أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، مرت علي ثورة 25 يناير 2011 قبع خلالها الرئيس الأسبق حسني مبارك، خلف القضبان لينتظر مصيره فيما عُرف إعلامياً ب"محاكمة القرن"، التي يواجه فيها قضايا عِدة، أبرزها قتل المتظاهرين أثناء الثورة، بينما حُوكم - في يونيو الماضي - بثلاث سنوات سجناً، في قضية "القصور الرئاسية". مبارك الذي يقضي أيامه الآن مسجوناً في مستشفي المعادي العسكري، بسبب تدهور حالته الصحية، نظراً لتقدمه في السن (86 عاماً)، ظهرت دلائل خلال الأيام القليلة الماضية تشير إلي تواصله هاتفياً مع أنصاره من المواطنين العاديين، وهو ما تنفرد "آخرساعة" بكشفه في سياق السطور التالية. أكتب رسالة مع اسمك ورقم تليفونك.. وانتظر اتصالاً من مبارك ! منسق ائتلاف «أبناء مبارك» يُسهِّل الاتصالات من خلال صفحته علي «فيسبوك» "مبارك مصر المقاتل الشريف" شعار يرفعه حسن الغندور، أحد أبرز أنصار الرئيس الأسبق، وهو جندي سابق بالحرس الجمهوري، ويمثل كلمة السر في الوصول إلي مبارك، وحشد أنصاره في كل المناسبات لتقديم الشكر للرئيس الأسبق الذي كان سبباً في حماية مصر، طوال 30 عاماً من حكمه للبلاد، من أن يحدق بها شر أو خطر، علي حد وصف الغندور وغيره كثيرين من أنصار مبارك أو علي وجه الدقة "ائتلاف أبناء مبارك" الذي يقوم الغندور بدور منسقه العام. صفحة "حسن الغندور" علي موقع التواصل "فيسبوك"، حوَّلها صاحبها إلي ساحة تأييد وشكر للرئيس الأسبق حسني مبارك، لكن المفاجأة التي أدهشت متابعي الصفحة هي ما كتبه الغندور كاشفاً عن إمكانية أن يتواصل أي مواطن مع مبارك، بحيث يكتب له رسالة علي الصفحة ومعها رقم هاتفه، حتي يقوم الرئيس الأسبق شخصياً بالاتصال به. ويبدو أن مبارك تواصل بالفعل مع عدد من المواطنين، من بين قائمة طويلة ممن تركوا رسائل تراوحت بين الشكر والفخر بأنه أعظم رئيس عربي، إلي جانب الاطمئنان علي صحته، ومواساته في محنته، حيث جاءت بعض التعليقات علي "بوستات" كتبها الغندور، ليؤكد أصحابها أن مبارك بالفعل اتصل بهم. وفي حين لم يُصدِّق البعض حقيقة تواصل مبارك مع مواطنين عاديين، بل إنه هو مَنْ يجري هذه الاتصالات بنفسه، رد الغندور في "بوست" آخر قال فيه: "يا جدعان أيوه فعلاً الريس مبارك هو اللي بيتصل بيكم والله العظيم ليه مش مصدقين الريس مبارك بيقول إنتوا ناس وطنيين من الطراز الأول والله والله الريس هو فعلاً بيكلمكم". وتبع ذلك ب"بوست" آخر بعد عدة أيام قال فيه: "الناس اللي الريس مبارك بيتصل عليهم بيقولوا لي.. بس تصدق ضحكته حلوة أوي أوي.. مصر كلها بتحبك يا ريس". ووسط موجة من التعليقات المتدفقة، أكد بعضها أن مبارك اتصل بالفعل بعدد من المواطنين، حيث كتب أحدهم قائلاً: "عارف يا حسن أنا عيطت ومعرفتش أرد عليه وكان إحساس صعب جداً جداً.. ربنا يشفيه ويبارك فيه"، بينما كتبت أخري: "أيوه فعلاً الرئيس مبارك كلمني وكلم البيت كله عندي". أما الذين لم يحالفهم حظ سماع صوت مبارك فتباينت آراؤهم، حيث كتب أحدهم: "ماشي يا حسن أنا زعلان بقي.. بس بحب الريس مبارك وبحبك يا أخي الجندي"، وقالت أخري: "مكلمنيش يا حسن وأنا زعلانة منه"، فيما قال آخر: "يا جماعة زعلانين ليه وبتقولوا الريس مش بيرد علينا ليه.. هو مش معقول هيرد علي كل الناس دي.. محبين الرئيس مبارك بالملايين وأكيد في ناس زي حسن كتير ممكن يكون بيشوف محبينه عن طريق صفحاتهم.. إحنا مش محتاجين من الريس حاجة غير إننا نطمن عليه وحسن بيطمنا عليه باستمرار وبيقولنا أخباره يبقي كل واحد يقول كلمة للزعيم يعبر فيها عن حبه ليه.. بنحبك يا ريس بنحبك.. انت الرئيس القائد الأب مبارك". رسائل