تسبب القرار الحكومي بشأن إعادة ترسيم محافظات الجمهورية والذي يتضمن إضافة محافظات جديدة وتغيير مساحة أخري بالزيادة أو النقصان في إرباك حسابات من يستعدون لخوض الانتخابات البرلمانية خشية أن يؤثر ذلك علي دوائرهم الانتخابية بحيث من الممكن أن تنتقل دوائره من محافظة لأخري.. وعلي الرغم من تأكيد وزير التنمية المحلية اللواء عادل لبيب عدم تأثير الترسيم الجديد علي الدوائر لاحت في الأفق أزمة بخصوص موعد الانتخابات التي كان يتوقع مراقبون إجراءها في أكتوبر المقبل. التوقعات اتجهت الي احتمالية إرجاء الانتخابات حتي أواخر العام الجاري وخصوصا في ضوء ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة بأن الانتخابات ستجري في موعدها دون تأجيل ما يعني أن إرجاءها حتي بدايات العام 2015 احتمال غير وارد. بالتوازي، تواصلت حالة الارتباك في التحالفات الانتخابية التي لم تتبلور في شكلها النهائي بين الأحزاب والقوي السياسية علي الرغم من إعلان الكثير منها التنسيق لأجل هذه التحالفات منذ أسابيع وجاءت عملية الترسيم التي بناء عليها يتأجل موعد البرلمانية لتتيح فرصه أكبر أمام الأحزاب لتعيد ترتيب أورقها وحساباتها بشأن التحالفات.. في الوقت الذي يستعد فيه الجميع لانطلاق ماراثون الانتخابات البرلمانية، لاحت في الأفق عشرات البوادر التي تنذر بتأجيلها، علي الرغم من تأكيدات رئيس الجمهورية والحكومة أن الانتخابات في موعدها ولا تأجيل في حين أن الحكومة أعلنت عن المرحلة الأولي لترسيم حدود المحافظات التي تضم ثلاث محافظات جديدة. الجميع الآن ينتظر ويترقب اجتماعات الأحزاب والقوي السياسية، لتكوين جبهات قوية تنفذ برامج حقيقية تقود البلاد نحو التقدم والازدهار، بعيداً عن فلول الحزب الوطني "المنحل"، وأعضاء الجماعة الإرهابية، غير أن اجتماعات تلك الأحزاب لم تأت سوي بصراعات أظهرت سيطرة المصالح الشخصية، فالبعض كان يسعي لرئاسة المجلس، والآخر كان ينتظر الأغلبية، ومجموعات بدأت التخطيط لنيل وكالة المجلس، بل وصل الأمر إلي أن بعض الأحزاب بدأت التخطيط للسيطرة علي رئاسة بعض اللجان النوعية بالمجلس. كل ذلك كان يحدث تحت مسمي محاولات لم الشمل والمصلحة الوطنية، غير أن الحقيقة تكمن في أن قيادات تلك الأحزاب والقوي كانت تجتمع لتبتسم فتعلن الاتفاق ثم تختلف فتطلق التصريحات النارية، وتعلن الانسحاب، وتغزو شاشات الفضائيات. حالة التشرذم والتخبط المسيطرة علي المشهد السياسي حالياً، فضلاً عن اختفاء قانون تقسيم الدوائر، وقانون الانتخابات، وعدم ظهورهما بشكل واضح كلها شواهد تصب في اتجاه تأجيل الانتحابات. الكاتب الصحفي، مصطفي بكري، عضو مجلس الشعب السابق، يري أن الانتخابات البرلمانية ستجري في موعدها بنهاية العام، مشيراً إلي أن ما يحدث الآن بين القوي السياسية من خلافات وغيرها أمر طبيعي ومتوقع، مؤكداً أنه سيخوض الماراثون الانتخابي علي قائمة الصعيد. في السياق، يري الدكتور عصام الإسلامبولي، الفقية القانوني، أن فشل التحالفات الانتخابية المطروحة وارتباك القوي المدنية أمر يدعو إلي تأجيل الانتخابات البرلمانية، وأضاف أنه من المفترض أن يتم إجراء الانتخابات البرلمانية بعد إقرار الدستور