الفاعل هذه المرة لم يصرخ باسم الله، لم يكبر ولم تُثبت عليه كاميرات المراقبة أنه جاء للناس بالذبح.. الفاعل هذه المرة هو دافيد علي سنبولي.. مراهق ألماني من أصل إيراني، وُلد مسلماً شيعياً قبل أن يتحول إلي المسيحية ثم أغرق في حب الأفكار النازية المتعصبة للعرق الآري والكارهة لكل من هو غير ألماني.. الفاعل هذه المرة مختل عقلياً ومريض نفسياً استوحي جريمته من نازي آخر يُدعي أندرس بهرنج بريفيك والذي نفذ هجومين إرهابيين بالنرويج، وذلك في 22 يوليو 2011 وهو نفس اليوم الذي شهد هجمات ميونيخ الأخيرة. من بين مشهد ضبابي وتضارب إعلامي وحالة من التعتيم والتحفظ الشديد من قبل السلطات الألمانية، ظهرت هوية منفذ هجوم ميونيخ وهو »ألماني من أصول إيرانية ويبلغ من العمر 18 عاما« بحسب ما أعلنه هابيرتوس أندريه رئيس الشرطة المحلية بالمدينة البافارية من خلال مؤتمر صحفي استمر حتي الساعات الأولي من صباح السبت الماضي. وطبقاً لهابيرتوس آندريه أيضاً فحتي الآن تبدو «دوافع الهجوم غير واضحة بشكل كامل!» لا سيما أن منفذه انتحر بعد وقت قليل من ارتكاب جريمته، وكان الفتي ذو الأصول الإيرانية يصرخ بكلمات مبهمة وهو يطلق النار ولم يتسن معرفة محتوي ما كان يصرخ به علي وجه الدقة، في الوقت الذي أكدت فيه وسائل إعلام ألمانية وفرنسية أنه كان يصرخ «أنا ألماني.. أكره الأجانب» فيما تتواصل التحقيقات التي انطلقت من منزل والديه. التفاصيل الأهم في الحادث جاءت من خلال وزارتي الخارجية التركية واليونانية، بتأكيدهما مقتل 4 من رعاياهما بالحادث. والشيء ذاته أكدته وزارة خارجية كوسوفو، في بيان جاء فيه أن «3 مواطنين من كوسوفو من بين ضحايا إطلاق النار في ميونخ» وأضاف أن «قنصليتنا في ميونيخ تأكدت مع شرطة ألمانيا والعائلات أن 3 شبان ألبان (كوسوفيين) لقوا مصرعهم في الهجوم». إطلاق النار بدأ في تمام السادسة إلا ثماني دقائق مساءً بتوقيت جرينتش أمام أحد مطاعم مكدونالد، وظهر في مقطع فيديو، رفعه أحد الهواة علي تويتر، عدة أشخاص يلوذون بالفرار من أمام المطعم بينما شخص يرتدي زياً أسود يطلق عليهم النار بهدوء وثبات من مسدسه، قبل أن تُهرع دورية شرطة لموقع الحادث لتطلق النار علي المهاجم الذي أصيب في ذراعه ولكن ذلك لم يمنعه من الجري هارباً، ثم عثرت عليه الشرطة في تمام الساعة الثامنة و30 دقيقة جثة بلا روح وأغلب الظن أنه فضل الانتحار، ومن بين ال16 شخصاً المصابين في الهجوم هناك 3 ما بين الحياة والموت، كما يوجد من بين المصابين أطفال وشباب. وكانت المفاجأة في إعلان السلطات في مدينة ميونيخ الألمانية، أن منفذ الاعتداء المسلح يعاني من مشاكل نفسية، واستوحي هجومه من جريمة المتطرف أندريس بريفيك التي هزت النرويج قبل 5 سنوات. وصرح النائب العام في ميونيخ توماس شتاينكراوس «ننطلق من مبدأ أن الأمر في هذه القضية عمل كلاسيكي من مختل عقليا.. تحرك بلا دوافع سياسية في حادث إطلاق النار مساء الجمعة بالقرب وداخل مركز تجاري كبير وأسفر عن مقتل 9 أشخاص». ومن جانبه قال قائد شرطة ميونيخ هوبرتوس آندري: «وجدنا في شقة والديه أشياء تدل علي أنه يهتم بقضايا مرتبطة بالمختلين عقليا، الذين ارتكبوا جرائم قتل وخاصة كتب ومقالات في صحف». وأضاف آندري « ليس هناك أدني علاقة بين تنظيم «داعش» والمهاجم، فهو شاب ألماني من أصول إيرانية، ولد في ميونيخ، وأعلن آندري أن المحققين كشفوا «صلة واضحة» بين إطلاق النار والنرويجي بريفيك الذي قتل 77 شخصا قبل 5 أعوام في نفس التاريخ تماما وهو 22 يوليو. تصريحات السلطات الألمانية أعادت للأذهان حادثة مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني عام 2009 في مدينة دريسدن، حيث قام مواطن ألماني يُدعي أليكس دبليو فينز ينتمي لما يٌعرف بتنظيم النازيون الجدد، ويبلغ من العمر 28 عامًا داخل محكمة في مدينة دريسدن بطعنها 18 مرة في 3 دقائق، وبعدها فارقت الحياة، بعدما وصفها بالإرهابية بسبب ارتدائها الحجاب. وكان ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية داعش كان قد توعد أوروبا منذ 3 أشهر ب«صيف ساخن» مما جعل كل أصابع الاتهام تشير إليه في بادئ الأمر، لا سيما أن ألمانيا تشارك في الحملة الدولية علي التنظيم بمعاقله في سوريا والعراق وإن اقتصرت مشاركة برلين علي تزويد التحالف بطائرات بدون طيار ومعلومات مخابراتية. المفارقة أن الأصوليين الإسلاميين يفضلون دوماً اليوم الحادي عشر من أي شهر لتنفيذ هجماتهم الإرهابية، وهو ما فعله تنظيم القاعدة يوم الحادي عشر من سبتمبر في واشنطن ونيويورك، ثم يوم الحادي عشر من مارس في مدريد، وفي يوم الحادي عشر من أبريل 2007 زُلزلت العاصمة الجزائرية (الجزائر) بعدة هجمات مروعة، تبناها ما يُعرف بتنظيم القاعدة في المغرب العربي، علي مقار الجيش والشرطة مما أودي بحياة عشرات المدنيين والعسكريين علي السواء، أما النازيون الجدد فيفضلون يوم 22 وغالباً شهر يوليو أيضاً حيث إنه نفس يوم وشهر هجمات النرويجوميونيخ.