أخري بعثها محبو مبارك إليه من خلال صفحة حسن الغندور، دفعت البعض إلي حد تمنيه الاستغناء عن عمره مقابل التواصل مع مبارك، حيث قال أحدهم: "يا أستاذ حسن أرجوك أنا مستعد أدفع عمري فداء للريس مبارك وأسمع صوته، وعلق آخر قائلاَ: "أبوعلي ممكن توصل سلامي لسيادة الريس وقل له كلنا بنحبك يا ريس ومصر من غيرك ولا حاجة". ولم يتسن ل"آخرساعة" التواصل مع الأشخاص الذين زعموا اتصال الرئيس الأسبق بهم هاتفيا، حتي نعرف كيف جرت هذه الاتصالات بالأساس، وبخاصة أن أن الرجل قانوناً وبموجب حكم قضائي محبوس داخل مستشفي المعادي (جنوبالقاهرة)، التي يتواجد فيها بحكم حالته الصحية، بدلاً من سجن طره، القريب من المستشفي. وحين أردت التواصل مع مبارك، تحدثت مباشرة مع حسن الغندور عبر "شات الفيسبوك"، والذي بدوره أكد لي أن الرئيس الأسبق يتصل بمحبيه بنفسه، وقال لي إن عليّ أن أوجه رسالة إلي مبارك وأترك معها اسمي ورقم تليفوني، وبعدها سيتصل بي مبارك، وبالفعل كتبت رسالة في شكل سؤال كان نصها: "ما رأيك في قرار رفع الدعم عن المواد البترولية وهل أنت متفائل بأن الشعب سيصبر ويتحمل ليتجاوز المرحلة؟"، لكن الغندور اعترض علي توجيهي سؤالاً، فلم أجد أمامي سوي أن أحصر رسالتي في مجرد الاطمئنان علي صحته، ولكن يبدو أن سؤالي الأول جاء مختلفاً عن سياق الرسائل التي كانت تنهال علي صفحة الغندور، وتدور جميعها تقريباً في فلك واحد هو الدعاء للرجل والرغبة الجامحة في التحدث إليه وسماع صوته والاطمئنان علي صحته.. مرت ساعات وأيام ولم يتصل مبارك كما توقعت. بالتوازي، حرص الغندور علي نشر مقاطع من خطب سابقة لمبارك، لتحفيز أنصاره، وحشد تعليقات مؤيدة ومتعاطفه معه، إلي جانب صور لمبارك من داخل مستشفي المعادي العسكري. ولم تقف أمنيات جندي الحرس الجمهوري سابقاً عند حد خروج مبارك من محبسه، وظهور براءته، وثبوت وطنيته، كما يكرر ذلك دائماً في كل منشوراته علي الصفحة، بل يأمل في تخصيص قناة فضائية لمؤيدي الرئيس الأسبق، حيث كتب ذات مرة: "أحلم بقناة فضائية لأنصار مبارك". أما حسن الغندور نفسه، الذي تتضمن صفحته صوراً تجمعه مع مبارك في مستشفي المعادي، وأخري له داخل قاعة محاكمة القرن، ووسط أنصار مبارك علي بوابة المستشفي في مناسبات مختلفة، فقد حاول البعض البحث عن هويته ومعرفة لماذا يقف هذا الشاب وراء مبارك، منذ التظاهرات المؤيدة لمبارك إبان ثورة يناير 2012 في ميدان مصطفي محمود بمنطقة "المهندسين" بالجيزة، حيث سبق أن دشن نشطاء صفحة علي "فيسبوك" بعنوان "من هو حسن الغندور؟"، لكنها لم تضم سوي 85 عضواً، وتوقف نشاطها تماماً بعد خمسة أيام فقط من إطلاقها في 26 يوليو 2011. في المقابل، فإن الغندور الذي حظي بالظهور في عدة لقاءات إعلامية باعتباره "المنسق العام لائتلاف أبناء مبارك"، والذي يفخر بصورته وهو يقبل يد ورأس مبارك، لخَّص حكايته مع الرئيس الأسبق وسبب تأييده له، حين كتب يقول في 26 مايو الماضي: "اللي اتربي علي احترام الكبير عمره ما ينكر الجميل ومبارك حما العرض والشرف ومين رجعلك طابا يا بيه.. مبارك بردو"، وقبلها بأيام نشر صورة له رافعاً لافتة كتب عليها: "كنت يوماً جندي حرس جمهوري وأفخر بما قضيته مع القائد مبارك". وزاد من البيت شعراً حين قال: في ناس كتير بتراسلني علي الخاص معجبين جداً بكلامي بس معترضين إني بدافع عن مبارك.. أحب أقول للناس دي.. طبعاً لازم أدافع عن مبارك ولآخر يوم في عمري، وبعرَّف كل الناس تاريخ مبارك وماذا قدّم لوطنه وشعبه"، متسائلاً: "كيف لا أدافع عن رجل دافع عن والدي ووالدتي أكثر من 64سنة ودافع عني 34 سنة واسترد لي الأرض والعرض والشرف والكرامة".