زيادة أسعار الألبان المستوردة للأطفال وقد تضاربت الآراء بشأن الأسباب الحقيقية لأزمة ألبان الأطفال ما بين قائل بأن الأزمة مردها عجز مراكز الرعاية المختصة عن توفير الكميات المدعومة التي تغطي احتياجات السوق، وفي المقابل فإن بعض المصادر داخل وزارة الصحة نفت صحة هذه المزاعم، موضحة أن الألبان الصناعية متوافرة وتلبي احتياجات كافة الفئات العمرية للأطفال، وأرجعت سبب المشكلة إلي بعض السلوكيات الخاطئة من المواطنين أنفسهم، لذا رأت «آخر ساعة» أن تقوم باستطلاع آراء المواطنين وطرق أبواب المسؤولين للوقوف علي حقيقة مايثار بشأن تلك المشكلة. بداية كان لقاؤنا مع خديجة محمد "ربة منزل" بالقرب من أحد مراكز الرعاية المختصة بتوريد ألبان الأطفال المدعمة لمحدودي الدخل ولسان حالها يشكو طول الانتظار في طابور ممتد لساعات وساعات أملاَ في الحصول علي أي كمية من عبوات الحليب المدعم دون طائل، حيث انتقدت نظام التوزيع داخل تلك المراكز، وعدم مراعاة قدوم بعض الأهالي من مناطق بعيدة نسبيا عن مساكنهم. وشددت خديجة علي ضرورة التوسع في إقامة مراكز الرعاية المتخصصة لتشمل المناطق النائية، أو زيادة عدد الموظفين داخل المركز الواحد، لسرعة تسليم عبوات الألبان إلي مستحقي الدعم. بينما لخص سعيد شرف "عامل" معاناته شبه اليومية في توفير اللبن المدعم بالكامل لطفله الرضيع والمتمثلة في ذهابه بصورة مستمرة إلي مكتب الرعاية المختص بتوريد الألبان الصناعية، وعند سؤاله داخل المكتب عما إذا كانت حصص اللبن المدعم قد وصلت، غالباَ مايأتي الجواب بالنفي لعدم وصول الكمية المقررة من الوزارة، وهو ما جعله يلجأ إلي الصيدليات للحصول علي اللبن الصناعي المدعم للمرحلة العمرية الأولي من سن شهر إلي 6 أشهر والذي تبلغ قيمته 17 عشر جنيهاَ ليفاجأ بإختفائه هو الآخر، مما إضطره إلي شراء اللبن المستورد غير المدعم ب55جنيها، مستقطعاَ بذلك قيمته من دخله الشهري البسيط، الذي يكفي بالكاد لإعالة أسرته. وقد أوضح إسماعيل فتحي صاحب إحدي الصيدليات بمدينة نصر أن أسعار الألبان المستوردة سجلت ارتفاعاَ ملحوظاَ بسبب صعود سعر الدولار أمام الجنيه المصري، لافتا إلي أن هناك بعض الأنواع قد تزايدت أسعارها مابين 10 إلي 12 جنيها للعبوة الواحدة، مما أثار غضب بعض الأهالي المترددين عليه لعجزهم عن شرائها بالسعر الجديد، كما أشار إلي أن ارتفاع أسعار الألبان المستوردة تزامنت مع نقص في الحصص الموردة من اللبن المدعم لكل صيدلية وكذلك عدم انتظامها، فأحياناَ يتم صرف 4 عبوات أو 2 علي حسب ما يتم توريده من الفرع المركزي. محمود سعودي نقيب الصيادلة أكد أن ظاهرة نقص اللبن المدعم للأطفال في الأسواق موجودة منذ أن كان سعر العبوة الحليب المجفف جنيهان ونصف أو أقل حتي وصل إلي أسعارها الحالية، وهذا يرجع إلي أن الكميات الموجودة غير كافية للاستهلاك المحلي ولا تلبي احتياجات السوق فالطفل الرضيع حتي سن 6 شهور يحتاج إلي علبتين من اللبن المجفف أسبوعياَ أي بمعدل 8 علب شهرياَ رغم أنه يتم توريد 6 علب فقط للصيدليات فكيف سيتم تحقيق الاكتفاء في هذا المجال؟ وللأسف هناك من يقوم بتسريب هذا المنتج المدعم من الشركة المصرية المستوردة له بقصد الإتجار والربحية من ورائه، فالعلبة التي يبلغ ثمنها 17 أو 18 جنيها تباع ب33 وب40 جنيها في السوق السوداء، ويوجد عليها إقبال لأنها أرخص سعرا َمن الألبان الصناعية المستوردة غير المدعومة. في المقابل تري إجلال فؤاد مديرة صيدلية الإسعاف التابعة للشركة المصرية لتجارة الأدوية - وهي الشركة الوحيدة المسئولة عن توزيع الألبان المدعمة في مصر - أن كل مايثار عن نقص الألبان المدعمة هو غير صحيح، الهدف منه إحداث فرقعة إعلامية لإثارة الرأي العام، فالألبان متوافرة والشركة المصرية تقوم باستيرادها بطريقة منتظمة، بينما تتكفل وزارة الصحة بدفع فارق دعم الألبان سواء كانت مدعومة بشكل كامل أو بشكل جزئي، حيث تتحمل الدولة تكليف هذا الدعم مثله مثل بقية السلع التموينية، ولكنه قد لايذهب أحيانا لمستحقيه، نتيجة أن هناك من يأخذ كميات من الألبان تزيد علي احتياجاته الفعلية أو من يتاجر بها في السوق السوداء. كما أشارت إلي أن هناك فئتين من الأطفال يتم دعمهما بالحليب الصناعي المجفف، الفئة الأولي من لحظة الميلاد حتي 6 أشهر والثانية من من سن 6 أشهر حتي 12 شهرا، يتم توزيعهما بواسطة مركزين رئيسيين بشكل يومي وهما صيدلية الشكاوي ومقرها في شبرا والثاني يتبع مراكز الطفولة والأمومة، كما أكدت علي أنه لاتوجد مشكلة في ألبان الفئة العمرية الأولي لتوافرها بصورة واسعة، ولكن توجد بعض الأزمات في الألبان الصناعية المخصصة للفئة العمرية الثانية، تكمن في التكالب الشديد عليها من قبل سكان محافظاتالقاهرة وكذلك المواطنين القادمين من الأقاليم، لذلك فإن كميات الألبان التي من المفترض أن تكفي مدة ثلاثة أيام تنفد في يوم واحد. كما أوضحت أن هناك من يستخدم أساليب التحايل ممن يتوافدون إلي المراكز الطبية للحصول علي عبوات اللبن الصناعي ويأتي بشهادات ميلاد مطبوعة علي الكمبيوتر، ويكون معه أكثر من نسخة، ليصرف كميات زائدة علي احتياجه الفعلي، وهذا في مجمله يؤثر علي احتياجات المواطنين الآخرين، لذا فإن صرف عبوة اللبن الصناعي يتم بعد الاطلاع علي شهادة الميلادالورقية الأصلية وليست المستخرجة عن طريق الكمبيوتر. تتابع.. أحيانا هناك من يأتي إلي مركز التوزيع لصرف عبوات اللبن المدعم أو نصف المدعم ولايملك شهادة ميلاد لطفله، وهنا تحدث أزمة كبيرة لدي القائمين علي الخدمة تكمن في كيفية إثبات احتياجه إلي تلك السلعة المدعمة وعدم إستغلالها في أغراض أخري مثل المتاجرة بها في السوق السوداء، يضاف إلي ذلك كله إشكالية إزدياد أعداد اللاجئين في مصر، وهو ما يؤثر بشكل مباشر علي كميات الألبان المتوفرة داخل مراكز الرعاية. واقترحت إجلال أن يتم إتباع نظام لصرف عبوات اللبن الصناعي المدعمة علي البطاقة مثلما هو الحال مع السلع التموينية، وبذلك فإن المستحق للدعم يستطيع الحصول عليه مباشرة، ولايتم ترك فرصة للتلاعب في كميات الألبان المدعمة المخصصة لغير القادرين. بينما أكد عطية عبدالباقي مسئول الألبان الصناعية بوزارة الصحة أنه لا يوجد لدي الدولة مصانع محلية لإنتاج ألبان أطفال، فجميع الألبان المجففة مستوردة من الخارج، لذا فالأولي بالدعم ضمن سياسة وزارة الصحة هو الأسر الفقيرة وهو مايحدث فعلاَ عبر بيع العبوة الواحدة بأسعار مخفضة للمواطنين، وعن مدي توافر كميات الألبان المدعمة المطروحة بالأسواق، وما إذا كانت تكفي احتياجات السوق المحلية، أجاب بأنه يوجد لدي الدولة رصيد يكفي لمدة 7 أشهر قادمة، لافتا إلي أن وزارة الصحة بصدد طرح المناقصة الخاصة بالألبان المدعمة للوزارة الخاصة بعام 2015 بدءا من الشهر الجاري لدعم المخزون الحالي من الألبان الصناعية للأطفال في السوق المصري.