احتدم النقاش بين المشاركين في مؤتمر"مستقبل مصر ونظامها السياسي من منظور التيارات الإسلامية" والذي عقد في أحد فنادق الزمالك مطلع هذا الأسبوع ونظمه مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية حول مفهوم الدولة المدنية في ظل مرجعية إسلامية بمشاركة ممثلين عن التيارات الإسلامية في المنطقة العربية، إضافة لعدد من النشطاء والسياسيين ذوي التوجه الليبرالي الذين عبروا عن مخاوفهم من أن يتحول ما يسمي بالدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية لدولة دينية كهنوتية صرفة، علي حد وصف الناشط الدكتور أحمد عبدالله. من جانبه قال الدكتور أحمد أبو بركة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين إنه لاتوجد دولة دينية وأخري غير دينية إذ توجد فقط دولة سيادة القانون ، مضيفا أن الركيزتين الأساسيتين للدولة هما أن الشعب هو مصدر السلطات والمواطنة، وأن آلية هذه المواطنة تتمثل في عدة أشكال منها دستور مكتوب وسيادة القانون والحفاظ علي الحقوق والحريات العامة ومنها حرية الاعتقاد. وعلي الجانب الآخر، أكد الشيخ عبدالمنعم الشحات رئيس جمعية الدعوة السلفية بالإسكندرية أن السلفيين يسعون لإقامة دولة إسلامية يتم فيها تطبيق التشريع الإسلامي بآليات الشوري لتحقيق مجتمع قوي ودولة قوية. واقترح الشحات وجود مجلس فقهي محايد في البرلمان تحال إليه القوانين بحيث يفصل في الجدل حول شرعية هذه القوانين، " وقال ان السلفيين سيقبلون بما يصدق عليه هذا المجلس الفقهي حتي وإن اختلفوا مع رأيه«. في حين رأي الدكتور كمال حبيب القيادي السابق في تنظيم الجهاد الإسلامي، أن السياسة هي أن يكون حال الناس أقرب الي الصلاح ولو لم ينزل بذلك وحي، مشيرا إلي أن الاجتهاد هو الأداة الأساسية للعقل الإسلامي، بما يسمح بالاجابة علي الأسئلة المعاصرة ومنها قضية الجزية حيث ثبت أنها أسقطت في حالات كثيرة خاصة عندما شارك الآخرون المسلمين في الدفاع عن الوطن. ونبه حبيب إلي قضية الخروج علي الحاكم وقال إنه قديما كان الخروج قتاليا أما الآن فهناك وسائل حديثة مثل المظاهرات السلمية والعصيان المدني ووسائل التكنولوجيا، مؤكدا أن التفرقة بين الشقين الديني والمدني مفتعلة. وشهد الجزء الثاني من المؤتمر حوارا حول نماذج إقليمية لمشاركة التيارات الإسلامية في العمل السياسي والبداية كانت مع النموذج الأردني حيث أكد الدكتور مازن النجار أن الحركة الإسلامية في الأردن مرت بعدة مراحل في علاقتها مع النظام حيث كانت الحليف الطبيعي للأسرة الهاشمية في مواجهة القوميين العرب في مرحلة منتصف القرن الماضي. وأوضح القيادي الإسلامي الأردني أن النظام في الأردن سمح بتمثيل الإسلاميين في البرلمان بنسبة تراوحت بين 02 05٪ ولكن بعد اتفاقية "وادي عربة" مع اسرائيل والتي رفضها الإخوان، لم يعد النظام يحتمل وجودهم ومعارضتهم للاتفاقية. وتحدث النجار حول مقاطعة حزب جبهة العمل الإسلامي للانتخابات الأخيرة في الأردن ولكنه أكد أن الظروف والمتغيرات الحالية قد تدفع في اتجاه إعادة التحالف بين الإسلاميين والنظام الملكي. وعن النموذج الباكستاني في التحالف بين الإسلاميين والسلطة، اعتبر الباحث محمد فايز فرحات أن البعد السلبي في التجربة الباكستانية يتمثل في التزاوج والتحالف الذي حدث في السابق بين المؤسسة العسكرية والقوي الإسلامية المتشددة، وهو ما أدي إلي تراجع القوي الإسلامية المعتدلة فلم تحصل إلا علي 7 مقاعد من أصل 85 مقعدا. واشار الباحث إلي تضارب توجهات الإسلاميين الباكستانيين في استطلاعات الرأي حول قضية تطبيق الشريعة الإسلامية، وقال انه في الوقت الذي يعلنون رفضهم لنظام طالبان في الحكم نجدهم يصرون علي تطبيق الشريعة الإسلامية في شتي مناحي الحياة. فيما تحدث الدكتور مصطفي اللباد مدير مركز الشرق للدراسات الاقليمية والاستراتيجية عن النموذج التركي فيما يختص بعلاقة الإسلاميين بالسلطة، مقارنا بين المؤسسة العسكرية التركية والمصرية مسجلا اختلافا بينهما. وقال اللباد إن الجيش التركي يحمي العلمانية بقوة، في حين أن الجيش المصري ليس علمانيا بالضرورة، وأن الدستور في تركيا علماني متشدد في حين أن الأمور في مصر غير واضحة. وأضاف أن التوازن المجتمعي في تركيا يؤدي إلي عدم حسم المعارك بالضربات القاضية وأن خسارة طرف لا تعني إقصاءه وأن النظام العلماني هو الذي حقق هذا التوازن السياسي الذي لا يوجد في مصر حاليا شبيه له خاصة أن القوي الإسلامية متبلورة بشكل واضح علي عكس القوي السياسية الأخري. تجدر الاشارة الي ان هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة ندوات يعقدها مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية حول "مستقبل مصر بعد ثورة 52 يناير". ومن المقرر ان تعقد الندوة القادمة ومحورها "مناظرة بين مرشحي الرئاسة المصرية" يوم السبت الرابع من شهر يونيو المقبل.