بستة أشهر، وهو ما فسرته اللجنة اعتباراً من بداية تشكيل الأمانة العامة للجنة العليا للانتخابات، الأمر الذي يعد تحايلاً علي القانون. وأوضح، أن المشرع كان يقصد إجراء الانتخابات البرلمانية بعد دعوة الناخبين للتصويت بستة أشهر، وهو ما لم يحدث حتي الآن، فضلاً عن عدم صدور قانون تقسيم الدوائر، لارتباطه بتقسيم المحافظات، وإعادة ترسيم الحدود، وهو ما يحتاج لوقت ويقوي احتمال تأجيل الانتخابات - علي حد قوله-. من جانبه، قال المستشار محمد حامد الجمل، نائب رئيس مجلس الدولة الأسبق، إنه يجوز لرئيس الجمهورية تأجيل الانتخابات البرلمانية لمدة ستة أشهر أو سنة لأن المواعيد التي تنص عليها مواد الدستور تنظيمية لا يترتب علي مخالفتها لضرورات موضوعية من الناحية السياسية بطلان الانتخابات بأي صورة. ويأتي ذلك بالتزامن مع قرار اتحاد نواب مصر بإقامة دعويين أمام القضاء الإداري طالبت الأولي بتأجيل الانتخابات البرلمانية، والثانية بحل الأحزاب السياسية القائمة. وكان الاتحاد قد ذكر في بيان له أنه تمت إقامة الدعويين لأن معظم الأحزاب والنخب السياسية أظهرت ممارسات خلال الفترة الماضية تقزم معني ومفهوم الانتماء الوطني، مضيفًا أنها أسقطت المصالح الوطنية من حساباتها، واندفعت نحو تحقيق المصالح الشخصية والحزبية، في حالة من الانتهازية السياسية. الحديث عن التحالفات مازال مستمراً ولكن الشارع السياسي لم ير في الموجودين حالياً أي زعيم حزبي أو سياسي محنك يصدر تصريحاً مفيداً أو رؤية مستقبلية أو حتي خطة واضحة المعالم لأي تحالف انتخابي، فكل منهم يلعب الآن لينهش الجزء الأكبر من الكعكة معتقداً أنه الأكبر والأعرق والأكثر تلاحماً بالشارع رغم أن أي حزب منهم لا يعرفه أصلاً إلا أصحاب العقارات الذين يؤجرن لهم مقراتهم. اختيار أعضاء مجلس النواب هذه المرة لابد له أن يتم بعناية ودقة مع توافر الكفاءة والعلم والخبرة والأمانة، وإذا تم التراخي في هذه المواصفات فسيقع الصدام بين مجلس النواب ورئيس الجمهورية.. ويبقي مصير لعبة ومستقبل التحالفات الآن في يد مجموعة الكبار، وهم عمرو موسي، والسيد البدوي، ونجيب ساويرس، وأحمد شفيق، والوزير السابق، أحمد البرعي، ورغم تكوين عدد من التكتلات التي تمهد لإعلان التحالفات الانتخابية إلا أن عددا كبيرا من الأحزاب المدنية مازالت في مرحلة التشاور ولم تحسم موقفها بعد في الانضمام لأي تحالف وأبرز التحالفات التي تم تشكيلها كان الوفد المصري الذي يضم أحزاب الوفد والمصري الديمقراطي والإصلاح والتنمية والمحافظين بالإضافة إلي تحالف الجبهة المصرية الذي يضم الحركة الوطنية وحزب مصر بلدي وتحالف الأمة المصرية الذي يضم المؤتمر والتجمع. بينما تبقي أحزاب لم تحسم موقفها حتي الآن وهي كل من حزب الدستور والكرامة والتيار الشعبي والتحالف الشعبي ومصر الحرية وحركة تمرد، حيث تعول تلك الأحزاب والكيانات علي تشكيل تحالف انتخابي موسع للقوي المدنية يحمي فرص فوز الكتلة المدنية بالبرلمان القادم، عن طريق استمرار المشاورات رغم ضيق الوقت أملا في توحيد الأحزاب مجددا. فيما تواصل حركة تمرد مساعيها لتشكيل تحالف انتخابي موسع لم تعلن بعد عن ملامحه أو الأحزاب التي تسعي لضمهم