جمال أسعد أشعل الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس والرجل الثاني في الكنيسة نيران الفتنة بتصريحاته الصحفية التي أكد فيها أن الأقباط مستعدون للاستشهاد إذا أراد أحد إخضاع الكنيسة للتفتيش أو المساءلة، ليتقمص دور الزعامة السياسية التي حاول من قبله البابا شنودة عام 1972 أن ينفذها بتصريحاته المستفزة التي أدت إلي إحداث الفتنة الطائفية الشهيرة وكادت تفتك بالوحدة الوطنية، لولا حنكة السياسيين في مصر وإسراعهم بإصدار قانون الوحدة الوطنية. تصريحات بيشوي المستفزة أثارت العديد من المفكرين الإسلاميين، فتصاعدت الأزمة بخروج د.محمد سليم العوا الأمين العام للمجلس العالمي لعلماء المسلمين علي الفضائيات ليطالب بضرورة إخضاع الأديرة للرقابة والتفتيش كأي مؤسسة في الدولة. زاد من تصاعد حدة الموقف تزامن هذه التصريحات والأخري المضادة لها مع أزمة نجل وكيل مطرانية بورسعيد جوزيف بطرس الجبلاوي مالك الشحنة التي تم ضبطها علي إحدي السفن مؤخرا تحمل متفجرات قادمة من الخارج قيل إنها من إسرائيل. بين هذا وذاك خرج د. محمد البرادعي رئيس هيئة الطاقة الذرية السابق محرضا الأقباط ومطالبهم برفع أصواتهم والدفاع عن حقوقهم ووصفهم بالأقلية التي لا تتمتع بحقوقها بسبب طغيان الأغلبية نتيجة التعامل السيئ مع الملف القبطي منذ سنوات.. السبب الرئيسي في تصعيد مسألة المطالبة بتفتيش الأديرة هو القرار الذي صدر باعتقال جوزيف بطرس الجبلاوي نجل وكيل مطرانية بور سعيد، وهو القرار الذي صدر بعد ساعات من قرار قاضي المعارضات الإفراج عنه، ومنعه من السفر بموجب قرار النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، وتم تحويل المتهم إلي النيابة التي أقرت بحبسه علي ذمة القضية رقم 756 لسنة 2010 إداري الميناء. الأمر لم يقف عند هذا الحد حيث تقدم المحامي نبيه الوحش ببلاغ للنائب العام حمل رقم 1576 وإنذار ضد وزير الداخلية بشأن أحداث بورسعيد ومطالبا بإخضاع مطرانية بور سعيد والكنائس التابعة لها للتفتيش، مؤكدا في بلاغه أن حادثة بور سعيد تعزز من الاتهامات الرائجة بتحول العديد من الكنائس والأديرة إلي مخازن للسلاح والمتفجرات خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلي إقامته دعوي قضائية رقم 48582 لسنة 64 ق بمجلس الدولة بإلزام الحكومة بوضع الأديرة في مصر تحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وتفتيشها من قبل الأجهزة الأمنية، بدعوي أن عدم تفتيشها يخل بالدستور خاصة المادة 8 التي تتعلق بتكافؤ الفرص، والمادة 64 الخاصة بالمساواة بين المواطنين. نبيه الوحش أكد لنا أن حادث بور سعيد يؤكد تصريحات بيشوي باستعداد الأقباط للاستشهاد، كما يؤكد علي الدعوات التي أطلقها مجموعة من الأقباط علي الإنترنت وتهديداتهم "بقلب الدنيا" إذا ما تعرض البابا لسوء، بعد الضغوط التي تعرض لها البابا شنودة في أزمة الزواج الثاني للأقباط، كما أن العديد من الوقائع السابقة تؤكد علي استعداد الأقباط