المفكر الإسلامى د. محمد على العقلا إذا قابلت أحد أعضاء الأسرة الحاكمة السعودية أو أي مسئول وتحدث عن جهود بلاده في خدمة الإسلام والمسلمين، فسوف يتناول توسعة الحرمين الشريفين، والخدمات التي تقدم للحجاج والزوار، والتضامن الإسلامي، ومناصرة القضايا العربية العادلة، وحل الخلافات بين الدول الشقيقة، والإغاثة الإسلامية، وطباعة المصحف الشريف وتوزيعه علي العالم »بالمجان«، وكذلك الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. لابد أن يتطرق حديثه إلي قصة إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ودورها الكبير لنشر الوسطية ومكافحة الغلو، والتي ينتسب إليها طلاب من أكثر من 651 جنسية من العالم، وكيف تم اختيار مديرها العالم والمفكر الإسلامي الدكتور محمد بن علي فراج العقلا، والذي حولها في عهده إلي منارة للاعتدال، والتفقه في الدين والعلوم الشرعية والعربية، وتعليم اللغات الأجنبية، وأصبحت مناهجها خالية من التعصب المذهبي الذي سادها في بعض سنوات تاريخها! كانت الجامعة الإسلامية أمنية تراود علماء العالم الإسلامي، خاصة بعد انهيار الخلافة العثمانية عامة، وقيام الممكلة العربية السعودية خاصة، وحالف التوفيق الأسرة المالكة عندما أنشئت فعلا من حوالي خمسين عاما، ووجدت رعاية كاملة وعناية خاصة منهم، يكفي أن كان الرئيس الفخري الأعلي لها ملك السعودية شخصيا ورئيس الجامعة نائبا له يتصرف في كل أمورها لتنفيذ الأحكام الصادرة من الهيئات العليا والإشراف علي النظام واللوائح وهو المسئول المباشر عنها، ومجلسها كان مكونا من كبار العلماء والمتخصصين في الشئون التعليمية والدعوة. وإذا كانت الجامعة حاليا مؤسسة إسلامية أكاديمية عالمية من حيث الغاية، عربية سعودية من حيث التبعية، إلا أنني إذا تكلمت عنها بحيادية أقول إنها في بدايتها وخلال السنوات التالية لنشأتها اهتمت في المقام الأول بتدريس العلوم الشرعية والدعوة الإسلامية، (فرأيي الشخصي) أنه ليس كل من يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، أو يحفظ الآلاف من الأحاديث النبوية الشريفة يصلح أن يكون داعية إسلاميا عصريا، وبمواصفاته هذه فقط لاتعطيه الحق في أن يجتهد في الفقه والشريعة، وأن يفتي الناس في القضايا المعاصرة والمشاكل الحديثة، وتسيير حياتهم بشكل مستنير، فكانت الجامعة الإسلامية في مهدها ولسنوات طويلة »تقليدية« حتي أنك قد تندهش مثلي عندما تعرف أن الشيخ » بن باز« وهو طبعا متشدد جدا في أحكامه وفتاواه التي تخاصم الديمقراطية، والسياحة، والبنوك، والمرأة، والاقتصاد العالمي كان أحد المسئولين عن الجامعة الإسلامية لبعض سنوات، وإذا كانت مواصفات مدير الجامعة بهذا التشدد، فلا تتعجب أن يكون أسامة بن لابن أحد خريجيها، بعد أن أنجبت الكثير من عتاة الطرف!! وحتي خمس سنوات مضت كانت رسالة الجامعة الإسلامية كما قلت »تقليدية« إلي أن عرفت الحكومة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود كيف تختار مسئوليها الأكفاء عندما اختارت الدكتور محمد العقلا (عمره 25 سنة) مديرا لهذه الجامعة العريقة، وهو بالمناسبة عالما موسوعيا مطلعا، واسع الثقافة شديد التواضع والتهذيب، وراق جدا في كل معاملاته الإنسانية، ولم يكن منغلقا يوما علي علوم الدين وحدها دون علوم الحياة، فهو من أوائل دفعته وحاصل علي البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي، وتدرج في مواقع أعضاء هيئة التدريس من »معيد« إلي »عميد« وعضو دائم في عدد من المجالس العلمية والهيئات الإسلامية العالمية، ولأنه يتمتع بسمعة طيبة بالغة فهو رئيس لجنة الترشيح للطالبات المتميزات لجائزة حرم خادم الحرمين الشريفين للتميز العلمي، ورئيس لجنة مكافحة ظاهرة بيع البحوث العلمية للطلاب، ورئيس لجنة الأداء المتميز لأعضاء هيئة التدريس. لم يهتم الدكتور محمد العقلا بقضايا إطالة اللحي وتقصير الثياب وضرورة »السواك« وتعدد الزوجات، كما فعل غيره، بل كان عالما موسوعيا اعتمد علي قضايا البحث العلمي والتدريب، وضرورة تطوير الجامعة، وتوفير كل التسهيلات التعليمية والعلمية والإدارية للأساتذة والطلاب علي حد سواء، ويحترم الكبير.. ويعطف علي الصغير، حتي صار محبوبا من كل الذين حوله، واكتسب شعبية جارفة، وأنجزت الجامعة في عهده منجزات هائلة من العلماء والباحثين والدعاة والقضاة، وبحوث علمية متقدمة، ولقاءات دعوية متفتحة، وأنشطة في كل الجوانب المتعلقة بخدمة المجتمع، بل وتوفير الكوادر العلمية للمحتاجين داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، الحاصلين علي البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، والذين قدموا بحوثا جليلة طبعت ونشرت، واستفاد منها الكثيرون، بعد أن لمس الناس قيمتها وأهميتها، وأصبحت الجامعة الإسلامية في عهد الدكتور محمد العقلا بهذه الإنجازات العديدة علامة فارقة في الأوساط الدينية والعلمية في العالم الإسلامي يعرفها القاصي والداني، جامعة لاتغيب عنها الشمس بعلمها واعتدالها ووسطيتها وانتساب طلاب أكثر من 651 جنسية في العالم ، وبعد أن قهر التطرف البغيض في مقتل وأضاء شعلة المعالجة الفكرية بالاستنارة!!! وانطلاقا من رسالة الجامعة الإسلامية نحو واجبها الثقافي ودورها الريادي وتواجدها السياسي والعلمي خارج الحدود، فقد نظمت هذه الجامعة منذ تولي رئاستها الدكتور محمد العقلا العديد من المؤتمرات الدولية لمناقشة قضايا عالمية تهم الإسلام والمسلمين في كل مكان ويفتتحها أعمدة الأسرة الحاكمة من الأمراء والوزراء وكبار رجال الدولة. [email protected]