هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أعادت التأكيد علي الموقف الشرعي من تصوير الأنبياء والرسل في الأعمال الفنية، وأشارت إلي أن الأعمال الفنية تسعي لتجسيد الواقع، بينما حياة الأنبياء وسيرهم فيها من الوحي والإعجاز والصلات بالسماء مما يستحيل تجسيده وتمثيله، وتجسيدهم فيه إساءة محققة لسيرتهم وحياتهم، وأكدت أن الأزهر بنص الدستور هو القائم علي بيان الرأي الشرعي، فيما يتعلق بالفكر والثقافة والاجتماع والاقتصاد، والأزهر ليس سلطة منع ولامصادرة، وليس ذلك من صلاحياته، ولا اختصاصاته، الأزهر واجبه إبداء الرأي الشرعي، والأزهر يرفض دعاوي حرق دور السينما. بيان كبار العلماء حسم موقفه من دعاة التخريب وأكد تمسكه برفض تجسيد الأنبياء والرسل علي الشاشة، ومع ذلك مازال فيلم نوح الذي أعاد إثارة الأزمة يثير الجدل والخلاف بين تيارين، أحدهما يتمسك بالموقف الشرعي للأزهر الشريف وعلمائه، وتيار آخر يري أن هذا الموقف يؤثر علي حرية الإبداع الفني.. تقول الدكتورة فاطمة الزهراء محمد سعاد جلال أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة حلوان تصوير الأنبياء في بعض المشاهد التمثيلية سواء في التليفزيون أو السينما وغيرها مكروه وغير مستحب علي الإطلاق لعدة أسباب: أولا لأن الرسل والأنبياء مصطفون من الله سبحانه وتعالي لهم عظمة وقدسية فلا يجب أن نضعهم في حجم بشر يقوم به أي ممثل لأن ذلك تقليل من شأنهم ومن شعور الناس بهذه المهابة .. وثانيا لأن هذا الممثل قد يقوم ببعض الأدوار أو المواقف غير الأخلاقية فيحدث بذلك تشويه للشخصية النبوية المقدسة علي الأقل في نظر الجمهور.. والسبب الثالث أن الممثل مهما كان مقنعا ومبدعا فلن يستطيع أن يوصل إلينا رسالة النبي أو الرسول فهذه الدراما لا تخدم الدين من قريب أو بعيد.. وترفض د. فاطمة الزهراء ربط المسألة بالإبداع الفني لأن العمل الفني لابد أن يتقيد بالنص الديني التاريخي فما الإبداع في ذلك وما قيمة الحرص علي تجسيد شخصية الأنبياء؟. فمهما حاول الممثل تقديم الشخصية باتقان أو محاولة التقرب من الواقع لا يستطيع لأنه لم يكن هناك تدوين وصفي وكل هذه الأمور كانت منقولة شفاهة. علي الجانب الآخر.. يرفض الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن مسألة المنع قائلا : القاعدة أن العمل الفني يعرض ولا يمكن أن يسيء لشيء ولا يمكن أن يضر المجتمع في شيء ومثل هذه الأفلام تقرب الناس إلي الدين وتمنع العزلة بين الأديان وبعضها البعض وكذلك بين الدين والبشر وتجاربنا العربية التي فعلناها في هذا الصدد أفادت كثيرا .. فالأفلام الدينية التي قدمتها أمريكا وغيرها أفادت المجتمعات الغربية ولاحظ الجميع أن الأفلام التي قدمت في الخمسينيات والستينيات عملت تيارا من التدين في الغرب أنقذها من الإلحاد والخلافات العقائدية وهذه الفترة جاءت بعد الحرب العالمية مباشرة .. وعندنا نفس التجربة فهذه الأفلام في صالح الإنسان وليست ضد الدين . وإذا كانت هناك محاذير فتراعي من البداية فإذا خرج عن هذا النطاق فإن هذا الفيلم يمنع أو يطلب حذف المشاهد محل الملاحظات .. اما المنع فكأننا ندفن رؤوسنا في الرمال فهل كل شيء لا يعجبنا ندفنه. ويتساءل الكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن: هل نقول للأفلام الدينية لا ونبيح الأفلام الخليعة والخارجة فهل هذا منطق؟ ويجيب: الخلاصة أن الإبداع لا علاقة له بالتخريب أو الإضرار بالمجتمع.