أجمل ساعات عمري هي تلك التي أقضيها متأملا في سيرة أعظم رسل الله محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، فكثيرا ما أتأمل جهاده العظيم وجهاده للنفس والهوي، ورغم كل المعجزات التي أظهرها الله سبحانه وتعالي علي يديه، كمعجزة الإسراء والمعراج، ومعجزة خروجه في طريق هجرته من مكة إلي المدينة دون أن يراه الذين أرادوا اغتياله، ووصوله إلي يثرب رغم الأخطار المحدقة به سليما معافي، لم ينس الرسول عليه الصلاة والسلام قط أنه بشر، يتواضع للناس، ويشعرهم دائما أنه واحد منهم غير أنه يوحي إليه. وصفه أبو هريرة فقال: كان يقبل جميعا، ويدبر جميعا ، بأبي وأمي، لم يكن فاحشا ولامتفحشا، ولا صخابا في الأسواق، ويقول عنه أيضا: دخلت السوق مع النبي صلي الله عليه وسلم، فاشتري سراويل، وقال للوزان: زن وأرجح، فيثب التاجر إلي يد النبي صلي الله عليه وسلم يقبلها، فجذب يده وقال: هذا مايفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك، إنما أنا رجل منكم، ثم أخذ السراويل فذهبت لأحملها فقال صلي الله عليه وسلم: صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله. ويروي الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه خاتم النبيين عن جود رسول الله صلي الله عليه وسلم فيقول: وأن جود رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم ليزيد، حتي أنه يخلع ثيابه لمن يطلبها، فقد روي الطبراني عن ابن عمران أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رأي صاحب بز، فاشتري منه قميصا بأربعة دراهم، فخرج وهو عليه فإذا برجل من الأنصار يقول : يا رسول الله اكسني قميصا، كساك الله تعالي من ثياب الجنة.. فنزع القميص فكساه إياه، ثم رجع إلي صاحب الحانوت فاشتري منه قميصا بأربعة دراهم، وبقي معه درهمان، فإذا بجارية في الطريق تبكي، فقال : مايبكيك؟ فقالت: يا رسول الله دفع إلي أهلي درهمين أشتري بهما دقيقا فهلكا، فدفع إليها رسول الله الدرهمين الباقيين ثم انقلب، فإذا هي تبكي، فدعاها فقال لها مايبكيك؟ وقد أخذت الدرهمين، فقالت أخاف أن يضربوني فمشي معها إلي أهلها، فسلم فعرفوا صوته، ثم قالوا ما أشخصك بأبينا وأمنا، فقال أشفقت هذه الجارية أن تضربوها، فقال صاحبها: هي حرة لوجه الله تعالي لممشاك معهما فبشرهم رسول الله بالخير والجنة. وما أروعه عليه الصلاة والسلام وهو يناجي ربه قائلا: اللهم إني بشر من البشر، أغضب كما يغضب البشر، فأيما رجل دعوت عليه، فاجعل ذلك له زكاة ورحمة، وصلاة وطهورا، وقربة تقربه اليك يوم القيامة. صلي الله عليك وسلم.. يا أعظم رسل السماء.