لا يختلف اثنان علي أن ثورتي 52 يناير و03 يونيو كان من أهم مكاسبهما إنتزاع الخوف الذي كان يسيطر علي عقل ووجدان الشعب بعد إسقاط رئيسين في فترة وجيزة واستمرارهم في إكمال خارطة الطريق وإنشاء دستور يعبر عن الإرادة الشعبية للمواطنين خاصة أن نتيجة الاستفتاء عليه جاءت رائعة وأقنعت العالم بأن الشعب عازم علي تقدم المحروسة والعبور بها لبر الأمان والاستقرار ولكن في ظل الفرحة بهذه المكاسب طرأت علي مجتمعنا سلبيات ظهرت واضحة في أخلاقيات الكثيرين ممن ساروا علي خط الحرية غير المنضبطة والتي أدت لعدم التزامهم بتقديم المصلحة العامة للوطن علي مصالحهم وآرائهم الشخصية، ولك أن تتصور مثلا أن غابة العشوائيات التي تمثل نقطة سوداء في مختلف محافظات مصر وصلت لأكثر من 1221 منطقة لأنها نشأت بدون تخطيط أوخدمات ويعيش فيها مايقرب من 51 مليون مصري تحت خط الفقر.. الأمر الذي دفع الكثيرين منهم للخروج علي القانون وممارسة أعمال البلطجة والمخدرات والأعمال الإجرامية المختلفة وأقرب دليل مايوجد علي أرض الواقع في عشوائيات مثل مناطق مصر القديمة وعزبتي مكاوي وأبوحشيش والمرج وشبرا الخيمة وغيرها، وقد لايصدق أحد ماقام به البلطجية خلال فترة الفراغ الأمني التي مرت بها البلاد.. بردم جزء كبير من ترعة الشرقاوية بمنطقة باسوس بالقليوبية وبنوا عليها مسجدا ومحلات وسرقوا التيار الكهربائي من الشارع وأوصلوه لهذه المباني وعرضوها للبيع وكأنها ملك لهم.. ورغم تقديم العديد من الشكاوي للحي وللشرطة لم يكن هناك أي جدوي.. ولذا أتساءل.. ألم يعرف المسئولون بالحكومة الحالية الضعيفة أن سكان هذه العشوائيات من ضحايا النظام الاجتماعي السابق الذي اضطرهم لتوزيع المخدرات خاصة لأنهم يعانون من البطالة ويعيشون في بيوت صغيرة من الطوب اللبن المليء بالشروخ ويعملون بمهن هامشية ويشكلون بؤرا للإجرام.. كفانا كلام المسئولين المعسول عن خطط تطوير العشوائيات.. وبات مطلوبا من الإدارة السياسية توفير فرص عمل لشباب هذه المناطق وتقديم معاشات للمحتاجين والمعاقين وتوفير حياة كريمة لهم وتخصيص مدن جديدة لهم في الظهير الصحراوي ومساكن ومستشفيات تتسم بالآدمية والتخطيط السليم وخفض أسعار الإيجارات.. وكم نتمني أن نري هؤلاء الغلابة في العشوائيات يهزمون بؤر البلطجة والإرهاب الصديدية داخل قلب المجتمع.. ويعبرون بمصر للمستقبل الباسم.. أعتقد أن ذلك ممكن أن يحدث لو نظر المسئولون في الحكومة ولو لمرة واحدة بصدق لهذه الفئة.. وذلك لأنهم في النهاية مصريون مثلهم لهم حقوق في نسيج هذا الوطن.