مبارك ملوحاً لأنصاره من غرفته بمستشفى المعادى العسكرى "11 فبراير 2011" يوم فاصل في تاريخ الدولة المصرية. تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن السلطة بعد 30 عاماً من حكمه للبلاد، علي إثر ثورة شعبية اجتاحت الشوارع بمطالب عِدة أبرزها "عيش. حرية. عدالة اجتماعية"، قبل أن يرفع المتظاهرون سقف مطالبهم إلي "إسقاط النظام"، ليستجيب مبارك وتبدأ بعد عدة أشهر "محاكمة القرن" له ولأركان دولته. بعد أيام قليلة وتحديداً في 11 فبراير الجاري، سيكون قد مر علي ذلك اليوم ثلاثة أعوام بالتمام، وسط مشهد مختلف كثيراً هذه المرة بعد سقوط جماعة "الإخوان"، حيث يستعد أنصار الرئيس "المعزول" محمد مرسي للنزول في ذكري التنحي الثالثة للتذكير بما يسمونه "جرائم نظام مبارك"، وبدماء من سقطوا في أحداث الثورة، بينما يحشد "أبناء مبارك" لليوم ذاته، للمطالبة بما يسمونه "رد الجميل لمبارك". تنامت في الآونة الأخيرة دعوات النزول إلي الشوارع والميادين، في ذكري تخلي مبارك عن السلطة، ففي حين أعلن "تحالف دعم الشرعية" المؤيد لجماعة "الإخوان"، تصعيد تحركاته ضد السلطة الحالية، عبر إعلانه "أسبوع الشعب يكمل ثورته" بدءاً من الجمعة الماضية وصولاً إلي ذكري التنحي في 11 فبراير الجاري، يتأهب أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك إلي الاحتشاد في عدة ميادين ومناطق في القاهرة والجيزة، وبخاصة أمام مستشفي المعادي العسكري التي يتواجد فيها مبارك حالياً لتقديم التحية للقائد العربي الشريف، علي حد وصف الحركات المناصرة له. ودأب أنصار مبارك علي إحياء ذكري تنحي الرئيس الأسبق، علي طريقتهم الخاصة، ففي الذكري الأولي في 11 فبراير 2012 نشروا أجزاءً من آخر خطاب لمبارك قبل تنحيه، علي موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والذي قال فيه "فاض بي الكيل وأريد أن أرحل لكني أخشي الفوضي ولن أغادر بلادي"، كما استبدل بعضهم صوره الشخصية علي الموقع الإلكتروني، بصورة سوداء مكتوب عليها: "11 فبراير يوم أسود في تاريخ الأمة". وتكرر السيناريو في الذكري الثانية العام الماضي، وبدا ذلك واضحاً في صفحات مؤيدي مبارك، الذين كتبوا عبارات تتحسر علي غيابه وخروجه من المشهد علي شاكلة "ولا يوم من أيامك يا ريس"، بينما فضل آخرون الوقوف في بعض الميادين مثل "مصطفي محمود" بضاحية المهندسين، للتذكير بإنجازات الرجل في الحكم، وتاريخه العسكري. استعدادات "أبناء مبارك" من جانبه قال المتحدث الرسمي باسم "حركات وائتلافات أبناء مبارك" حسن الغندور، إن هناك استعدادات قوية للذكري الثالثة لتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث سيتم التجمع أمام مستشفي المعادي العسكري يوم 11 فبراير الجاري، وسيأتي أنصار مبارك من جميع محافظات الجمهورية، إلي جانب بعض المنتمين للقبائل العربية، للمشاركة في فعاليات هذا اليوم. وأضاف الغندور في تصريحات خاصة ل"آخر ساعة": سيقوم أنصار مبارك بترديد هتافات أسفل المستشفي من بينها "شوفنا الذل وشوفنا العار.. بعد رحيلك يا طيار"، وكذلك "أشرف مصري حسني مبارك"، موضحاً أن الهدف الأساسي من وراء هذه الوقفة هو المطالبة برد الجميل للرئيس الأسبق باعتباره قائد العزة والكرامة للمصريين والعرب، علي حد قوله. ووجه الغندور الذي كان أحد جنود الحرس الجمهوري في عهد مبارك، وكان مقرباً منه، رسالة إلي أنصار جماعة "الإخوان"، تساءل فيها: "هل يستحق شباب مصر منكم كل هذا الدمار والموت؟" وقال: "أطالب الجهات الأمنية بحمايتنا من أتباع هذه الجماعة الإرهابية". بيان التحالف في المقابل أصدر "تحالف دعم الشرعية" الإخواني، قبل أيام، بياناً بمناسبة قرب ذكري تنحي مبارك، وجاء في البيان: إن المشير السيسي ومبارك وجهان لعملة واحدة، وأعداء لصورة واحدة، هي ثورة 25 يناير وشركاء في القتل والغدر، وأن إيمانكم بالله وعزمكم وتصعيدكم سيسقط السفاح، كما سقط المخلوع سابقاً، فامضوا في ثورتكم واكسبوا القلوب والأرض. وأضاف البيان: "التحالف يرصد خطراً شديداً علي الدولة مع إصرار الانقلابيين - علي حد وصفه - بحرق الوطن ونشر الخراب، وانتهاكات القضاة المتواصلة بحق الرئيس الشرعي المنتخب الدكتور محمد مرسي ورفاقه، والحركة الطلابية". كما طالب التحالف بتطوير الحراك الثوري، متمسكين بالمقاومة السلمية المبدعة وتابع: "نطالب