حصد مكرم جاد الكريم أكبر جوائز الصورة الصحفية، محليا وعالميا.. أغلاها عن تصويرعبور 73 ولحظة رفع علم مصر علي التل الترابي للضفة الشرقية تحت القصف .. يومها كافأه إحسان عبد القدوس رئيس مجلس الإدارة بخمسين جنيها من جيبه.. أما موسي صبري فباع الأفلام ب150 ألف دولار لحساب الأخبار، نصيبه 10٪ منها .. وكان يمكنه جني ثروة عمره لو قبل بيع فيلم واحد منها لحسابه لوكالات الأنباء المتعطشة .. ثم انفرد بتصوير تفاصيل اغتيال السادات في ذكري مجد انتصاره!.. وانفرادات مكرم ليست صدفة، إنما هي استمرار لمسيرة عشقه للصحافة وللوطن.. ولو طبعنا لقطات اللحظات الإنسانية والتاريخية التي اقتنصها مكرم ، لغلفنا أهرامات الجيزة بإبداعاته، وذبنا عشقا وحرصا علي وطننا.. وكنت محظوظة بصحبة هذا الفنان المغامر، المتواضع، في بداياتي.. أطرح فكرة، فتبرق عيناه ، ويفخخ نفسه بحزام أفلام خام، وينطلق إلي التهلكة.. تضمنا عربة الأخبار ال128 السوداء الشهيرة زمان، وتنطلق بحماس سائقها.. فريق صحفي ثلاثي انتحاري لتأكيد انفراد وتميز دار أخبار اليوم، ورسالة صحافة تطارد الفساد، وتوقظ الضمائر، وتلهب مشاعر الأمل والبناء والتحدي.. أي لقطة هي هدف لمكرم، تتوحد أوتار قلبه وعقله وبدنه مع عين العدسة للقبض علي عمقها، إلي نور حقيقتها.. يعود بكنز الأفلام للمعمل لا يهدأ ويعاود التنفس إلا وملامح الصور تظهر في الحامض وتنبض.. كمحقق وثق كل خيوط القضية.. ثم يشمشم علي تحقيق جديد!.. كان هذا حال فريق مصوري وصحفيي دار أخبار اليوم، موهوبين وانتحاريين ، بسبب عمار الدار بالأساتذة، قادة الثقافة والقناعة والمبادئ.. لذلك لم أتصور ألا تتشبث الدار بمكرم أستاذا ومستشارا ومحرضا علي التفوق والإبداع لأجيال جديدة حظها أغبر، ماديا ومهنيا.. لكن هنيئا لمكرم كرامة انسحابه ردا علي إهانة مرتب معاش - 500 جنيه - بعد مرتب عمل أكثر إهانة!.. وبعدما انفتح سقف مرتبات الكبار لمليون من فائض تعبنا.. يا مكرم خير ماعملت.. لكن أين تقدير الدولة لقناص اللحظات الحية الفارقة في تاريخ مصر شعبا وجيشا!!! .. وأين نظيره فاروق إبراهيم الآن ؟؟ انتظرونا !