العيش في الماضي خسارة فادحة.. امرأة سيدنا لوط التفتت إلي الوراء فتحولت إلي تمثال من ملح.. وقال عنها الله سبحانه وتعالي إنها »كانت من الغابرين« اشتهت النظر والانغماس في الأمس الفاني. ونحن لانريد لشعب مصر أن يتحول إلي تماثيل من ملح ومرارة. ولكن هذا لايعني التنازل عن العدالة، العقاب والقصاص كما ينادي البعض. فتلك الرغبة هي بمثابة استهانة بالمآسي الشاهقة التي عصفت بمجتمعنا من ظلم ، فقر، مرض، خراب، هوان، وموات معنوي وموت بمعناه المادي وهو الاستشهاد في 52 يناير. لقد تأملت وتألمت وأنا أرصد حالة التطبيع مع القبح، الفساد وموات الروح التي احتلت المصريين في محاكاة لحكاية »مدينة النحاس« من ألف ليلة فأغلبية الناس أصبحوا أشبه بتماثيل من نحاس منزوعة الروح، فصامية، لاتميز بين الخطأ والصواب، الفضيلة والخطيئة فتم تحريم الحلال وتحليل الحرام وإعلاء المظهر علي الجوهر في عملية تضليل محكمة وجماعية لم يشهدها التاريخ من قبل. ولن تجهض تلك الأصوات المتصاعدة التي تخلط بين التشفي والثأر وبين العدالة والقانون تفعيل الصواب، ولن يكون هناك مستقبل تتجلي من خلاله قيم النزاهة والشفافية بدون دفع الثمن، وهذا لايعوق عجلة العمل، التنوير، البناء، النهضة والتطلع النفيس إلي الغد ولن نصمت، أو نتراجع عن مواجهة النداءات التي تحاول (هت) المصري الجديد عن إحقاق الحق علي اعتبار أنه ليس من شيم المصري تفعيل العدالة! وهذا ما طالب به الدكتور الجمل أن نصاب بفقدان الذاكرة (الأمنيزيا) وننسي الجثث المكدسة، الأشلاء المبعثرة والواقع الخرب المخضب بالخيانة وأؤكد أن مبارك ليس ولم يكن يوما رمزا لمصر فمصر أعظم من الأشخاص والجندي المجهول لايقل بطولة وبسالة عن أي شخصية وهكذا فواجب الضحية أن يعفو عن الجلاد، والأصول في قانون د. الجمل أن الطغاة، اللصيارديرات أن ينهبوا وينهشوا الوطن وأن السماح من أخلاق الملاح هكذا تكون إدارة البلاد وهكذا تكون السياسة والقدوة لمن يأتي فيما بعد؟ وأتعجب من إصرار د. الجمل علي البقاء بالرغم من كل الرفض الذي يحاصره من كل الاتجاهات وربما من هنا يأتي دفاعه عن الرئيس المحبوس فهو أيضا استمر لفترة في رفض الرحيل وتمني أن يرحل الشعب فهو مكتف بذاته، وتلك تسمي عقدة الألوهية. وعلي غرار قصة إحسان عبدالقدوس »أرجوك اعطني هذا الدواء« فلقد طالب الكثيرون د. الجمل بالاستقالة ولكنه في المقابل يكدس المناصب فسمعنا عن تشكيله لجنة الوئام الوطني والوفاق الوطني، والكلام الوطني والتقارب الوطني والمحبة الوطنية بعد إقصائه من الحوار الوطني الذي أقصي هو منه كل من قاموا بالثورة وتقريبا كل أطياف المجتمع فيما عدا بقايا الحزب الوطني والإخوان وتم اختيار فيما بعد د. عبدالعزيز حجازي!! ولا أعلم أيضا ماهي عبقرية النظر دائما إلي الوراء، دوما ويبدو أن رأس النظام عائش في شرم الشيخ أما الجسد وبعض الخلايا النشطة، الخاملة وأيضا الخبيثة مازالت تسعي في القاهرة! فلا وجود في المشهد الحالي لأي وجوه طازجة لم تستهلك مرارا وتكرارا، ويتم إقصاء أصحاب الرؤي، الرسالات الجديدة والابتكارات ويبدو أننا نعمل بالمثل الشعبي في كل المجالات الحياتية (القديمة تحلي ولو كانت وحلة)!! وأفتش عن التغيير فلا أجد ما يذكر. والتغيير مطلوب في المنهج فالمثل لاينطبق علي الأشخاص وأعود للدكتور الجمل لأحييه علي تصريحه أن الدولة الدينية أسوأ من الدولة البوليسية ولكن أعود وأسحب التحية فلقد جاء في يوميات الأستاذ العزيز جدا نبيل زكي ماقاله د.