بمشاركة المعتقلين في إضرابهم عن الطعام بصيام تضامني، مع تكثيف فعاليات التقرب إلي الله، ولنحتشد الجمعة في مليونية مهيبة بكل أرجاء الوطن، في بداية أسبوع ثوري مشهود تحت عنوان "الشعب يكمل ثورته"، استعداداً لحراك ثوري واسع في ذكري إسقاط "المخلوع"، ولتحرقوا صور السفاح وأعلام أمريكا والعدو الصهيوني والإمارات، ولتتأهبوا لما هو قادم. وعلي الرغم من اللغة التحميسية التي استخدمها البيان الإخواني، رغبة منه في حشد أنصار الجماعة خلال هذا الأسبوع إلا أن الجمعة الماضية لم تشهد تواجداً قوياً لهم في الشارع، باستثناء مسيرات محدودة في القاهرة والجيزة وبعض المحافظات، تعاملت معها قوات الأمن وفضتها بقنابل الغاز المسيل للدموع، وطاردهم الأهالي إلي الشوارع الجانبية، في حين أسفرت الاشتباكات مع قوات الأمن عن سقوط قتيلين في الفيوم والمنيا إلي جانب 12 مصاباً حصيلة مظاهرات الإخوان في ذلك اليوم الحركات الثورية تمتنع علي مستوي الحركات الثورية، أعلن تكتل القوي الثورية، الذي يضم عدداً من الحركات الشبابية والأحزاب السياسية، رفضه النزول في الذكري الثالثة للتنحي، وقال التكتل في بيان أصدره الأسبوع الماضي، إنه نظراً للمواجهات المتتالية بين الدولة والجماعات الإرهابية، وبينها "الإخوان المسلمون"، فإن التكتل يدعو الشعب إلي عدم المشاركة في أية فعاليات يوم 11 فبراير الجاري، خشية وقوع أي مصادمات أو اشتباكات بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي والجماعة الإرهابية لإفساد الذكري الثالثة، لافتاً إلي أن "أبواق الجماعة" ستدعي أن عدم المشاركة في الذكري الثالثة لتنحي مبارك تأكيد علي عودة النظام البائد، لاستعطاف الشعب، وتصوير أنفسهم أنهم أصحاب الثورة، وهي ادعاءات كاذبة وفقاً لما جاء في نص البيان. وقال عضو المكتب السياسي بتكتل القوي الثورية محمد عطية، إن جماعة الإخوان وضعت مخططاً لإفساد كل الاحتفاليات الخاصة بالثورة، فضلاً عن سعيها إلي "حرق الميادين" في ذكري تنحي مبارك، وهو السيناريو الذي فشلت الجماعة في تحقيقه في ذكري 25 و28 يناير، لافتاً إلي أن المكتب السياسي للتكتل رأي أن المشاركة في الاحتفال قد تسبب خطراً حيث ستكون ذريعة للإخوان لإفساد فرحة الشعب بثورته. في حين، قال منسق شباب حركة "كفاية" محمد فاضل، في تصريحات إعلامية، إن اللجنة التنسيقية للحركة ستجتمع لتحديد موقفها من الفعاليات القادمة وخاصة بإحياء ذكري "تنحي مبارك"، مرجحاً أن يتجه قرار الحركة إلي عدم المشاركة في إحياء الذكري، كما حدث في عدم مشاركتها في الاحتفال بذكري ثورة 25 يناير، وذلك حقناً للدماء ورفض الخلط بين مطالب الثوار ومطالب جماعة إرهابية خائنة للوطن، علي حد قوله. مواقف حزبية إلي ذلك، تدفقت التصريحات الإعلامية التي أدلي بها عدد من المسئولين الحزبيين، بشأن "ذكري التنحي"، والتي مالت معظمها إلي عدم المشاركة في أي فعاليات ميدانية في هذا اليوم، حيث علق نائب رئيس حزب "المؤتمر"، صلاح حسب الله، علي بيان "تحالف دعم الشرعية" الإخواني، الذي دعا فيه الأخير أنصاره إلي أسبوع من الفعاليات استعداداً لذكري تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، مؤكداً أن هذه الدعوة تعد استمراراً لحالة "الغياب عن الواقع"، التي تعيشها الجماعة الإرهابية وأنصارها. وأضاف حسب الله، في تصريحات له أن التحالف حالياً لا يتعدي عدد أعضائه بضعة أفراد، كما أن المؤمنين به والمستمعين إلي توصياته لا يتعدون العشرات بما يعني أن هؤلاء "يتحدثون مع بعض في الغرف المغلقة"، مبدياً استنكاره بسبب قيام الإخوان وأنصارهم بالاحتفال بثورة يناير وسقوط نظام مبارك رغم أنهم كانوا أكثر من تعاون مع هذا النظام بصفقات سرية. وأضاف حسب الله أن الجماعة غير قادرة علي إشعال العنف في مصر خلال ذكري تنحي مبارك مؤكداً أن الجماعة لم يعد لها وجود وأقصي ما يقوم به أعضاؤها هو الدعوة لتظاهرات في بعض الحارات الضيقة بعد منتصف الليل خوفاً من المصريين، الذين يتصدون إلي أي مظاهرة للعناصر الإرهابية. في السياق، قال مساعد رئيس حزب "الوفد" لشؤون الشباب، طارق تهامي: إن "الحزب لن يشارك في إحياء ذكري تنحي مبارك، معتبراً أن ذلك "ليس جيداً للدولة في الوقت الحالي، لأن أنصار الإخوان سيحاولون تعكير الصفو ولا يمكننا أن نشاركهم ذلك، ويجب أن نتجنب الاختلاط بهم".