تأتي زيارة وزير الخارجية أحمد أبوالغيط والوزير عمر سليمان الحالية للعاصمة الأمريكية في توقيت مهم للغاية فهي تأتي في أعقاب مشاورات مكثفة لمصر لمحاولة تحريك عملية السلام المتعثرة نتيجة الموقف الإسرائيلي المتعنت فيما يتعلق بالاستمرار في الاستيطان والبحث عن مخرج مناسب لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي فالزيارة جاءت في أعقاب زيارة الوزير عمر سليمان لإسرائيل وما تم خلالها من محادثات مكثفة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ووزير الجيش الإسرائيلي إيهود باراك. وقد حرص الوزير عمر سليمان علي إبلاغ المسئولين في تل أبيب قلق الرئيس محمد حسني مبارك بشأن مستقبل السلام والاستقرار في المنطقة وأن مصر مهتمة بدرجة كبيرة بتحقيق انفراجة في عملية السلام كما دعا سليمان الجانب الإسرائيلي إلي عدم تفويت الفرصة الذهبية لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. كما أجري أحمد أبو الغيط وزير الخارجية قبيل توجهه إلي واشنطن محادثات هامة مع نظيره البريطاني وليم هيج تناولت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط لاسيما فيما يتعلق بعملية السلام المتعثرة والأوضاع في السودان ولبنان والعراق. وأوضح أبوالغيط أن زيارته لواشنطن مع الوزير عمر سليمان تهدف بالأساس لبحث إمكانية دفع عملية السلام وتحريكها من أجل دعم الاستقرار بالمنطقة حيث يلتقي الوفد المصري رفيع المستوي اليوم مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للتعرف علي ما تستطيع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما القيام به من أجل إعادة المفاوضات مرة أخري بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني علي الطريق الصحيح. وأشار وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إلي أن الولاياتالمتحدة مازالت تحاول بذل الجهود مع إسرائيل بصفتها المسئولة عن وضع العقبات أمام مفاوضات السلام لإقناعها بتغيير مواقفها المتعنتة لاسيما فيما يتعلق بالمستوطنات. وأعرب أبو الغيط عن أمل مصر في أن تعاود الولاياتالمتحدة جهودها المكثفة لإقناع إسرائيل بالعدول عن مواقفها المتعنتة لاسيما أن الإدارة الأمريكية قد انتهت مؤخرا من الانشغال بالانتخابات النصفية للكونجرس الأمريكي. ومن جهة أخري فقد أشار وليم هيج وزير الخارجية البريطاني إلي وجود نافذة حالية للوصول إلي حل الدولتين وأشاد هيج بالدور المصري الذي يدعم وبصفة أساسية الأمن والاستقرار في المنطقة وأشار إلي التزام بلاده بالعمل علي العودة إلي مائدة المفاوضات من أجل هدف إقامة الدولة الفلسطينية. وأكد هيج أن حكومة بلاده سوف تستمر في بذل كل ما في استطاعتها من أجل الوصول لهدف الدولة الفلسطينية علي حدود 1967 بحيث تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين. قضايا هامة وبالرغم من أن زيارة الوفد المصري لواشنطن والذي يضم أحمد أبو الغيط وزير الخارجية والوزير عمر سليمان يركز بالأساس علي أهمية تحريك عملية السلام والمتوقفة بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي إلا أن الزيارة تركز أيضا علي بحث عدد من القضايا والمشكلات ذات الحساسة الكبيرة والمؤثرة في المنطقة وعلي رأسها تطورات الأوضاع في السودان ولبنان والعراق. ومن ثم فإن زيارة الوفد المصري لواشنطن هي فرصة مناسبة لتبادل وجهات النظر حول هذه الأوضاع المؤثرة في استقرار المنطقة لاسيما أن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط قد أوضح في تصريحاته قبيل الزيارة أن مصر تري أن هناك أخطارا تحدق بالسودان إذا تم إجراء الاستفتاء دون الإعداد المناسب له مع احتمالات الصدام بين الشمال والجنوب وقال أبو الغيط إن المطروح في اتفاق السلام بنيفاشا هو فكرة الدولة الموحدة وفكرة الانفصال والتقسيم ومن ثم فقد طرحت مصر فكرة ثالثة في تحقيق الاستقرار الأمثل في السودان بدراسة الكونفدرالية إذا ما حدث الانفصال.. وعلي حد تصريحات أبوالغيط فإن وجهة نظر مصر تري أنه يجب المضي في تنفيذ الاستفتاء واستكمال كل عناصره وبالتالي فإن هذه العناصر إذا لم تستكمل فلا ضرر في أن نفكر في بعض التأجيل إذا كان يساعد في تحقيق الاستقرار بين الأطراف. من ناحية أخري فمصر تهتم كثيرا بالوضع في لبنان وتري أن هناك حاجة لتحقيق الاستقرار مع الاستمرار في الالتزامات الدولية تجاه لبنان وتحديد المحاكمة الجنائية الخاصة باستشهاد رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق. كما شهدت الفترة الأخيرة مفاوضات مكثفة في القاهرة علي أعلي المستويات بشأن الأوضاع المتوترة في العراق ومن الجدير بالذكر فإن مصر تسعي جاهدة مع كافة الأطراف في العراق علي دعم الاستقرار والإسراع بتشكيل الحكومة العراقية التي ترضي مصالح الجميع في بلاد الرافدين. ومن ثم فإن زيارة أبو الغيط وسليمان للولايات المتحدة هي زيارة مهمة بكل المقاييس لتبادل وجهات النظر حول كافة بؤر التوتر في المنطقة وعلي رأسها عملية السلام المتعثرة في الشرق الأوسط لاسيما أن الإدارة الأمريكية في وضع مناسب الآن وبعد أن انتهت من انتخابات الكونجرس الأمريكي يسمح لها بتفعيل دورها لدعم فرص السلام المتاحة بالشرق الأوسط وإقناع الجانب الإسرائيلي بالعدول عن السياسات المتعنتة التي تعرقل عملية السلام لاسيما أن عدم الاستقرار ليس في صالح جميع الأطراف بالشرق الأوسط بما في ذلك إسرائيل.