للمواجهات المسلحة، من خلال الذخائر التي يتم وضعها في الأديرة والكنائس، والدليل علي ذلك حادث الكشح ودير أبوفانا عندما خرج القساوسة بالأسلحة الآلية علي المسلمين، وأضاف أن مثل هذه الوقائع تؤكد أن الكنيسة دولة داخل دولة. واتهم الوحش الكنائس بأنها خالفت دورها الرعوي وتحولت الي مجرد معتقلات للمسيحيات اللواتي أسلمن مثلما حدث مع وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة. وأضاف الوحش: التغاضي عن تهديدات قيادات الكنيسة يفتح شهيتهم الي المزيد من التطاول، والدليل علي ذلك كلام بيشوي، ومن قبله الأنبا مرقس عزيز اللذين طالبا برحيل العرب والمسلمين عن مصر بدعوي احتلالها بالحكم المسلح، ونسوا أن العرب والمسلمين حرروهم من قبضة الرومان. من الناحية الأخري كان السجال المتبادل بين د. محمد سليم العوا والأنبا بيشوي، حيث رفض العوا في تصريحاته ل »آخر ساعة« فكرة الحصانة الكاملة للأديرة في مصر، مؤكدا علي ضرورة خضوعها للقوانين المصرية كأي مكان آخر. حديث بيشوي عن وضع الأديرة ورفضه خضوعها تحت رقابة الدولة، وتلويحه بالاستشهاد إذا أراد أحد مس الرسالة المسيحية، استنكره العوا وقال: أرفض الحديث عن نية بيشوي بشأن الاستشهاد فاذا كانت نيته بالخير أو بالشر فحسابه عند ربه، لكن هذا يدل علي ان هناك ما يرتكنون إليه للخوض في حروب، ومن المفترض لدرء الشبهات إخضاع هذه الأديرة للدولة بما في داخلها سواء كان سريا أو علنيا، لأنه في غير ذلك ستكون مصر في خطر. مغالطات تاريخية أكد المفكر القبطي جمال أسعد أن تهديدات بيشوي تدل علي أن هناك مخططا من قيادات الكنيسة لتفرقة الوطن، وتتبني منهجا استعماريا صهيونيا، كما يحدث في فلسطين، وهو نفس المنهج الذي يتبناه المنهج الأمريكي المتصهين، وأضاف أن الكنيسة المصرية أثبتت أنها وصلت إلي درجة تهديد سلامة الوطن من خلال تصريحات الأنبا بيشوي، مشيرا إلي أن هذه التصريحات تكرس المناخ الطائفي. ووصف أسعد كلام بيشوي بأنه حديث في غير موضوعه ولا علاقة له بالوضع الحالي، متسائلا: من الذي قال إن مصر ملك للمسيحيين وأنهم قبلوا المسلمين ضيوفا عليهم ويتحملونهم حتي الآن، فهذا كلام لا علاقة له لا بدين ولا بالسياسة وكلام متعصب يرفضه العقل، فهذا كلام مستفز وله عواقب وخيمة، فما هو رد فعل أي مسلم علي هذا الكلام الذي خرج من قيادة كنسية كبيرة، فهذا تجريد للمصريين من وطنهم وجنسيتهم، وبالتالي يؤدي هذا الي التفرقة، فهذا الكلام به مغالطات تاريخية وجهل خاصة فيما يتعلق بأن المسيحيين فقط هم المصريون وأصحاب الوطن، مشيرا الي ضرورة محاكمة الأنبا بيشوي علي هذه التصريحات محاكمة كنسية علي الأقل، خاصة أنه ردد هذه التصريحات من قبل أكثر من مرة. وعن الاتهامات الموجهة بتحول الأديرة إلي مخازن للسلاح أكد أسعد رفضه هذه المزاعم، مشيرا الي أن هذه الاتهامات تثير الفتنة الطائفية، وعلي من لديه المعلومات أن يقدمها للأجهزة المختصة، فلابد أن تظل الدولة هي صاحبة اليد العليا في هذا الأمر.