أوباما من الثابت في السياسة الأمريكية أن فئات المصالح الخاصة تستثمر مبالغ هائلة في المرشحين وآلية الانتخابات ، بما فيها استطلاعات الرأي، لإحداث تغييرات عميقة مرضية في نتائجها، علي حساب المصالح العامة الكبري. وكانت وسائل الإعلام الأمريكية أبرزت في بداية الشهر الحالي نتائج استطلاع تفيد بأن المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة "ميت رومني" يتفوق علي الرئيس باراك أوباما بنسبة 94٪ مقابل 64٪ من أصوات الناخبين في حال إجراء الانتخابات في الفترة الراهنة، مما أعاد تسليط الأضواء علي السباق الرئاسي، خاصة أن ما بدا سباقا غير ملهم للكثيرين قبل بضعة أسابيع أضحي حافزا للناخبين المؤيدين للحزب الجمهوري. وعليه، فقد انضم مرشحان آخران رسميا هذا الأسبوع للحلبة، "ميت رومني" و "ريك سانتورم"، بينما انتهجت المرشحة لنائب الرئيس سابقا "سارة بيلين" رحلة استشعار في حافلة لمناطق الساحل الشمال الشرقي للولايات المتحدة، بعد حملة دعاية مكثفة لذلك، وأعلنت عضو الكونجرس "ميشيل باكمان" عن نيتها الترشح أيضا. ولتسهيل مهمة المتابعة للعديد من المرشحين، فإن الدكتور منذر سليمان محلل شئون الأمن القومي بمركز الدراسات الأمريكية والعربية -المرصد الفكري/البحثي، قام بتقسيمهم إلي ثلاث مجموعات.. الأولي لمن يمتلك قاعدة صلبة داخل الحزب الجمهوري(ميت رومني وساره بيلين وتيم بولنتي وهيرمان كين).. والثانية لمرشحين كسبوا اهتمام الرأي العام (ميشيل باكمان ونيوت جينجريتش وريك بيري وريك سانتورم).. والمجموعة الثالثة للمرشحين علي الأرجح لن يحالفهم الحظ في الفوز، إلا أن بعضهم تتردد أسماؤهم كمرشحين لمنصب نائب الرئيس. وشكلت نتيجة استطلاع الرأي المذكور ل "ميت رومني" دفعة قوية بإمكانية فوزه علي الرئيس أوباما، بالرغم من تحفظات زعامات عدة من الحزب الجمهوري علي سياساته أثناء شغله منصب حاكم ولاية "ماساتشوستس"، وباستثناء شهرة شخصيته بين الجمهوريين، فإن والده سبقه في منصب حاكم ولاية "متشيجان" وترشح للانتخابات الرئاسية أيضا عام 1968. وبالرغم من خسارته ترشيح الحزب عام 2008 لصالح جون ماكين، إلا أنه يعتبر حاليا من بين أقوي المرشحين الجمهوريين، لكنه لم يستطع إلهام وإقناع القاعدة الشعبية للجمهوريين، خاصة أن تصنيفه بين أتباعه يضعه في مصاف الليبراليين بين الجمهوريين. أما ساره بيلين، فقد دشنت حملتها الانتخابية بجولة في مركبة في بعض الولاياتالشرقية من أمريكا، مستهدفة المرور علي بعض المراكز التي تعد تاريخية في الولاياتالمتحدة، مثل جرس الحرية في فيلادلفيا، وذلك بالرغم من عدم إعلانها رسميا نيتها الترشح للانتخابات. وستعمد بيلين علي تحسين صورتها التي تضررت كثيرا في السابق بسبب شح ثقافتها السياسية عبر تسويق فيلم يروي قصتها وسيرتها لمدة ساعتين, والذي ينتظر نزوله قريبا إلي الأسواق.. ومن المرجح أن تترك أثرا ايجابيا بين الناخبين حين تعلن رسميا ترشحها للانتخابات، خاصة بين صفوف الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري، وقد يؤثر دخولها علي قدرة استمرارية بعض المرشحين الآخرين، مثل "باكمان"و"كين". ولم يكن "هيرمان كين" معروفا لمعظم الناخبين قبل بضعة أشهر لحين إجراء استطلاع للرأي في ولايته أريزونا الذي أتت نتائجه مشجعة له بنسبة 15٪ كمرشح مفضل لخوض الانتخابات الرئاسية.. و "كين" رجل أعمال أسود ناجح ومن بين الميزات التي يمتلكها كين ثروته المالية الهائلة، كما أنه مفوه خطابي من ذوي البعد التبشيري الذي اشتهرت به كنائس السود، ومعتقداته المحافظة التي تلهم العديد من الناخبين من الجمهوريين، وبشرته السوداء التي يستغلها الحزب الجمهوري لدرء اتهاماته بالعنصرية، بالرغم من أن تلك الميزة لن تلعب دورا كبيرا للتأثيرعلي جمهور السود من الديمقراطيين.. ويعتقد أن نسبة نجاحه في الترشيح تعتمد علي طبيعة أدائه في الانتخابات التمهيدية في منافسة "باكمان" و "بيلين". أما تيم بولنتي، المجهول لمعظم الناخبين، فقد أدت مثابرته إلي صعوده سريعا إلي مسرح المرشحين الجمهوريين، لكنه يفتقد إلي الحيوية التي تميز قاعدة "بيلين" و"كين" الانتخابية.. أما "نيوت جينجرتش"، فبالرغم من شهرته المقدرة بين صفوف الجمهوريين لشغله منصب رئيس مجلس النواب في عقد التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن سجله الشخصي وجنوحه لاستخدام التوصيفات المثيرة للجدل قد أحبطت حظوظه الانتخابية، كما لوحظ تدني موقعه بين الناخبين. أما بالنسبة للمرشحين الآخرين، فقد شغل "جون هنتسمان" منصب سفير الولاياتالمتحدة في الصين في إدارة أوباما، وحاكما سابقا لولاية "يوتاه"، ولديه خبرة واسعة في السياسة الخارجية إبان فترة رئاستي بوش الأب وبوش الابن. و"رودي جولياني" هو المرشح السابق للانتخابات الرئاسية وعمدة مدينة نيويورك الذي انطلقت شهرته صعودا مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر.