مؤكدا أن هناك ظواهر فنية تنمو بشكل عشوائي داخل مجتمع يبحث فيه البعض عن الربح السريع.. لكنها تسقط بسرعة.. خاصة بعد أن أكدت الأحداث الماضية خلاصنا من برامج الإسفاف والاستهزاء بمشاعر الشعب المصري وآخرها برنامج باسم يوسف الذي وصلت فيه التعليقات والتلميحات لحد الإساءة بقيادات الجيش.. وللأسف ظن الكثيرون أن الأمر انتهي بإيقاف برنامجه ورحيل صاحبه.. إلا أن هناك من يرون في كسر القواعد الفنية الثابتة طريقا سهلا للتميز والإبداع وتحقيق النجاح في زمن قصير.. ولكن الحقائق أكدت أن سقوطها يأتي أسرع من المتوقع. والغريب هنا أن برامج السخرية المبتذلة عادت لتفرض نفسها علي الساحة ومنها برنامج «عرض كبير» لأكرم الشرقاوي وأخطر رجل في العالم لمعتز الدمرداش.. وكلاهما لم يحظ بنسبة مشاهدة عالية.. وقد زاد الطين بلة اكتمال برامج التفاهة والإسفاف وثقل الظل بدء عرض حلقات برنامج "أبلة فاهيتا" أثار هذا البرنامج ردود أفعال وجدلا واسعا في الشارع المصري بسبب ظهور فاهيتا في أول حلقة متأثرة بشرب الخمر وانتقادها للعديد من الشخصيات الإعلامية وغيرها بشكل غير لائق إلي جانب ما تضمنته الحلقة من إيحاءات وإسقاطات جنسية.. الأمر الذي أصاب جمهورها بالإحباط بسبب انتظاره لشيء جديد مختلف.. وباتت الأحداث تكشف عن أن برنامج «لايف من الدوبلكس» ما هو إلا إفلاس فكري وفني ومن المحتمل أن تؤدي الأمور لوقفة احتجاجية للمطالبة بوقف مهازل فاهيتا في الإباحية والإيحاءات الجنسية والاستهزاء برموز الإعلاميين وغيرهم من الشخصيات الأخري. وفي البداية يؤكد الفنان حسن مصطفي أنه مع النقد.. لأنه ليس هناك من يعلو علي النقد بشرط أن يكون بعيدا عن الابتذال والإسفاف ولكن للأسف ما جاء في البرنامج فقراته غير مقبولة سواء في محاولة تقليدها لمذيعات كبيرات وشخصيات مشهورة باستهزاء وسخرية وإيحاءات جنسية وعموما شخصية فاهيتا غير كوميدية إطلاقا حيث تعبيرات وجهها ثابتة ومتجهمة وعاجزة عن الحركة.. وقد ظهرت طوال حلقتي البرنامج جالسة إما علي كرسي المكتب أو الأريكة تحرك يديها أو رأسها فقط وذلك يرجع لكونها دمية عجوز كبيرة السن صوتها غريب وشكلها قبيح.. وأقول للمسئولين إن إدخال البسمة لقلوب الناس لا يحتاج لأي إيحاءات جنسية أو سباب لفظي.. ويامسئولي القناة التي يذاع عليها البرنامج «كفانا تدنيا فهذا ظلم للمشاهدين ولمصر كلها». وتضيف الفنانة هالة فاخر أن الكثيرين أصيبوا بإحباط شديد بسبب انتظارهم لعمل فني جديد وجيد منذ أن أعلنت فاهيتا خلال لقائها مع الإعلامي خيري رمضان في برنامجه «ممكن» أنها ستقدم برنامجا ساخرا وسيكون «فلتة» ومعروف أيضا أنه سبق ظهور فاهيتا الأول جاء مع باسم يوسف في برنامجه «البرنامج».. وللأسف انتقدها الجميع لأن ما جاء بالحلقة بدءا من ظهورها متأثرة بشرب الخمر وتقليدها للمذيعات وشخصيات أخري بأسلوب الاستهزاء الذي حمل عبارات وإيحاءات لا تتناسب مع تقاليد وعادات الشعب المصري.. والخلاصة أن نوعية هذه البرامج غير مقبولة خاصة التي تتعمد تشويه مصر ورموزها.. ولو عدنا قليلا للوراء وتذكرنا ما كنا نقدمه من برامج ومسلسلات هادفة لكل الأعمار بكل ما شملته من رسائل تربوية وسلوكية