الاتجار بالبشر.. نساء .. أطفال أخطر جرائم القرن الذي نعيش فيه.. عالم الجريمة المنظمة »مافيا« الدعارة والجنس للنساء.. والأطفال ضحاياها من العالم أجمع.. العالم الفقير الذي يدفع بأبنائه إلي الهجرة من محاولة للبحث عن حياة أفضل خارجه. ليس الفقر المادي فقط.. بل الفقر الاجتماعي والمعنوي في موروثات جعلت المرأة مضطهدة مقهورة وفي محاولاتها للانفلات بكيانها قد تسقط ضحية سهلة في أيدي محترفي البيع والشراء من تجار الجسد والمتعة.. وإذا كانت »الدعارة« مهنة مسموحا بها في أوروبا »وللداعرات« شكليا من باب التحضر نقابات تحميهن، إلا أن المنغمس.. والمقترب من هذا العالم يدرك أن نصف هؤلاء النسوة تقريبا يعملن بالإكراه وتحت التهديد من قبل العصابات المنظمة.. وما صورة النقابات والحماية إلا كلام أجوف لصورة مشوهة عن الحرية. ولقد نجح المخرج المغربي القدير الذي يمارس الصيدلة حتي الآن في أن يكشف بصدق عما يحدث في هذا المضمار من خلال فيلمه »المنسيون« الذي تقاسم معه في كتابة السيناريو »توفيق طه« وبطولة كل من »يوسف جندي« .. »أمين ايتاجي« »مريم أجادو« وهو يعد وثيقة إدانة اجتماعية لما يحدث في هذا العالم الخفي.. وتحذير لكثير من الفتيات كان يمكن أن يتجنبن الوقوع في الفخاخ المنصوبة لهن.. الفيلم بالمناسبة عرض في المغرب وحصل علي جائزة الجماهير في مهرجان تطوان 2010.. ولن نجد أحدا يقف ويصرخ ويتاجر ويزايد بأنه يشوه صورة المغاربة من الرجال تجار النخاسة.. والفتيات اللائي يمارسن الرذيلة لان الهدف اسمي بكثير مما قدمه الفيلم وثيقة إدانة .. وصورة طبق الأصل لمايحدث في الواقع. وبالطبع ستظل الهجرة غير الشرعية هي »أم المأساة« في كل مايعاني منه المغتربون.. بداية من الرحلة الخطرة أيا كانت وسيلتها.. وضريبتها الموت.. ونهاية بالحياة التي تكون معظمها في مستنقع الرذيلة للفتيات.. وعالم الإجرام والمخدرات للشباب. ولهذا كله يستحق »حسن بن جلون« تحية خاصة أن أفلام الستة التي قدمها من قبل ولاقت نجاحا جماهيريا لم تغفل عن مناقشة أخطر قضايا المجتمع المغربي. أحبت »يمني« »عزيز« ابن قريتها الصغيرة الواقعة في أحضان الجبال القاسية.. لكنه لم يكن يملك الكثير فتركها مهاجرا غير شرعي عبر البحار مختبئا بتجاويف الصنادل معرضا نفسه للهلاك ليصل إلي بروكسلبلجيكا أرض الخلاص.. إلا أنه يجد نفسه يقيم في حجرة صغيرة في مبني أكثر حقارة حيث التكدس والقذارة والرائحة العفنة تفوح من المكان.. والمطلوب أن يعمل في الخفاء خائفا مطاردا من قبل الشرطة.. أما يمني الحبيبة التي تركها في البلدة فإن أهلها يجبرونها علي الزواج من أحد الرجال الذين يكبرونها.. لكن الزوج يكتشف أن الفتاة ليست بعذراء وبالتالي يعيدها إلي أهلها.. وقبل أن يقتلها والدها وأعمامها تقوم والدتها بتهريبها لتذهب إلي»فاس« حيث تقيم خالة لها. وبعد رحلة طويلة تكتشف أنها »توفيت« ليتقطها السائق العجوز عارضا عليها خدماته.. فيأخذ ذهبها بعد أن يقنعها بإمكانية سفرها إلي بلجيكا حيث »عزوز« حبيبها.. وبالفعل يتم تسفيرها لتجد نفسها منذ لحظة الوصول مجردة من أوراقها.. وجواز سفرها ومحتجزة مع فتيات آخريات من جنسيات مختلفة مجبرات علي ممارسة الرذيلة. ولاتستطيع أي واحدة الفرار أو طلب المساعدة وإلا تعرضت للتشويه.. والقتل.. ويستمر »حسن بن جلون« في استعراض حياة هؤلاء الفتيات من خلال شهادات حصل عليها في الحقيقة.. وكل شهادة هي مأساة بعينيها. وحتي عندما تنتحر إحدي الفتيات يتم دفنها وكأنها لم تكن موجودة أصلا في الحياة.. وتشاء الصدفة أن يلتقي »عزوز« ب »يمني« ويصاب بصدمة شديدة.. إلا أنه يتماسك بعدما يعرف الحقيقة ويعمل مع أصدقائه علي إنقاذها.. ومن الغريب أن رجال الشرطة كثيرا ما تتواطأ مع رجال العصابات وإن كان في وجود بعض الشركاء ما ينقذ الباقين. إن هذه المشكلة الكبيرة التي أصبح الإنسان فيها رخيصا وخاصة النساء تمتهن أجسادهن.. وكرامتهن يوميا كسلعة مصرح بها في البيع والشراء لكن المصيبة أن منهن من يسعين للهرب وإنقاذ أنفسهن لكن مجرد التفكير في الفرار يعني القتل.. أو التشويه.. وكفانا نفوس مشوهة.