عرفناها عالمة جليلة مدافعة دوماً عن حركة التطور الموسيقي من خلال أعمالها ومؤلفاتها الموسيقية الراقية لدراما السينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون ومسرح الطفل، وعرفناها أيضاً أستاذة بارعة في تدريس علوم التأليف وأساليب التحليل للموسيقي وهو مجال تمارسه بكل دأب واقتدار وحب، كونها قامة فنية شامخة، ورائدة في عالم الإبداع الموسيقي، منذ إثرائها الحياة العلمية والبحثية خلال فترات عمادتها لكلية التربية الموسيقية ومعهد الكونسرفتوار ومعهد النقد الفني بأكاديمية الفنون. إنها عميدة كلية التربية الموسيقية حتي عام 1985، الدكتورة عواطف عبدالكريم. ولأنها شمعة لا تنطفئ ومازالت تضيء سماء المحروسة بالعزف علي أوتار الروح حصدت الدكتورة عواطف جوائز عِدة، أبرزها جائزة الدولة التقديرية، وجائزة التفوق من فيينا، بعد حصولها علي وسام النضج الفني بامتياز، وأكدت فيها بأستاذيتها المصرية أن الإبداع يفرض ذاته. الدكتورة عواطف التي تعتز بمسيرتها الموسيقية، تشير إلي أن اللحظة التي غيرت مسار حياتها جاءت حين انتقلت مع أسرتها من الفيوم وأقامت في حي العباسية بالقاهرة، وتربت في بيئة محافظة للغاية بين أحضان والدها مهندس الميكانيكا والكهرباء، ووالدتها التي كانت تهوي الموسيقي الشرقية. وتقول إن موهبتها الموسيقية تفتحت من خلال الاستماع لعزف شقيقتها الكبري الراحلة الدكتورة عفاف عميدة كلية التربية الرياضية بالإسكندرية سابقاً، علي آلتي البيانو والفيولينة بعد تلقيها دروساً في العزف وقراءة النوتة، وأيضا لعشق شقيقها الفنان التشكيلي صلاح عبدالكريم، وتؤكد: "كان للدكتورة عفاف الفضل في إلحاقي بعد حصولي علي الثانوية العامة بكلية التربية الموسيقية، وتفوقي في كل سنوات الدراسة وحصولي علي تقدير امتياز والمركز الأول مع مرتبة الشرف" لافتة إلي أنها كانت مبدعة في العزف علي الآت الكمان والعود والبيانو، ويرجع الفضل في تألقها إلي أستاذتها الألمانية بريجيت تشيفر. ونتيجة تفوقها عينت معيدة بالكلية لثلاث سنوات ورشحت بعدها لبعثة خارجية في فيينا بالنمسا، للحصول علي درجتي الماجستير والدكتوراه من أكاديمية الموسيقي والفنون التعبيرية، وبالتحديد في أكاديمية موزارت بسالزبوج بفيينا Mozart »oncerts »ienna . وتشير الدكتورة عواطف إلي أن هذه الفترة كانت مرحلة غريبة لانهمار سيل من البعثات الخارجية التي كانت محرومة منها من قبل مع باقي زميلاتها، واعتبرت أن سيل البعثات إلي فرنسا وإنجلترا وألمانيا وغيرها هو نوع من الثراء الفني الثقافي وتتمني أن يتكرر باستمرار، خاصة أن موهبة الكتابة والتأليف الموسيقي كانت تجد بداخلها مناخاً متوهجاً، وهذا بدوره مهد لها الطريق لإحداث نهضة موسيقية ثقافية عامة لدرجة أن أصبح لها دور بارز في مجال التأليف والتعليم الموسيقي. وبعد عودتها من النمسا تسلمت عملها بالكلية، وتهافتت علي التعامل معها جهات عِدة مثل الإذاعة والتليفزيون والمسرح في مجال التأليف الموسيقي وأيضاً الموسيقي التصويرية، ومن هنا انطلقت شهرتها كمؤلفة موسيقية دارسة وواعية وتوالت باكورات إنتاجها بأعمال عديدة ارتبطت بنهضة المسرح أولهما مدينة الأحلام لمسرح العرائس، والإنسان الطيب لبريخيت، وأبدعت بمؤلفاتها في مجموعة أغاني كورال الأطفال، وتحولات علي لحن شعبي "آه يا زين" للفيولينة المنفردة، ونشيد "قوم يا مصري"، والموسيقي التصويرية لمسرحيات "كوبري الناموس" و"السبنسة" و"لعبة النهاية"، وتوزيع أوبريت شهرزاد لسيد درويش، وتوزيع وتأليف مقطوعات للأوركسترا في متتالية الأطفال عزفها أوركسترا الكونسرفتوار في عيد الفن عامي 3891 و 4891، إلي جانب مؤلفاتها من الكتب والأبحاث والمقالات منها "تذوق التاريخ الموسيقي"، و"التربية الحركية الموسيقية"، و"محيط الفنون". كما قدمت دراسات كثيرة بمختلف اللغات في أماكن عديدة استنشق فيها المهتمون بالموسيقي رحيق الإبداع والثقافة، مشيرة إلي أنها أعطت جهدها الأكبر في التدريس وتكوين أجيال جديدة خلال توليها عمادة كلية التربية الموسيقية وعملها في معهد الكونسرفتوار قسم التأليف والقيادة، كما أسست قسم الموسيقي بالمعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون، وتدرجت حتي أصبحت عميدة له "ندباً"، وشاركت أيضاً بالتدريس في المعهد العالي للسينما، وترأست لجنة ترقية أساتذة الموسيقي، وكان لها الفضل في إدخال دراسة "الكونترابنط والفوجة" في مناهج تعليم التأليف الموسيقي، وتتلمذ علي يديها مؤلفو الجيل الثالث أمثال جمال سلامة وأحمد الصعيدي ونهلة فاروق. وبعيداً عن الموسيقي تكشف الدكتورة عواطف ولعها الشديد بقراءة أدب نجيب محفوظ، مؤكدة استمتاعها برواياته التي تدور في أجواء الحارة المصرية، بينما تصف حياتها العائلية بأنها كانت حياة جميلة مع زوجها الفنان التشكيلي الراحل الدكتور محمد البيلي الأستاذ بكلية الفنون الجميلة، وابنتها الكبري جيهان مديرة العلاقات العامة بأحد الفنادق الكبري بالقاهرة، والثانية المهندسة إيمان، بينما تصف حفيديها "محمد ونهال" بأنهما كل حياتها. وتؤكد الدكتورة عواطف أنها من هواة دخول المطبخ وعمل الأكلات المتنوعة بنفسها، كما أنها عاشقة للموضة التي تتميز بالبساطة والأناقة دون تكلف، ولا تحب المبالغة في الماكياج، وتعتبر أن "الموسيقي هي لغة الحرية الوحيدة في الكون" وتقول: "لو كانت الموسيقي لغة الشعوب لعم السلام الأرض".