ويبقي أهم عناصر تلك النوعية من الأفلام التي تكمن في أبطال الفيلم، سواء الشخصيات الرئيسية او المساعدة، وتخيل مثلا نجما آخر غير عبدالحليم حافظ وزبيدة ثروت في فيلم يوم من عمري، وحاول أن تضع شكري سرحان بدلا عن رشدي أباظة في فيلم الزوجة 13 أو "آه من حواء"، أعتقد ان قيمة الفيلم سوف تهبط كثيرا، ليس لأن شكري سرحان ممثل سييء لاسمح الله، ولكن لأن رشدي أباظة لايمكن أن يستبدل بآخر، ولأنه أحد أهم دعائم نجاح الفيلمين! وأنا أحب جداً الممثلة الأمريكية "ميج ريان" رغم أن أفلامها خفيفة، ولكنها مبهجة للغاية، وتمنح الروح درجة عالية من الصفاء والبهجة، وتلك الأفلام تكتب بعناية فائقة، ويستحيل أن تتصور ممثلة أخري مكانها، وخاصة في أفلام "القبلة الفرنسية"مع كيفين كلاين، و"جاءك بريد الكتروني" و"لا أحد ينام في سياتل" مع توم هانكس، وطوال السنوات العشر بل قل العشرين السابقة، كنت أسأل نفسي لماذا أصبحت السينما المصرية عاجزة، عن تقديم أفلام كوميدية رومانسية راقية مثل تلك التي كنا نشاهدها في الستينيات والسبعينيات؟ وكانت النتيجة التي توصلت إليها بعد القليل من الجهد لأنها واضحة لصاحب العقل والمنطق، أن ممثلي الكوميديا الجدد، يتعاملون بمنطق المهرج وليس الممثل، وليس منهم من يستوعب أن أداء الكوميديا يحتاج بساطة وعمقا وأن الابتذال بعيد جدا عن مفهوم الكوميديا، ولكن الحقيقة أيضاَ أن بعض أفلام أحمد حلمي، تحمل قدراً كبيراً من المتعة، لأنه يكاد يكون الوحيد بين أبناء جيله الذي يعتمد علي كونه ممثلا، ثم إنه يتمتع بقدر من الثقافة يتيح له فرصة الاختيار الجيد في أغلب الأحيان، وربما يكون الفيلم الوحيد المقبول بين كل ماقدمه هاني رمزي من أفلام هو "محامي خلع" الفيلم الأول للمخرج محمد ياسين، ولولا بعض المبالغة في أداء بطل الفيلم لكانت النتيجة أفضل كثيراً! ولذلك كنت مهيأة ومتحمسة لمشاهدة فيلم "إذاعة حب" للمخرج أحمد سمير فرج، فالمفروض أنه ينتمي لنوعية الكوميديا الرومانسية، ولنقل إن كاتب السيناريو الشاب أحمد ناير كان متأثراً بدرجة ما بفيلم إشاعة حب، والعامل المشترك بين الفيلمين أن البطل في كليهما قليل الخبرة بمعاملة النساء، و"لخمة" ويكاد يكون بدون تجارب ناضجة، وفي إشاعة حب يقوم العم بمحاولة دردحة حسين أو عمر الشريف حتي يستطيع ان يجذب انتباه ابنته العصرية "سعاد حسني"، وفي إذاعة حب يلعب "إدوارد "دور الصديق الذي يسعي ل"كحرتت" شريف سلامة، أي إكسابه بعض المهارات والتجربة ليتمكن من التعامل مع الفتيات! إننا أمام طرفين شاب وفتاة كل منهما قليل الخبرة، في التعامل مع الجنس الآخر، وعندما يلتقيان، يدعي كل منهما أنه مقطع السمكة وديلها، وأن له تجارب عاطفية وخبرات حياتية، شريف سلامة يعمل في مجال الدوبلاج، أي تركيب صوته علي بعض الأعمال الأجنبية وخاصة أفلام الرسوم المتحركة، أما صديقه إدوارد فهو مهندس صوت، يعمل معه في نفس الشركة، ثم يتحول شريف سلامة إلي مقدم برامج لحل المشاكل العاطفية، رغم قلة خبرته في هذا المجال، أما "منة شلبي" فهي صحفية في مجلة اجتماعية وتكتب عمودا أسبوعياً، نقدياً ، وهي فتاة محافظة تريد الزواج، ولكن يهرب منها الشباب، لأنها لاتحمل مواصفات الفتاة العصرية، بينما صديقتها فريدة أو يسرا اللوزي، تبدو أكثر منها خبرة، وتحاول أن تجذبها إلي عالمها، وطبعا لك أن تتوقع التفاصيل فليس بها أية مفاجآت، ولكنها مواقف ملتبسة، تعاني من فقر الخيال، نظراً لقلة خبرات السيناريست، وتأثره بمشاهداته من الأفلام المصرية وخاصة فيلم موعد غرام الذي لعب بطولته عبدالحليم حافظ مع فاتن حمامة، وتقمصت منة شلبي شخصية فاتن حمامة من حيث الشكل، فمن قال إن كل صحفية لابد أن تستخدم النظارات الطبية؟ ونظرا لانعدام خيال كل من السيناريست والمخرج، فقد كان معظم مشاهد منة شلبي يظهر فيها اللاب توب، كجزء من الإكسسوار، وأداة ملازمة للبطلة الصحفية، ومع ذلك فهي تكتب بالقلم الرصاص وتكرمش الورق وتلقيه أمامها تعبيرا عن توترها وعدم قدرتها علي التركيز، أما اللاب توب بيعمل إيه معاها، ولم يظهر لنا المخرج اي مشهد لصفحات الإنترنت، التي كانت إحدي وسائل التواصل بين البطلين! وعلي كل الأحوال فالفيلم ليس سيئاً لهذه الدرجة، وهو مثل قطعة الآيس كريم في يوم حار، فهي تذوب و"تلحوسك" قبل أن تستمتع بطعمها، أو مثل كيس الفشار الذي لايسمن ولايغني من جوع ولكنه يوجع البطن وخلاص! ومع ذلك فإن مميزات الفيلم تكمن في أداء شريف سلامة ويسرا اللوزي، أما إدوارد فكان يلجأ للصراخ في مواقف لاتحتاج لهذا الأداء الصارخ، أما منة شلبي فكانت في حاجة لضبط انفعالاتها وأسلوب أدائها، الذي بدا مفتعلاً في اغلب المواقف، ومن أكثر عناصر الفيلم رداءة وسوءاً المكساج الذي جعل صوت الموسيقي التصويرية يطغي علي صوت الحوار، فتضيع ملامحه! فيلم إذاعة حب كان يحتاج إلي مزيد من الجهد والإتقان من جانب السيناريست والمخرج حتي يخرج في صورة أفضل!