صخب الانتخابات البرلمانية مازال مستمرا . الخاسرون فيها أصيبوا بصدمة نفسية وعصبية ممتدة آثارها لدرجة أنهم غير قادرين علي تحديد موقف سياسي واضح . احتجاجات وسخط علي النظام والحزب الوطني والحكومة ولكن ضجيج بدون طحن، أي بدون ثمار، فهناك من يسعي لتشكيل البرلمان الشعبي، علي غرار حكومة الظل، وهناك من يتعامل مع الموقف كظاهرة صوتية، تخرج منها الأصوات بدون تفعيل مادي ملموس في الشارع السياسي. علي الجانب الآخر، يرتب الحزب الوطني أوراقه للمرحلة القادمة بعيدا عن الصخب وبعيدا عن الظواهر الصوتية والتنظير السياسي، بعد أن ثبت أنه حزب يتفاعل مع المجتمع بمشكلاته وهمومه وآماله وتطلعاته . حزب دافع عن رؤيته وبرامجه وتوجهاته وأثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه علي الطريق الصحيح بإنجازات أحدثت تغييرا كبيرا في كافة مجالات الحياة. لقد أكدت الانتخابات الأخيرة أن استعدادات الحزب الجادة والمتجددة وعمله التنظيمي المنهجي، أفرز قيادات وكوادر قادرة علي كسب الانتخابات ثقة من الجماهير في قدرتها علي القيام بمسئولياتها . ورغم المنافسة التي يدرك الحزب الوطني جديتها، إلا أن الحزب أسف كثيرا علي نتائج أحزاب المعارضة والتي كان يأمل أن تكون أفضل، لكن هذه الأحزاب أهدرت جهودها في الجدل حول مقاطعة الانتخابات والتردد بشأن المشاركة أو عدم المشاركة والانسحاب وعدم الانسحاب والعودة للانتخابات مما أضر بموقف هذه الأحزاب وجعلها تخسر كثيرا، بما في ذلك تشكيكها في العملية الانتخابية ذاتها . لقد ترك الحزب الوطني المعارضة تمارس جدلها بينما يسعي لترتيب البيت في كل جوانبه، بعد أن خاض مرشحوه الانتخابات موحدي الكلمة والصف مقدرين لحجم المسئولية مسلحين بقوة أداء الحزب وحكومته في مواجهة التحديات، بعد أن أعاد الحزب تنظيم صفوفه وجدد فكره استجابة لدعوة الرئيس مبارك عام 2000 التي طالب فيها الأحزاب بأن تفيق من غفوتها وأن تدع التواكل وتعي المتغيرات التي يشهدها المجتمع. دفع الحزب بدماء شابة وفكر جديد حدد الهوية السياسية والاقتصادية والمبادئ التي تحكم الأداء فأصبح جاذبا لأجيال جديدة وللنخب ممن عزفوا طويلا عن المشاركة والممارسة الحزبية، ففتحت أمامهم الأبواب لبناء حزب مؤسسي ترسخ فيه ديمقراطية القرار. كما وعي الحزب دروس انتخابات 2005 التي واجه فيها الحزب الخروج عن الالتزام الحزبي مما أتاح الفرصة لجماعة غير شرعية أن تحصل علي العديد من المقاعد، رغم حصول الحزب الوطني علي الأغلبية. كان لابد من المراجعة والتصحيح، واجتهد الحزب فعمل بقوة علي تنفيذ تعهدات البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك والانغماس في قضايا المجتمع ومشاكل الناس واحترام رغبات المواطنين والعمل التنظيمي الجاد والتخطيط الحزبي المنهجي المرتكز علي أسس موضوعية . وواجه مرشحو الحزب بفاعلية المرشحين الذين ادعت جماعتهم الديمقراطية والذين استغلوا الانفتاح السياسي والديمقراطي الذي أوجده الرئيس مبارك والحزب الوطني لممارسة العمل السياسي غير الشرعي وتحدوا مبادئ الدستور والقانون . لقد خاض مرشحو الحزب الوطني الانتخابات ملتزمين بالشرعية، محترمين للقانون، في أيديهم برنامج انتخابي تعهدوا فيه أمام مواطنيهم الذين انتخبوهم بأن يجعلوا وجه الحياة في مصر أفضل . وكما قلت في البداية، مازالت المعارضة تتلفت حول نفسها، بينما انطلق الحزب الوطني لأداء مهامه التي أوكلها إليه الشعب .