أكدت ثورة شباب 25 يناير أن مصر كبيرة بين الأمم. صحف العالم ومجلاته نشرت علي صدر صفحاتها الأولي مايجري في ميدان التحرير بالكامل. كل كتاب وصحفيي العالم أكدوا أن أي فوضي تحدث في مصر ستكون نتيجتها إصابة التجارة العالمية بالشلل وصعود أسعار البترول إلي أرقام فلكية إلي جانب ما أكدته الصحف والمجلات العالمية علي أن مصر كبيرة بين الأمم، فقد أشارت إلي أن ثورة شباب مصر لم تكن دموية عكس الثورات الفرنسية والبلشفية. التقرير التالي ينقل صورة مايجري في مصر في صحف ومجلات العالم. كلنا يعلم مكانة مصر، كلنا نعلم مدي ثقلها وتأثيرها، لكننا لم نكن نتخيل أبداً أن أحداث ثورة الشباب المصري في ميدان التحرير ستحظي بكل هذا الاهتمام والمتاعب من كل الدوائر ووسائل الإعلام الغربية، فقد ظهر اسم مصر علي صدر صفحات كل الصحف العالمية والغربية بلا استثناء وغطت صور الشباب المصري أغلفة المجلات والمواقع الإخبارية. ورغم أن العالم العربي قد شهد منذ شهر تقريباً أحداثا مشابهة في تونس كانت النتيجة المباشرة له مايحدث في الوطن العربي الآن إلا أن الثورة التونسية لم تحظ بنفس الاهتمام. ورغم أن هذا الشهر شهد اضطرابات وأعمال عنف في دول مثل روسيا والصين وبورما. إلا أن هذه الأحداث تم تناسيها تماماً أمام الأزمة السياسية التي تمر بها مصر الآن. مجلة النيوزويك الأمريكية وضعت علي غلافها شابا مصريا وراءه حرائق تصف الاضطرابات التي حدثت في البلاد وكتبت كلمة واحدة هي "مصر" وخصصت نصف صفحاتها للأحداث الأخيرة وسلطت الضوء علي المحتجين المصريين الذي وصفتهم بغير الغوغائيين بل هم علي العكس مهذبون ومنظمون وليسوا بالضرورة من المتطرفين، كما طرحت حالة العدوي التي أصابت الدول العربية ورغبة الشباب في إنهاء حكم "الشيوخ" وتغيير الوجوه والقدوم بجيل جديد ودماء مختلفة. لكن تساءلت من سيكون هذا الجيل وماهي اتجاهاته. أما مجلة تايم الأمريكية تحت عنوان "الثورة " وضعت تساؤل "ماهو تأثيرها علي منطقة الشرق الأوسط" ووضعت المجلة ملفا كاملا عما تسميها أنباء الحرية القادمة من بلاد الفراعنة تتحدث عن المحتجين المصريين الذي وصفتهم بغير الغوغائيين بل هم مهذبون ومنظمون وليسوا بالضرورة من المتطرفين وتساءلت تايم عن مدي قدرة الولاياتالمتحدة علي استغلال نظرة الشارع الإيجابية نحو الجيش لصالحها في تأييد وتأمين انتقال سلمي للسلطة يضمن الاستقرار في مصر . أما مجلة الاكونوميست البريطانية فوضعت عنوانا بارز "مصر تنتفض" علي الغلاف. المجلة البريطانية تساند في افتتاحيتها ما تسميها بالاحتجاجات المصرية التي بدأها آلاف الشباب في ميدان التحرير والتي ضمت في صفوفها مئات الآلاف من الشباب الذين يخوضون ثورة عكس الثورات الفرنسية والبلشفية والإيرانية كونها سلمية وشعبية وعلمانية ويقودها مواطنون يهدفون للتغيير الديمقراطي. وخصصت لونوفيل أوبزرفاتير الفرنسية غلافها لما تسميه يقظة العالم العربي من تونس إلي القاهرة وأكدت أيضاً أن كلا من الجزائر واليمن والأردن وسوريا باتت علي خارطة الهزات الارتدادية التي خلفها زلزالا تونسوالقاهرة .. الصحيفة تستطلع في ريبورتاج عن مصير اتفاقية السلام مع إسرائيل التي تعيش هي الأخري علي وقع ثورة الشارع أيامها الأخيرة علي الأرجح طبقاً لما تقوله المجلة. صحيفة الفاينشيال تايمز، التي تتجه في تغطيتها إلي الأمور المالية، جاءت صفحاتها وتحليلاتها لتعكس هذا الاهتمام الإعلامي في الحالة المصرية ولم يكن ذلك مقتصراً بمقالات عن الأوضاع المالية وخسائر السوق المالي المصري فقط، مع أن هذه أعطيت حقها في التغطية. كما خصصت مما لا يقل عن خمس صفحات في أحد أعداد الأسبوع الماضي تنوعت في تغطيتها وتحليلاتها بين السياسي والاستراتيجي ومستقبل عملية السلام الي المستوي المالي والاقتصادي. أما صحيفة التايمز فقد خصصت هي الأخري عددا من الصفحات للمقالات التحليلية وأعمدة الرأي. وجاءت التغطية في الصفحات الداخلية. وفي تقرير مطول علي قناة الCNN الأمريكية تساءلت عن سر هذا الاهتمام غير العادي من الصحف العالمية بالأحداث في مصر. أكدت الشبكة ببساطة أن مصر هي أكبر دولة عربية مكانة وتاريخاً وهي أكثر الدول في المنطقة كثافة سكانية، واستقرار مصر له أهمية كبري، فهو أولاً يؤثر بشكل كبير علي الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية. فأي تأثر في قناة السويس التي يعبر من خلالها 20٪ من حركة التجارة العالمية يعني مباشرة تأثرا كبيرا لحركة التجارة العالمية ويعني أن السفن التي تعبر من خلال مصر ستضطر للدوران حول أفريقيا عن طريق رأس الرجاء الصالح وتؤخر مواعيد وصول البضائع المختلفة أسبوعين علي الأقل. أما بالنسبة للنفط والغاز ورغم أن مصر لاتعد من الدول الأساسية المنتجة للبترول فإن معظم إنتاج العالم من النفط يعبر من خلال مصر سواء عن طريق القناة أو عن طريق خط البترول الممتد من السويس إلي الإسكندرية عبر الأراضي المصرية وأي توقف لهذين المجريين لنقل الوفود إلي كل أنحاء العالم يعني ارتفاع وتضاعف أسعار النفط. ويبدو أن أي هزة أو أي أزمة تمر بها مصر دائماً ماتكون لها نتيجة علي أسعار البترول والجميع يتذكر ما حدث إبان حرب 1973 عندما توقفت الإمدادات البترولية من الخليج وارتفع سعر البترول من مبالغ لاتذكر إلي عشرات الدولارات. أما من الناحية السياسية فلاداعي للتساؤل ماهو دور مصر في المنطقة ولا في مسار عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. كما أن أي أحداث تقع في مصر سيكون لها تبعاتها علي الدول العربية كلها. فمصر هي منبع التراث الثقافي العربي وأي مواطن عربي عندما يقرأ لكتاب يقرأ للكتاب المصريين وعندما يفتح التلفزيون يشاهد الأفلام والمسلسلات والبرامج المصرية. وعندما يريد الاستماع لأغاني يستمع للأغاني المصرية. لذلك فأي تغيير من أي نوع يحدث في مصر سواء من الناحية السياسية والاجتماعية سيكون له توابعه بالتأكيد علي كل الدول العربية.