علي الرغم من مرور نحو أسبوعين فقط علي انتخاب الدكتورة مايا مرسي رئيسة ل«المجلس القومي للمرأة»، لا يبدو أن المجلس، الذي تأسس قبل 16 عاماً، سيكون بمقدوره تجديد دمائه سريعاً، فعقب إعلان فوز مايا ب18 صوتاً مقابل 14 للسفيرة مني عمر، و8 أصوات لعضوة المجلس عزة هيكل، اعترضت الأخيرة واستقالت بزعم أن رئيسة المجلس الجديدة التي تعمل في الأممالمتحدة تحمل أجندة أجنبية، فيما لجأت مايا هي الأخري للاستقالة من منصبها الأممي، ما فتح الباب أمام تساؤلات عدة بشأن هاتين الاستقالتين، وما إذا كان هناك تعارض بين العمل في المنظمات الدولية والعمل في «القومي للمرأة».. «آخرساعة» حاولت إيجاد إجابات لهذه التساؤلات من خلال حوارين مع مايا مرسي وعزة هيكل.. فإلي التفاصيل. الدكتورة مايا مرسي: عملي بالأممالمتحدة لا يتعارض مع احتياجات المرأة المصرية بعد فوزك برئاسة المجلس مباشرة تقدمت الدكتورة عزة هيكل باستقالتها، بماذا تفسرين ذلك؟ - الدكتورة عزة من الشخصيات المحترمة جدا، وتفسيري لاستقالتها هو ما صرحت به، حيث قالت إنها لا تتفق معي، وأن لديها رؤية أخري لن تستطيع تنفيذها بعد فوزي، أما بخصوص ما أشيع حول أن استقالتها جاءت بسبب أنني أمتلك الجنسية الأمريكية فهذا غير صحيح، وقد أوضحت الدكتورة عزة ذلك في أحد البرامج التليفزيونية. لكن الدكتورة عزة صرحت أيضاً بأن عملكِ في الأممالمتحدة لمدة 23 عاماً سيتعارض مع قيادتك للمجلس القومي للمرأة؟ - هذا الكلام غير صحيح، فعملي أو عمل أي إنسان في الأممالمتحدة أو أي منظمة دولية أخري لا يمنع العمل في أي منظمة وطنية كما لا توجد أي تحفظات في القوانين المصرية تمنع الخلط بين العمل في المنظمات الدولية والمنظمات الوطنية، أما بالنسبة لي فعملي في الأممالمتحدة لم ينسني أبدا أنني مصرية ولم ينسني دوري تجاه وطني كما تعلمت من والدي أحد المحاربين القدامي في حرب 73 حب الوطن وحبي لبلدي . الدكتورة عزة تحدثت أيضاً عن إقالة «نهاد أبوالقمصان» لصلتها بمنظمات دولية وتحدثت عن الكيل بمكيالين لعدم تطبيق ذلك عليكِ؟ - أري في هذا التصريح تناقضاً شديداً، فإذا كان اعتراض الدكتورة عزة علي إقالة الدكتورة نهاد أبوالقمصان، هو صلتها بمنظمات دولية فأنا استقلت من منصبي من الأممالمتحدة، إذن لا مبرر للاعتراض، أما إذا كان اعتراضها بسبب الحصول علي تمويلات أجنبية، فالدكتورة نهاد لم تستكمل عملها كأمين عام للمجلس فقط بل استمرت كعضو في المجلس، بكل ما تتمتع به من علاقات دولية وميزة الحصول علي المنح وليس هذا فقط، بل إن الدكتورة عزة كانت أول المعترضين علي إقالة أبوالقمصان وكانت تدافع عنها، أما أنا فاستقلت نهائيا من منصبي، وبالتالي فأنا هنا أيضا لم أجد أي مبرر للاعتراض، ولعل السبب الوحيد من وجهة نظري هو تعارض المصالح. ما صحة أن الأممالمتحدة تشترط علي الدول المتلقية للمنح والمساعدات استخدام هذه التمويلات وفقا لمصالحها دون الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الفعلية للدولة المصرية أو احتياجات «القومي للمرأة»؟ كلام صحيح، لكن في الوقت ذاته هذه الدول أيضا تعطي الحق للدول المتلقية للمنح التحفظ أو الاعتراض علي البنود التي لا تتناسب مع سياساتها كما تعطيها حق تطبيق الحقوق التي تناسب أولوياتها. ما سبب استقالتكِ من الأممالمتحدة؟ - استقالتي جاءت لأن بلدي أولي بي في هذه المرحلة وليس بسبب تعارض السياسات مع الأممالمتحدة، فهناك أمور وسياسات نتفق معها، وهناك سياسات لا نتفق معها وهذا الاختلاف لا يشكل أزمة. إذن ما سياسات واهتمامات المجلس القومي للمرأة في الفترة المقبلة؟ - سياسات وأولويات المجلس ستكون وفق أولويات الدولة المصرية ووفق خطة الدولة التي تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، فكل مرحلة لها أولوياتها، ففي الفترة السابقة كان الاهتمام بالمشاركة السياسية للمرأة، لأن المرحلة السياسية كانت تتطلب ذلك، والدليل ما حققته المرأة في البرلمان، وهذا ليس معناه أن المشاركة السياسية هي فقط ما نهتم به، فمازال لدينا ضمن أهدافنا برامج تخص تنمية المرأة وكذلك إجراء تعديلات علي التشريعية التي تقزم دور المرأة. تحدث الرئيس السيسي عن ضرورة إعطاء منظمات المجتمع المدني الأولوية للإنفاق علي التعليم والفقر وليس علي البرامج الترفيهية، ما خطة المجلس لتنفيذ ذلك علي أرض الواقع؟ - نحن لا نعمل في جزر منعزلة عن الدولة وتكليفات الرئيس والحكومة ضمن خطتنا وآلياتنا في تطبيق ذلك علي أرض الواقع هي الاهتمام بالمرأة الفقيرة والمهمشة والمعيلة والاهتمام بالخدمات الصحية والتعليم ومحو أمية المرأة والتسرب من التعليم وتقديم مشروعات تحقق دخلا للمرأة وكل برامج التنمية الاجتماعية. ما دليلك علي أن المجلس يعمل حاليا وفق أجندة مصرية خالصة؟ - الدليل أنني لن أعمل بمفردي وال30 عضواً الموجودين في المجلس سيتم ترشيح 11 منهم رؤساء لجان وهذا يعني العمل ضمن فريق وعدم الانفراد بالقرار وإذا كانت الدكتورة عزة صرحت بأنها حاربت لمدة ثلاثة أعوام، فما المانع أن تحارب مرة أخري خاصة أن عملها كرئيس لجنة سيتيح لها الاعتراض والاتفاق بشأن كل ما يناقش من سياسات ولكن من خلال عمل جماعي. الدكتورة عزة هيكل: برنامج »مايا« يضاعف عدد الغارمات في مصر ما سر استقالتك من المجلس عقب فوز الدكتورة مايا برئاسته؟ - لا أريد أن أعطي الأمور أكبر من حجمها، فهذا موقفي وببساطة شديدة شعرت بإحساس من استمر في بناء بيت لمدة 50 عاماً وبسبب «حركة غريبة» تم كتابة البيت باسم شخص آخر. ماذا تقصدين ب»حركة غريبة»؟ - قبل ثورة يناير 2011 كانت جميع المجالس يتم فيها اختيار الرئيس بنظام التعيين من قبل رئيس الجمهورية عدا «القومي للمرأة» لأن رئيسته كانت سوزان مبارك، أما إبان فترة حكم المجلس العسكري فكان المتبع هو اختيار جميع أعضاء المجلس للرئيس، وليس بالتعيين، ولذلك تقدم المجلس القومي للمرأة بمشروع قانون ليكون أسوة بالمجالس الأخري ليكون بالتعيين أو الانتخاب، ولكن هذا القانون لم يقره الرئيس السيسي في الفترة التي سبقت انطلاق البرلمان وبالتالي لم يناقشه البرلمان حتي الآن، ومن هنا أري أن انتخابات المجلس القومي للمرأة التي أجريت أخيراً «غير صحيحة»، لأن التصويت كان يجب أن يتم علي أعضاء المجلس للمنصب فقط، وليس من خارجه. كلامك يعني أن هناك خطأ بخصوص اختيار أو انتخاب رئيس المجلس القومي للمرأة.. إذن ما سر اعتراضك علي فوز الدكتورة مايا مرسي تحديداً؟ - لم أعترض علي شخص بعينه تحديداً، كما أنني أتمني التوفيق للجميع، لكنني أتحدث عن العوار الذي يشوب هذه الانتخابات، فعلي الرغم من أن الدكتورة مايا لم تكن موجودة من قبل، وأنها تعمل في منظمة دولية وهذا لا يعيبها ولكن أقصد أن هذا العمل ليس له علاقة علي الإطلاق بالمجلس القومي للمرأة - إلا أنني فوجئت بتوجيه الأعضاء نحو انتخابها. ما سر تخوفكِ من المنظمات الدولية التي يعمل الكثير منها لصالح تحقيق أهداف تنموية للدولة؟ - أعمل منذ ثورة 25 يناير 2011 في هذا المجال وبواقع خبرتي أستطيع أن أؤكد أن منظمات المجتمع المدني الحقوقية بعضها يخلق حالة من الوعي في المجتمع والبعض الآخر يعمل ضد مصلحة الوطن، فهناك جمعيات خيرية تعمل يسارية وأخري تدعي التدين، وهذا يسبب مشكلة كبيرة، وهي تنفذ مخططاً لتغيير صورة المجتمع المصري، وإذا كان البعض يري أنني «كبرت الموضوع» إلا أن الحقيقة التي أقولها بصفتي كاتبة ودارسة للثقافة وعلم الاجتماع التي تتيح لي الحق في كتابة رؤية مستقبلية أن هذه المنظمات التي تسعي للإضرار بالوطن سيكون مخرجها الجديد هو المرأة. لكن عملكِ في الفترة الماضية بالمجلس القومي للمرأة أتاح لكِ التعامل مع التمويلات الأجنبية؟ - هذا حقيقي ويؤكد ما أقوله ولا ينفيه، فمن خلال عملي في الفترة الماضية رفضت التوقيع علي ميزانية المجلس، وتشهد علي ذلك الدكتورة مارجريت عازر، ما تسبب وقتذاك في وجود صراعات بيني وبين السفيرة ميرفت التلاوي، أما أهم أسباب رفضي وقتها فكان إصرار هذه المنظمات علي صرف ملايين الدولارات علي أجندة العنف ضد المرأة والختان، وكأن الاهتمام بتعليم المرأة المصرية والفقر الذي تعيشه لا يشغل اهتمام هذه المنظمات، وليس هذا فحسب بل إن الأمر وصل لوضع شروط علي المنح التي تقدم لمكتب شكاوي المرأة بحيث يتم صرفها علي المرأة السورية. أتقصدين أن الدول المانحة تشترط وضع سياسات بعينها علي المجلس القومي للمرأة قبل التمويل؟ - نعم. لكن الدكتورة مايا أكدت أن المجلس سيلتزم بسياسات الدولة المصرية وأن عملها في الأممالمتحدة لا يمنع الاهتمام بالمرأة الفقيرة والمهمشة؟ - هذا ليس برنامج الدكتورة مايا، وما تحدثت عنه هو برنامجي الخاص وليس برنامجها فهي تحدثت من قبل عن برنامجها وكانت أهم ملامحه التمكين الاقتصادي للمرأة، وأتحدي الدكتورة مايا أن تستطيع تنفيذه، أما إذا حدث ذلك فأنا وقتها سأكون سعيدة باستقالتي التي تسببت في تنفيذ برنامجي. إذن ما هو برنامج الدكتورة مايا الذي تحدثت عنه؟ وما خطورة برنامج التمكين الاقتصادي للمرأة؟ أهم ملامح برنامجها هو التمكين الاقتصادي للمرأة والقرية الآمنة ومنع العنف والختان والمواريث والمأذون، وهذه هي الخطة التي وافقت عليها الأممالمتحدة، أما برنامجي أنا فيهتم بالتعليم والتثقيف ومحاكم الأسرة والمرأة العاملة والحاضنة وسرعة التقاضي، وخطورة برنامج التمكين الاقتصادي للمرأة أنه سيؤدي إلي مضاعفة عدد الغارمات، فهذا البرنامج باختصار شديد يعطي للمرأة قروضاً صغيرة بقيمة خمسة آلاف جنيه بالبطاقة الشخصية تعجز معظم النساء الحاصلات عليه عن سداده مما يتسبب في سجنهن.