لاحظت في سوق الفيديو الذي يشهد سباقا محموما بين شركات الإنتاج تهديداً حقيقياً لتسويق الدراما المصرية، وهذا يجبرنا علي البحث عن النص والإخراج والإنتاج الجيد.. وفي هذا الإطار توقفت عند مفاجأة أدبية جديدة قدمها الفنان حسين نوح المنتج المتميز بتقديم روائع الأعمال الدرامية ومنها ثمن الخوف لنور الشريف.. وبنت من شبرا لليلي علوي ومسرحية سحلب وسوق الحلاوة للفنان القدير الراحل محمد نوح، ومعروف أيضاً أن حسين نوح خريج الفنون الجميلة فنان شامل أقام معارض فردية وجماعية في الفن التشكيلي مع كبار الفنانين في مصر والإمارات وفرنسا وله العديد من المقتنيات بالديوان الملكي الأردني، وبخلاف براعته كمهندس للديكور وكونه عضو نقابتي التشكيليين والموسيقيين فقد عمل عازفا للدرامز بفرقة النهار وأوركسترا القاهرة السيمفوني.. والمفاجأة أنه استمع لنداء عقله بالتصدي للسبب الرئيسي في تدني مستوي الدراما وهو النص الذي استبيح دمه بعد أن تُركت الساحة لأنصاف الموهوبين للاسترزاق، وأطل علينا بأول أعماله الأدبية «تعاريج» التي تشم بين سطورها روح الحياة داخل مجتمع الريف بما فيه من صور الوفاء والأصالة والتقاليد.. وعادات الأهالي في الطهي خصوصا «المحاشي الفطير المشلتت والأرز المعمر»، وكشف بين سطورها المكتوبة بحرفية شديدة التحولات التي مر بها المجتمع.. ومدي واقعيته وفنتازيته، والأجمل أنه حلق بإبداعه في عالم سريالي من قلب ريف محافظته البحيرة إلي محطات مضيئة ظهر فيها شخصية أمه التي كانت سبباً في صعوده لسلم الإبداع والتي أثرت بحنانها وطيبة شخصيتها في كل الشخصيات التي قابلها، وبالرغم من النجاح الساحق لتوزيع «تعاريج» في معرض الكتاب الأخير، يقول نوح بتواضع: أنا لم أتعامل مع الكتابة كمهنة لكنها نداء داخلي دفعني للغوص في عالمها وسوف أظل أسيرا للنداءات التي تأتيني وخصوصا التي تناقش قضايا الواقع الاجتماعي ويجب هنا ألا نخفي أن الرواية تحتوي علي جمال داخلي يسكن الأعماق والشخصية لكونه يغوص في سحر تفاصيل القرية القديمة والجديدة وكأنه غارس قدمه في طين الأرض داخل فدادين القرية.. فمليون تحية لكاتبنا الجديد حسين نوح الذي كتب ورسم خريطة لمجتمع القرية والمرأة داخل بيتها بثقافتها وأزيائها البسيطة وروح المكان ورائحته بأجمل المعاني والقيمة والخيال الإبداعي وننتظر تألق جديد.