الجمل في حديث تليفزيوني »الشيخ يعقوب علي رأسنا« ويتوسل إلي الله لكي لايحرمنا بركات هذا الشيخ!! والشيخ يعقوب هذا الذي يعتبر الديمقراطية كفرا والمصايف حراما!! وكذلك الدش والدُش!! ومجرد وجود التليفزيون في البيت لأنه يسبب الصرع ويجلب الشياطين وقد آن أوان الغزوات! وهكذا فالفقيه القانوني مولع بقول الشيخ ونقيضه فهو حل يرضي جميع الأطراف ويضمن البقاء أياً كان الرابح في تلك الغزوة الحاسمة التي تحياها مصر.. ولا أعرف لماذا أتذكر الآن 6 شخصيات تبحث عن مؤلف ل»بيرانديلو«.. أما في عمود الصديق العزيز الأستاذ جمال الغيطاني فلقد تساءل عن أرض تملكها ابنة الدكتور الجمل فجاء رد د. الجمل الذي يفضل الحسبنة علي القانون فأجاب: حسبي الله ونعم الوكيل بدلا من المستندات والوثائق، فالقانون أيضا وتفعيله يجلب الشياطين فمبارك الذي نهب، عاث في الأرض فسادا، وغيب العقل المصري المعاصر طالب د.الجمل بالعفو والصفح عنه وقال: عفا الله عما سلف وحلال عليه وأتعجب من هؤلاء الذين يذكرون عمر مبارك الثمانيني فيتسولون الشفقة، اتركوه في شرم الشيخ ولماذا لم يمنعه سنه من اقتراف الجرائم ، الفواحش والخيانات العظمي هو وتشكيله العصابي المصاب بالبوليميا العقارية والمالية أي الشراهة المسعورة! وأتذكر واقعة زلزلت أرجاء فرنسا لمدة 51عاما فلقد اتهم رولان دوماس وزير خارجية فرنسا بالفساد لأنه أخذ حذاء (بوت) وتمثالا صينيا صغيرا!! هذا هو الفساد البين علي الطريقة الفرنسية وظلت محاكم فرنسا تنظر قضيته 51 عاما!! رولان دوماس هو بمثابة موسوعة ثقافية باهرة أما رئيسنا المحبوس علي ذمة المليارات ، القتل والتفريط في أرض سيناء أمن قومي والغاز لإسرائيل ومقايضة العقل المصري بمليارات النفط لم يقرأ كتابا في حياته ودخل المسرح مرة واحدة مسرحية إيزيس لتوفيق الحكيم ويعتبر دخوله المسرح بمثابة حدث في مثل هذا اليوم!! فهو يعاني الخواء الداخلي بامتياز، فداخله مسكون فقط بغريزة نهش خيرات البلاد، فأين حمرة الخجل لمن ينادون بإغفال العقاب واستباحة مصر لأنهم ذات يوم استغلوا، انتهزوا واستفادوا، وهاهي الكاتبة التي تكرر دوما »ما أحنا كنا كويسين« طبعا فزوجها يكسب ملايين الجنيهات وأرجو أن تصمت كي لاتقضي علي شعبية زوجها الفنان. أما د. الجمل الذي طالب 06 محامياً باستقالته فهو ماض في طريقه يعيد تشكيل المؤسسات الصحفية ومجلس حقوق الإنسان ويسافر يقدم العزاء والتهنئة ويبارك من يتآمرون علي تفتيت الوطن وإغراقه في الإظلام ويتم التمسك به، فلا تفريط في د. الجمل علي اعتبار أنه (رجل بركة) ولكن يتم إقصاء كل الوجوه الطازجة وإهدار طاقات الوطن الواعدة، اليانعة ورفض تحديث وتغيير أسلوب إدارة البلاد والقدوة امرأة لوط التي تنظر إلي الوراء فكانت من الغابرين وأخيرا أرجوك د. الجمل اعطنا هذه الاستقالة وعفا الله عما سلف وربنا يستر عليك وعلينا!