كلما استمعت إلي أغنية من كلمات نزار قباني، ترتسم في ذهني علامات استفهام كثيرة، حول هذا الشاعر الذي حاز إعجاب الناس، برقة شعره وإحساسه المرهف، وكلماته الرقيقة العميقة، والتي يستمدها من الحياة اليومية التي اعتادها الناس. وقد شاهدت الكثير من ندواته التي يلقي فيها الشعر وشاهدت مدي إعجاب الجماهير بإلقائه الجميل. ولازلت أذكر أول ندوة حضرتها له وهو يلقي شعره في الجامعة العربية، وكان ذلك بمناسبة الاحتفاء بعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، وكان الشعراء من مختلف أرجاء العالم العربي قد جاءوا ليلقوا كلماتهم بهذه المناسبة، وكان يخيم علي جو القاعة صمت ولم يحركه إلا نزار قباني، عندما ابتدأ يلقي قصيدته عن طه حسين، وما تركه من تراث هائل سوف يظل يساهم في الحياة الثقافية.. فقد قوبلت قصيدته بتصفيق حار من الجمهور، وتابعته بعد ذلك في الندوات التي كانت تقام بمناسبة معرض الكتاب الدولي، وكان ظهوره ملهبا لحماس الجماهير. وعندما طرق الشاعر الكبير أبواب السياسة، وكتب قصائده السياسية، كان يرددها الناس في كل أنحاء العالم العربي، رغم ما فيها من نقد للأوضاع العربية، وللحكام العرب.. ومن منا لم يردد ما قاله في قصيدته (دفاتر علي هامش النكسة) أو ما كتبه في رثاء جمال عبدالناصر، أو منشورات فدائية علي جدران إسرائيل، وغير ذلك مما كتبه. ولكنني عندما أقرأ أشعاره العاطفية يصيبني شيء من الصدمة، رغم جمال الشعر، ولكن أمتعص من المضمون مثل قوله: ياصلبة النهدين يأبي الوهم أن تتوهمي نهداك أجمل لوحتين علي جدار المرسم كرتان من ثلج الشمال من الصباح الأكرم فتقدمي ياقطتي الصغري، إليّ تقدمي وتحرري مما عليك، وحطمي وتحطمي! وهنا تتكاثر علامات الاستفهام بين الإعجاب والنفور!!