتها الأخيرة للبنان: إن مصر تعمل علي توفير مناخ ملائم لجذب الاستثمارات الأجنبية مشيرة إلي الأهمية التي توليها مصر لتشجيع الاستثمار الخاص، وأهمية خلق مناخ إيجابي يقوم علي تذليل كافة العقبات للمستثمرين.. وأكد عمرو الجارحي وزير المالية أن التقارير العالمية تؤكد أن مصر تسير في المسار الصحيح في عملية الإصلاح الاقتصادي رغم الضغوط الحالية، مشيرا إلي أن مصر تمتلك فرصا استثمارية واعدة بما يؤهلها لتصبح مقصدا استثماريا مهما خلال المرحلة المقبلة. كما أوضح أننا نستهدف أن تكون مصر دائما متواجدة بشكل دائم ومستمر أمام المستثمر في الخارج الذي نحرص أن يكون علي دراية بإجراءاتنا الإصلاحية، وأن لدينا خطة استثمارية طموحة. وقال إنه خلال زيارته لدولة جنوب أفريقيا وجد أن نظرة المستثمر الأجنبي لمصر تحسنت جدا.. وهناك رغبة شديدة واهتمام بالسوق المصرية بدليل أن المستثمرين ضخوا في الفترة الماضية استثمارات جديدة بالسوق المصرية.