ومن تستبعدهم من سلسلة المشاورات، كما يستكمل حزب التجمع أيضا حواره مع الجميع بما فيها حزب الحركة الوطنية وجبهة مصر بلدي. وأكد الدكتور ياقوت السنوسي، أمين عام حزب الدستور أن الحزب يدرك الخطر الذي يواجه كتلة التيار وأن تفرق الأحزاب في أكثر من تحالف انتخابي سيؤدي لاستغلال جماعة الإخوان وغيرهم من أصحاب شبكات الفساد المشهد والحصول علي النسبة الأكبر بمجلس الشعب القادم.. وتشتت القوي المدنية وعدم توحدها في تحالف انتخابي واحد لن يصب في مصلحة التيار المدني وأنه يشكل خطرا كبيرا علي نسبة تمثيلها في البرلمان القادم. وقال محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية إنه تم الاتفاق، علي أن يتولي الدكتور عمرو الشوبكي تنظيم الأمور المتعلقة بالتحالف، ومعايير اختيار المرشحين، مؤكداً أن التحالف قائم حتي بعد انسحاب عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين. وأكد السادات أن الوفد المصري سيلتقي الدكتور أحمد البرعي وجورج إسحاق لاستكمال التشاور بشأن توحيد القوي والأحزاب المدنية في تحالف انتخابي واحد، مشدداً علي أن فرصة توحيد الصف المدني مازالت قائمة، رغم الإعلان عن عدد من التحالفات الانتخابية. وأشار فريد زهران، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي، إلي أن محاولات عمرو موسي لتوحيد الصف المدني تعثرت لكنه رجل طويل النفس وقد يعود للمحاولة مرة أخري، مناشدا إياه بالمحاولة الجادة لتكوين تحالف انتخابي موحد لبناء دولة مدنية حديثة بشرط ألا يضم ذلك الكيان شخصيات محسوبة علي نظام مبارك. في حين طالب حزب الشعب الجمهوري بسرعة إصدار قانون الانتخابات البرلمانية القادمة، وتقسيم الدوائر الانتخابية بعد أن تم الإعلان مؤخرا عن المحافظات الجديدة، وتعديل حدود بعض المحافظات الأخري. وقال الدكتور عبد الحميد زيد، أمين التنظيم بالحزب، إن سرعة إصدار قانون تقسيم الدوائر الانتخابية يلعب دورا كبيرا في حسم خوض الانتخابات من عدمه لدي الكثير من المرشحين، لمعرفة طبيعة المعركة الانتخابية والاستعداد لها، سواء كان ذلك علي المقاعد الفردية أو القائمة. وأضاف زيد أن تأخر إصدار القانون يخلق حالة من الضباب لدي التحالفات والأحزاب السياسة الدائرة لإعداد مرشحيها للبرلمان والتنسيق بينها، خاصة علي المقاعد الفردية التي تحتاج جهدا كبيرا لخلق حالة توازن بين مرشحي كل الأحزاب في التحالفات. علي صعيد آخر، وفي ظل غياب البرلمان المنوط به سلطة التشريع لجأ الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته ممثل السلطه التشريعية في غياب البرلمان، إلي خطوة ترفع عنه حرج احتمالية إصدار تشريعات وقرارات غير دستورية. ونص القرار الذي حمل رقم 187 لسنة 2014 والصادر في 15 يونيو 2014 علي تشكيل لجنة عليا للإصلاح التشريعي برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية كل من وزير شئون مجلس النواب والعدالة الانتقالية ويكون مقررا للجنة ويحل محل رئيس مجلس الوزراء عند غيابه، ووزير العدل، ورئيس مجلس الدولة، ومفتي الجمهورية ووكيل الأزهر ورئيس هيئة مستشاري مجلس الوزراء ورئيس قسم التشريع بمجلس الدولة ومساعد وزير العدل لشئون التشريع.