عن أعين المجتمع الدولي، استطاع تنظيم داعش اكتساب أرض جديدة في مدينة درنة الليبية، تلك المدينة الساحلية المطلة علي البحر الأبيض المتوسط والواقعة بين مدينتي طبرق وبني غازي، لتصبح أول مدينة خارج حدود سورياوالعراق تخضع بالكامل لخليفة داعش أبو بكر البغدادي. تبعد مدينة السلوم علي الحدود الغربية المصرية 360 كم فقط. ورغم أن أتباع أبو بكر البغدادي ليسوا بالرقم الضخم في درنة إلا أنهم استطاعوا لفت الأنظار إليهم، وحدث ذلك أولا من خلال مقطع فيديو تم بثه عقب صلاة الجمعة الثالث من أكتوبر، أعلن فيه عدد من الشباب ولاءهم للبغدادي عقب صلاة الجمعة في معسكر لمسلحين، ثم أعقب ذلك فيديو آخر في الحادي والثلاثين من نفس الشهر، أعلن فيه 50 شاباً السمع والطاعة للبغدادي، وهو ما تناقلته العديد من المواقع الجهادية. خلافاً لأيمان قسم أخري أخفي أصحابها وجوههم في مصر والجزائر، ظهر مبايعو البغدادي بوجوه مكشوفة، لم لا وهم يسيطرون علي درنة بالكامل ويمتلكون أكبر مساجدها ومبانيها الشرطية كما أقاموا بها محكمة شرعية، وهو ما جعلها أول أراض تابعة للبغدادي منذ إعلانه قيام دولة الخلافة في التاسع والعشرين من يونيو الماضي علي أجزاء من سورياوالعراق. من الواضح أن أنصار البغدادي في درنة أعدوا شرائط مبايعته والسيطرة علي المدينة بعناية فائقة، لا سيما أن المدينة كانت معروفة، علي مدار السنوات العشر التي سبقت سقوط معمر القذافي في 2011، بأنها معقل متمردين إسلاميين علي نظام حكمه، كما لحق الكثير من أبنائها بمن اعتنقوا الفكر الجهادي وذهبوا لمحاربة الأمريكان في العراق، وتشير الأنباء الواردة من المدينة أن عدداً من أبنائها الذين قاتلوا في سوريا عادوا إلي مسقط رأسهم لإقناع شيوخ العشائر بميايعة داعش، ومن المؤكد أيضاً أن الداعشيين في درنة لحق بهم عدد ممن انشقوا علي تنظيم أنصار الشريعة وعدد من الشباب المصريين والتوانسة، كما لحق بهم ما يُعرف بمجلس شوري شباب الإسلام الذي أُنشئ في الرابع من أبريل الماضي واكتسب أهمية متزايدة علي مدار الستة الأشهر التالية لذلك التاريخ، حيث ازدادت دورياته الأمنية بشكل ملحوظ وسيطر علي المشفي الرئيس بالمدينة ونفذ إعدامات بحق مسلحين غير إسلاميين إضافة لإعدام مصري باستاد درنة في أغسطس الماضي، بدعوي أنه قتل مواطناً ليبياً وأن إعدامه يأتي في إطار حكم القصاص. رئيس أركان تنظيم داعش الإرهابي أرسل في سبتمبر الماضي وفداً من 15 ليبياً قاتلوا في تنظيمه، وهو ما أسفر عن قسم الولاء الأول، الذي أداه مجلس شوري شباب الإسلام والأفرع المنبثقة منه، والذي تم بثه في الثالث من أكتوبر أمام المئات من سكان المدينة. طبقاً لوكالة أنباء أسوشيتد برس فإن الرجل القوي وأمير فرع داعش في درنة هو رجل مكني ب«أبو البراء الأزدي» وهو يمني قاتل في سوريا واسمه الحقيقي هو محمد عبد الله، وفي حفل الحادي والثلاثين من أكتوبر تعرفت المخابرات الأمريكية علي سعودي يُدعي أبو حبيب ويشغل منصب رئيس المحكمة الشرعية في درنة، فضلاً عن مصري لم تتم تحديد هويته. في الأسابيع الأخيرة ازدادت جرائم القتل في درنة، ففي الحادي عشر من نوفمبر الماضي تم العثور علي ثلاث جثث لشباب مقطوعي الرؤوس، كانوا يدونون ما يحدث في درنة علي شبكات التواصل الاجتماعي، ورغم أن أي جهة لم تعلن مسئوليتها عن الحادث إلا أن طريقة القتل تجعل صابع الاتهام تتجه إلي داعشي درنة ولا أحد غيرهم.