وتنمية للمهارات الابتكارية والحث علي صفات التعاون والنجاح ومنها بوجي وطمطم وبابا ماجد وسينما الأطفال وعروستي لسامية شرابي وماما نجوي وبقلظ.. وكم أتمني أن يعيد التليفزيون أو القنوات الخاصة تقديم نوعية هذه الأعمال الهادفة.. وكفانا تقديم الفن الهابط. بينما يقول الفنان محمود الجندي: الآن كل من هب ودب عاوز يعمل حاجة بيعملها، خصوصا في المجال الفني الذي يشهد دخلاء عليه لا علاقة لهم بالمهنة نهائيا.. وقد شاهدنا بدع المطربين.. وظاهرة برنامج «عرض كبير» لأكرم الشرقاوي الذي لم يحظ بأي نسبة مشاهدة وهناك برنامج الإعلامي معتز الدمرداش.. أخطر رجل في العالم.. ولا أري معني لسؤاله لهاني رمزي خلال استضافته بالبرنامج وهو يقول له «هل تغسل شعرك بالشامبو» ويرد هاني بتسأل ليه «فيرد معتز» عاوز أعرف بيبقي ناعم «إزاي» هذا بخلاف رد معتز علي هاني عندما قال له أنا إيدي أطول منك.. حيث قال له.. معروف إن إيدك طويلة من أيام المراهقة.. فهل هذا هو الشيء الجيد الذي نقدمه للمشاهدين من سلوكيات محترمة.. المسألة ليست محتاجة أن نضع ضابط شرطة علي كل محطة أو قناة فضائية.. لذا أنتهز الفرصة لأناشد د.أشرف سالمان وزير الاستثمار منع تلك الفوضي التي نعيشها وإيقاف نوعية هذه البرامج الهابطة. فيما يقول فنان البانتوميم أحمد نبيل: لقد اعتزلت الفن في الأربع سنوات الأخيرة لأني تعبت نفسيا مما يقدم علي الشاشة من مسلسلات وبرامج سطحية وغير صادقة.. فهل يعقل مثلا أن تظهر المرأة وهي الأم والأخت والزوجة والشقيقة سيئة السلوك وعاهرة وغيرها في غالبية الأعمال الدرامية.. هل هذه هي مصر ليس فيها سوي الظواهر السيئة وهل جفت أرض المحروسة عن تقديم مواهب. وأوضح الملحن الكبير حسن دنيا أن البرنامج فاشل والحكاية أن اللي عامل الفكرة يرغب في عمل دعاية لها بأي شكل وكان مفروضا أن يقدم من خلال فاهيتا رسالة فنية للارتقاء بالسلوكيات وإظهار معاني الحب والتعاون والأخلاق في حياتنا مثلما كنا نشاهد من قبل في برامج ماما نجوي وبوجي وطمطم ولا أعلم سببا لوجود كل هذه الدعاية لأبلة فاهيتا.. علي كوبري أكتوبر.. خاصة أنه لن ينسي أحد ظهورها في الفيديو الترويجي وهي نائمة علي سرير ويقف أمامها اثنان من الحراس الشخصيين.. وهي تأمرهما أن يخلعا ملابسهما.. وقد اعتبر البعض أن هذا المحتوي يتضمن إيحاءات جنسية لا تتناسب مع قيم الأسرة المصرية. وأخيرا يري د.نبيل راغب عميد المعهد العالي للنقد الفني أن كوميديا فاهيتا تدور داخل دائرة مغلقة ولا تحمل أي تجديد حتي في السخرية علي لقطات لشخصيات معينة قدمتها سواء في رسم ووضع مضحك أو علي صورة متحركة أو التعليق علي مقطع تليفزيوني.. فمن هنا ظهرت الدمية فاهيتا بائسة لعدم امتلاك مبتكرها أي ملكات كوميدية تميزه سوي السخرية الممزوجة بالإباحية الغليظة.. والغريب أن اسم فاهيتا يبدو وكأنه تم اختياره من غرزة حشاشين.. وأتساءل هل انتهت الموضوعات التي تناقش القضايا الجادة بالمجتمع لدرجة أننا صرنا لا نجد سوي الأعمال ثقيلة الدم علي القلوب.. ما يحدث ظاهرة تدل علي انهيار المشاعر وإفلاس فكري وفني.. ونحن نغرر بالناس العاديين لأننا نعودهم علي التشبع بالأنماط الهابطة.